د. عز الدين حسنين: غياب الآلية الحكومية لضبط السلع وعلى المواطن المقاطعة د. عبد الرحمن طه: الضغط على البرلمان والحكومة لسن تشريعات قوية تحمى المستهلك
فى ظل الهبوط المتتالي لسعر العملات الأجنبية وعلي رأسها الدولار مقابل الجنيه المصرى، تظل أسعار السلع التي ارتفعت أخيرا بسبب زيادة العملة الأمريكية في ارتفاع، وهذه مفارقة لا يمكن تفسيرها لأنها ارتفعت بسبب جشع التجار الذين رفعوا الأسعار من تلقاء أنفسهم في اليوم التالي لتعويم الجنيه المصري في نوفمبر الماضى، متحججين بارتفاع أسعار الدولار برغم أن جميع السلع والمنتجات كانت موجودة في مخازنهم قبل ارتفاع الدولار، وبعد انخفاض الدولار يتحججون بأن الأسعار لم تنخفض إلا بعد شهرين من انخفاض الدولار، وكذلك يقولون ما دخل الدولار بالأسعار، وهنا الغرائب في هذه التصريحات. من المفارقات أيضا أن تجد تفاوتا في الأسعار بين كل المحلات، وأن الارتفاع الذي شهدته السلع في الفترة الماضية كان يرتفع كل لحظة وليس أياما وهو يضع علامات استفهام كبيرة حول أجهزة الرقابة علي الأسعار ومنها جهاز حماية المستهلك الذي لم يقم بدوره حتي الآن، فضلا عن فشل الأجهزة المنوطة بمراقبة الأسعار وترك التجار يتلاعبون بالأسعار، مما يستوجب علي المواطنين القيام بدور في مقاطعة السلع وعدم الشراء إلا للسلع الضرورية، مما يؤدي إلي ركود عمليات البيع وهو ما تم جزئيا الفترة السابقة لضعف القوي الشرائية للمواطنين وعدم المقدرة علي الشراء، وخصوصا السلع المعمرة مثل الأجهزة الكهربائية بعد ارتفاعها بنسبة تزيد على 100 ٪ وكذلك السيارات وفِي حالة مقاطعة السلع سيضطر البائع لتخفيضها بأي شكل كان، خصوصا مع موديلات العام الجديد، وفى الوقت الذى توقع فيه بعض الخبراء أن الأسعار لن تنخفض إلا بعد شهرين أو ثلاثة وبشرط استمرار انخفاض الدولار بسبب بيع السلع التي تم شراؤها بالدولار المرتفع. الدكتور عز الدين حسنين الخبير الاقتصادى، يشير إلي أن تراجع سعر الدولار حاليا لن يؤدي إلي خفض الأسعار حاليا بسبب أن كل التجار المستوردين والصناع لديهم مخزون من السلع والمنتجات والخامات تم شراؤها بسعر دولار مرتفع قارب علي 20 جنيها، ولكن هناك سلعا ستتأثر فوريا بخفض الدولار مثل الذهب والحديد والورق ومستلزمات الطباعة، والأسعار ستنخفض مع دورة النشاط التجاري المقبلة والتي ستبدأ خلال الثلاثة أشهر المقبلة بشرط استمرار انخفاض الدولار وعدم ارتفاعه. وأوضح أنه سيسهم فى عدم خفض الأسعار أيضا هو عدم وجود آلية حكومية حاليا في تسعير السلع والمنتجات وضبط الأسعار بالأسواق، تاركة الأسعار في أيدي التجار وآلية العرض والطلب، فعلي المواطنين بقدر الإمكان عدم شراء السلع المبالغ في تسعيرها من التجار والقيام بالممانعة بتركها في الأسواق حتى يستجيب السوق تلقائيا بخفض الأسعار، خصوصا أن الدولة لن تستطيع مراقبة الأسعار في كل الأسواق، ولكن علي الحكومة القيام بدور أكبر في توفير السلع الأساسية والخضراوات وطرحها في منافذها بأسعار منخفضة حتي تجبر التجار علي خفض الأسعار. وأضاف أن سوق سعر الصرف للدولار أمام الجنيه شهد ارتفاعا لقيمة الجنيه أمام الدولار، وبدأ الدولار في الانخفاض بشكل ملحوظ ووصوله إلي مستوي يقترب من 15 جنيها نزولا من مستوي 19 جنيها، وهو أمر يدعو إلي التحليل لهذا التطور في سعر الجنيه أمام الدولار، خصوصا أن البنك المركزي قرر تعويم الجنيه وتركه لظروف العرض والطلب بالسوق، ولا شك أنه وفق هذه الآلية يعني أن المعروض من الدولار أصبح أكثر من الطلب عليه، ولهذا أسبابه منها تدفقات الدولار علي البنوك المصرية من تحويلات العاملين بالخارج بمقدار 1.5 مليار دولار تقريبا شهريا، زيادة حصيلة التصدير مدفوعة بانخفاض الجنيه خلال الأشهر الماضية وزادت بمقدار 2 مليار دولار تقريبا، وانخفاض الواردات بمقدار 7 مليارات دولار، وتدفق استثمارات أجنبية غير مباشرة للاستثمار في أدوات الدين الحكومية بمقدار 2 مليار دولار تقريبا، ونجاح الحكومة في تسويق سندات حكوميه بالخارج بمقدار 4 مليارات دولار، وسداد الدولة لالتزاماتها الخارجية خلال شهر يناير الماضي، قيام البنوك الكبرى بسداد معظم المطلوبات الدولارية علي قوة اعتمادات مستندية ومستندات تحصيل كانت معلقة للمراسلين بالخارج، وانخفاض الطلب علي الدولار من المستوردين بسبب ارتفاع قيمة الدولار وركود مخزون كبير من السلع والمنتجات حاليا متوفرة بالأسواق وتعاني من انخفاض الطلب علي الدولار حاليا بسبب ارتفاع الأسعار وإحجام المواطنين وانخفاض طلبهم علي السلع والمنتجات بالأسواق، نشاط السياحة الملحوظ نسبيا خلال الفترة الماضية، مما يعني مزيدا من تدفق الدولار إلي البنوك من نشاط السياحة، كل هذه الأسباب تسببت في وجود وفره في المعروض من الدولار مقابل انخفاض الطلب عليه. وأشار إلي أن هناك سببا آخر لا يقل أهمية وهو رغبة الحكومة القوية في الاتجاه نحو خفض سعر الدولار بعد صدور تصريحات صندوق النقد الدولي وتأكيد البنك المركزي أن سعر الدولار ارتفع إلي أرقام قياسية، لم تكن متوقعة بعد قرار التعويم ويفرق سعره السعر العادل والحقيقي للدولار بعد قرار التعويم، والذي كان متوقعا أن يكون في حدود من 13 جنيها إلي 15 جنيها وهو أمر دعا الحكومة والمركزي إلي ضرورة خفض سعر الدولار إلي مستوياته الحقيقية خصوصا مع توافر المعروض من الدولار، أيضا وجود دولار بالبنوك بوفرة من حصيلة تحويلات العاملين بالخارج وحصيلة التصدير أسهمت في تلبية احتياجات المستوردين من السلع الإستراتيجية عند الطلب، مشيرا إلي أن البنوك بقيادة المركزي أصبحت تقود تحريك السعر بالسوق وفق رؤيتها وأصبحت السوق الموازية هي التابع لأسعار البنوك، بالإضافة إلي قيام الإعلام بالمساعدة في إبراز حاله انخفاض الدولار بشكل ملحوظ مما سبب ذعرا عند صغار المضاربين في سرعة التخلص من الدولار بحوزتهم خشية مزيد من الخفض للدولار، وبالتالي مزيد من الخسائر، فالأمر إذن لا يتعلق بنشاط ملحوظ في الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية خصوصا أن نشاط الاستثمار الأجنبي المباشر ما زال غامضا وغير واضح وأن التصدير يسير بخطي بطيئة نسبيا. وتابع أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية أسهمت في هذا الانخفاض الملحوظ للدولار، وهي ارتفاع المعروض من الدولار بسبب خفض الواردات وزيادة تدفق الأموال الساخنة من الاستثمار في أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الأجانب، والحرب النفسية التي مارستها وسائل الإعلام المختلفة لبث الذعر بين صغار المضاربين للتخلص من الدولار بحوزتهم، متوقعا استمرار الانخفاض خلال الشهر الحالي (شهر فبراير) الذى تتوافق معه الإجازة السنوية للصين التى تسببت نسبيا بخفض خروج الدولار للصين خلال تلك الفترة من15 يناير إلي 15 فبراير، فسعر الدولار سيصل إلي 15 جنيها وهو مستوي الانخفاض الأقصي وسيواصل بعدها الصعود خلال شهري مارس وإبريل مع زيادة الطلب علي الدولار بدخول شهر رمضان واستيراد مستلزمات الشهر الكريم وعيد الفطر ومن بعده عيد الأضحى، وأن أقصي ارتفاع سيكون في مستوي 18.50جنيه، إذ سيكون سعر صرف الدولار أمام الجنيه محصورا مابين 15جنيه إلي 18.50 جنيه حتي نهاية العام. ومن جانبه يقول عبد الرحمن طه الخبير الاقتصادي إن هناك ثلاثة مطالب من المواطنين لمواجهة ارتفاع الأسعار تتمثل في ضرورة الضغط على البرلمان للقيام بسن تشريعات قوية مثل القوانين الخاصة بالجودة وحماية المستهلك والتموين والضغط على الحكومة لزيادة الإنتاج المحلي وإنتاج الخامات كذلك مطالب الشعب بتثقيف نفسه اقتصاديا. وأضاف أن غياب الرأي العام الاقتصادي هو الذي أوصلنا لهذه الحالة الحالية وتتكون أركانه ممن ثلاثة أشياء وهي إرادة شعبية وتشريعات برلمانية وجهات تنفيذية، وهذه الأركان الثلاثة هي القادرة علي خفض الأسعار بنسبة 30 % بالإضافة إلي إنتاج محلي كامل يستطيع أن يعمل علي خفض 70 % من الأسعار وبذلك يتم حل مشكلة الأسعار.