«أنت واحشني وعايز أشوفك» كانت تلك الكلمات هي آخر حوار هاتفي دار بين «نسيم» وابنه «مينا»، لم يتوقع الابن أن الموت سيحول بينه وبين أبيه بعد الساعات القليلة، عاش "نسيم" محبوبا بين الناس 54 عاما قضى منهم 20 عاما في خدمة الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، حتى أُنزل الستار فى النهاية التى كان فيها بطلا حتى اللحظة الأخيرة على مسرح جريمة إرهابية شنيعة أصابت قلب الوطن. نسيم ونجله مينا بدأت وانتهت القصة البطولية في دقائق معدودة، فبعد انتهاء قدّاس أحد الشعانين بالكنيسة المرقسية في الإسكندرية، اطمأن «مايكل سعيد» على خروج المُصلين من المكان، بحُكم عمله مسئولًا لكشافة الكنيسة منذ 10 أعوام، بعدها اجتمع بفريقه على بُعد قرابة 50 مترًا، من بوابة الخروج. وروي «مايكل» تفاصيل الحادث بدقة قائلاً:« للوصول إلى الكنيسة عليك المرور بشارعين، أحدهما يمين وآخر يسار، الأخير يحمل أسم شارع السلطان حسين،وي من هُنا مّر الإرهابي متعجلا لدخول الكنيسة عبر بوابة الخروج، لكن عّم نسيم أوقفه، فتردد الإرهابي عندما صار لزاما عليه المرور عبر البوابة الإلكترونية، فقال "أفجر نفسي على البوابة أحسن"، واستكمل مايكل بكلمات مختنقة" وحصل اللي حصل. ضحايا كتير وقعوا، والمشهد كان صعبا"،ولا أستطيع تخيل فداحة ما كان سيحدث إن لم يكن البطل نسيم موجودا». كان «نسيم» ذاهبا لقدره على قدمه كما روى الابن، قائلا: «والدي كان إجازة ولكنه رفض البقاء في المنزل وصمم على النزول والتوجه إلى العمل، وكنت أتمنى أن أكون مكان والدي، وابني الذي لم يولد بعد سيتعلم كيف يصبح فخورا بجده لأنه مات شهيدًا»،وأضاف مينا: «أنا فرحان بوالدي وهفضل أفتخر به العمر كله لأنه منع مفجر الكنيسة من الدخول، وسيظل موجودًا بذكراه الطيبة».
وفى السياق ذاته، قال «فوزي فهيم» شقيق نسيم: «أسرته تعرفت على جثته بصعوبة بالغة، من خلال أصابع قدميه لوجود "كالو" بها، ولوجود آثار عملية جراحية أجراها في إحدى ركبتيه مؤخرا، مضيفا: " أنا دخلت المشرحة مرتين ومعرفتهوش، مش هو ده وش أخويا، وشه كان سايح». وكتب أفراد عائلة "نسيم" عبارات حزينة تنعي فقيدهم فكتبت ابنة أخيه مونيكا فوزي: "لا أستطيع تخيل فكرة فقدانك خاصة أنني كنت معك منذ قليل، ومازال صوتك في أذني، ورغم حزني إلا أنني فخورة جدا بك"، وكتبت ابنة أخته: "خالو حبيبي انتقل إلى الأمجاد السماوية، البطل الذى فادى الناس بروحه"، وقال راني عدلي: "كنت لي صديق وصاحب وأب، سأفتقدك"، وكتب مينا نسيم: "أنا ابن الشهيد.. أبويا". وأنهالت التعليقات والدعوات المقدمة لعائلة الفقيد من أقاربهم وأصدقائهم والمواطنين المصريين سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، في ترابط وشعور بقوة الاتحاد رغم ألم الفراق الذي أصاب الجميع.