في مشهد من أهم مشاهد (الجماعة 2) تحكي زينب الغزالي لمريداتها من النساء كيف قابلت الشيخ البنا ، وكيف دار الحوار بينهما بشأن طلبه منها الانضمام للاخوان وكيف أصابها هذا الطلب بصراع بين كونها داعية مستقلة تدير نفسها وبين كونها واحدة ضمن دعاة الجماعة تؤدي ماعليها لها من فروض الولاء والطاعة أولاً قبل أن تصنف في خانة النساء التي تقل عن الرجال .. كان المشهد رائعا قال خلاله الكاتب وحيد حامد الكثير في إطار صراع واضح بين قوتين واستطاع المخرج شريف البنداري التعبير عنهما بالحركة وأيضا الملابس حيث أرتدى ( البنا ) رداء أبيض وفقا لخيال الراوية وكان سجال الحوار والحركة نموذجاً لهذا النوع من المشاهد الأساسية في تعبيرها عن صراعات القوى سواء داخل نفس المعسكر أو خارجه وقد استطاع أداء صابرين ( زينب الغزالي ) وأياد نصار ( حسن البنا ) أن يعبر عن كل ما أراده الكاتب والمخرج ، وبعدها انطلقت صابرين – الممثلة الكبيرة التي بدأت حياتها على شاشة التليفزيون المصري منذ طفولتها – في تقديم شخصية زينب الغزالي ، رئيسة جمعية الاخوات المسلمات والقطب النسائي الأهم في الجماعة ، وفي رصيدها السابق عدد غير قليل من أهم الأعمال التي قدمتها الدراما التليفزيونية في مصر من (بابا عبده ) إلى ( ضمير أبلة حكمت ) إلى اعمال أخرى ، وفي العام الماضي قدمت مع المخرج محمد ياسين مسلسل ( أفراح القبة ) عن رواية لنجيب محفوظ في واحد من أهم الأدوار النسائية التي قدمتها الدراما المصرية تقلبت فيه من مرحلة الفتاة الشابة المتفتحة للعمل والحياة !) مرحلة الأم المقهورة بين ابن متمرد وزوج مراوغ ورئيس عمل متجاوز ومحيط ملئ بالصراعات المعلنة والخفية ، وفي تقديمها لشخصية ( زينب الغزالي ) فمركز صابرين على ثبات الصورة والشكل والملبس مع التلوين في الخطاب والمقدرة على المواجهة وتقديم ردود قوية ومقنعة لكل موقف وسؤال سواء عن الإخوة أو الأخوات . من المرشد .. للملك وفي نفس المسلسل ( الجماعة 2) لا تفاجئنا قدرات ممثلين مقتدرين عرفناهم من قبل مثل عبد العزيز مخيون في دور القاضي ثم المرشد الجديد للجماعة حسن الهضيبي والذي قدمه بقدر عال من الاحترافية صدر إلينا هذا المزيج بين الكبرياء والشموخ في حركات وإيماءات محسوبة جيدا وهو ما يختلف عن أداء مجموعة أخرى من نخبة الجماعة مثل نضال الشافعي ( الشيخ الباقوري ) ورمزي لينر ( المستشار رمزي الدلة ) وآخرين من أجيال أحدث مثل محمد الكيلاني في دور المحامي العشماوي والذي قفز به كثيرا بعد دوره الرومانسي في مسلسل (ونوس) العام الماضي، وأما ( محمد فهيم) في دور سيد قطب فهو أحد اكتشافات الدراما التليفزيونية هذا العام برغم أن هذا ليس عمله الأول ، وقد ساهمت ملامحه في إضافة المزيد من حضوره داخل العمل ، وهو ما تكرر أيضا مع ( محمد البياع) في دور الملك فاروق والذي بدا مقنعاً وقريبا من ملامح الملك المذكورة في وثائق وأدبيات عديدة ، إضافة إلى اختلافه التام عن الملك فاروق في المسلسل الشهير عنه والذي قام بدوره فيه تيم حسن ، البياع استطاع أن يؤكد حضوره كممثل واع بهذه الشخصية وأن يتقمص الشخصية ببساطة وعمق في آن واحد .. وهو ما لم يحدث مع سامر المصري ممثل دور عبد الناصر في المسلسل والذي بذل جهدا كبيرا في تقمص الشخصية وأدائها واستطاع ان يعبر بها من منطقة إلى أخرى ولكننا شعرنا بأنه يبذل جهداً كبيرا ، وأنه يعاني في الأداء مثلما يعاني من مؤامرات الإخوان عليه ، ومع الاختلاف الكبير بين دوري فاروق وعبد الناصر ، وكون الثاني هو الأكثر تداخلا مع الإخوان ضمن السياق الدرامي والتاريخي فإننا كمشاهدين وجدنا أنفسنا أمام تساؤل مهم هو هل من الأفضل لنا أسلوب التعبير الداخلي عن الأزمة أم الخارجي والذي تبدو فيه انفعالات الشخصية ولزماتها ونطراتها تأخذ مساحات مهمة في الدراما. من كاترين .. إلى مليكة * في " واحة الغروب" يأخذنا الأداء إلى خلافات الهوى والهوية بداية من اللحظة الأولى للعمل حين أحاطت البواخر الانجليزية بميناء رأس التين بالاسكندرية وضربته وأجهضت محاولة (أحمد عرابي) للاستقلال عن القصر والانجليز ، وحيث يتحول الضابط محمود عبد الظاهر (خالد النبوي) إلى عصفور في قفص رؤسائه وقائدهم الانجليزي قبل أن يعاقب بالنفي إلى واحة سيوة بحجة أنه ترقية ، في هذه المشاهد تأخذنا الأحداث بقيادة المخرجة كاملة أبو ذكري إلى أماكن ومساحات مختلفة من مصر ، وضباط زملاء ابتعدوا عن عرابي وتركوه للعقاب والنفي ، وغيرهم قرر أنه لا فائدة وليبقى عبد الظاهر وحده محاولا التمسك من خلال مشاهد متعددة برع في أدائها خالد النبوي بتقاطع مع مشاهد أخرى له في بيته في أحضان جاريته السمراء ليكشف لنا عن أزدواجية المعايير ، فمن يطالب بالحرية لبلاده يوافق على العبودية في حياته الخاصة !، ويضطر لقبول المساواة حين يقابل الايرلندية (كاترين) المغرمة بحضارة مصر وتاريخها (منة شلبي) ويبذل جهدا كبيرا في التواصل معها وهو ما استطاعت ان تقدمه منة شلبي ببراعة واجتهاد حقيقي في إطار انضباط مهني بالشكل والملامح وحتى لون البشرة ليصبح الأداء جزءا من منظومة كلية ، وغير النبوي ومنه ، فقد قدم أحمد كمال كعادته أداء متميزا في دور (يحيي) شيخ الغربيين في الواحة أمام الشيخ (صابر) القوي العنيد الأخر بأداء حمدي الشامي واكتمل الأداء بأداء ممثلتين جديدتين ، الأولى هي من قامت بدور (فيتونا) شقيقة (كاترين) المريضة ، أما الثانية فهي (راكان سعد) الأردنية الصاعدة الواعدة في دور (مليكة) التي فقدت زوجها رضوان ( أحمد مجدي) صباح زفافهما ،ورفضت بعده أي رجل آخر ، وتمردت على عادات وتقاليد الواحة الحديدية ، وغير هؤلاء هناك الشاويش إبراهيم مساعد المأمور محمود في دور قام به سيد رجب بمقدرة عالية على فهم كل تفاصيل النص والشخصية وفي الحقيقة أنه برغم وجود عدد من كبار الممثلين في هذا العمل ، وأيضا الممثلات المقتدارات مثل رجاء حسين ، إلا أننا أمام عمل وضع صناعة كود أدائي يخص كل ممثلين ولذلك لم يكن صعباً أن يصبح الأداء فيه متناغماً إلى هذه الدرجة مع جدران المعابد والبيوت وسلوكيات الناس المنسجمة داخل مجتمع مغلق على ذاته. لأعلى سعر .. وكود الأداء * من المجتمع المغلق إلى المجتمع المفتوح .. والمفضوح .. يقدم لنا أبطال مسلسل (لأعلى سعر) كل خططهم ومؤامراتهم في العلن وهو ما يؤكد عليه كاتب العمل مدحت العدل في كتابته للغة الجديدة التي تربط بين الكلمة بكل مفرداتها العارية وبين الفعل المتآمر بالحركة والصورة من خلال استخدام الأفلام والكليبات لفرض فعل على الأخر ، أو التأثير على محيطه ، أو فضحه ، وحيث يفلح المخرج ماندو العدل من أدارة ممثليه في إطار إعادة تقديم الواقع الآن وتكبيره ليدرك المشاهد المدى الذي وصل إليه في علاقاته بالآخرين حوله ، في هذا الإطار يتحول أداء نيللي كريم (جميلة) في الجزء الأول من المسلسل إلى رومانسية قديمة ترتد عليها لأسباب متعددة أولها احساسها بالارهاق ورغبتها في الراحة والبعد عن مسئولياتها فتختفي وراء نقاب تضعه وتتخفى وراءه قبل أن يواجهها أداء أخر ، عدواني وقح من خلال صديقة الامس ليلى ( زينة) التي تسرق الزوج والمكانة ثم الشقة والنفوذ مستخدمة نفس الفريق الذي اعتمدت عليه جميلة في البداية ، الزوج (أحمد فهمي) والام (سلوى محمد على) والشقيقان (أحمد مجدي وأحمد مدحت) وزوجة الثاني (سارة سلامة) التحول في الأداء بالنسبة لبطلة العمل جميلة كان حتميا ، وكان يعني تحولا داخليا عقليا ووجدانيا أولا قبل أن يكون تحولا ماديا، وكان لابد له من قوة دفع ممثلة في الأب الذي تركته الأسرة من زمن (نبيل الحلفاوي) أو عم مخلوف الموسيقار الفنان الذي اختلفت معه الأم الطبيبة وتركته بأولادها ، الحلفاوي بأدائه المختلف صنع فارقاً مهما في المسلسل ، لأنه استعاد لنا كمشاهدين ، ولابنته وحفيدته إيقاعا وجمالا متوازيا بما يمثله من أفكار ومن قناعات ومن اهتمام بعمله وتدريب أجيال جديدة من محبي الفن على ممارسته ، ومن خلال استعادة إيقاع الحياة الجميلة (وليس القديمة) ورؤاها التي تصنع بما يمتلكه الانسان بداخله وليس ممتلكاته المادية فقط ، استطاعت جميلة أن تتوازن ، بل تستعيد بريقها ، صحيح أنها شاركت في التآمر على هشام وليلى لتؤكد لهما أنها ليست ضعيفة ، ولا ضحية بلا حول أو قوة ، ولكنها استعادت إيقاع الحياة وقدرتها على تعليم جيل جديد من البنات .. الاداء في هذا العمل له صوت مميز متناغم مع الصورة ومنسجم مع الأحداث الدرامية وقد استطاع أغلب ممثليه وممثلاته استيعاب هذا وقدموه باتقان شديد ، وهناك أعمال أخرى ضمت إبداعات متعددة في فن الأداء مثل (هذا المساء) وبراعة أحمد داود ومحمد فراج وحنان مطاع وأياد نصار وأروى جودة والممثلة التي قامت بدور تقى ، ومسلسل (ظل الرئيس) ، وإبداع ياسر جلال في أداء الشخصية الرئيسية وحارس الرئيس ، ومحمود عبدالمغني في دور زميله و(حلاوة الدنيا) وأداء الفريق النسائي فيه هند صبري وأنوشكا ورجاء الجداوي وأسماء بوضيف ونهى عابدين مع ظافر عابدين ، (والحساب يجمع) وأداء يسرا وبوسى وإيمان العاصي وكريم فهمي ومراد مكرم ، و(كلبش) واداء أمير كراره ومحمد لطفى ودياب و(طاقة نور) وأداء مختلف فاجأنا به هاني سلامة و(لاتطفئ الشمس) وأداء أحمد مالك وريهام عبد الغفور وأمينة خليل وعارفة عبد الرسول أمام ميرفت أمين..