قلق وغضب ومناقشات جادة من اجل وضع سيناريوهات الخروج من الازمات العربية.. هكذا كان الحال اثناء الاجتماع الاخير للمجلس المصري للشئون الخارجية برئاسة السفير محمد شاكر. فمشاعر الغضب والقلق سيطرت علي اجواء اللقاء, بسبب الموقف المتخاذل للجامعة العربية والدبلوماسية المصرية حيال الأزمات التي تتعرض لها كل من ليبيا وسوريا واليمن. فقد انتقد السفير محمد شاكر الموقف الضعيف للجامعة تجاه ما يجري في الدول الثلاث. وقال: كان يجب أن تأخذ الجامعة زمام المبادرة في هذه الازمات وأن تكون اللاعب الاساسي في الخروج منها.. وكان علي( مصر الثورة) أن تؤيد وتحمي الثورات العربية. الدبلوماسية المصرية كان لها نصيب كبير من اللوم, حيث قال شاكر: لا يمكن أن تقف مصر موقف المتفرج عما يحدث حولها وكان عليها الاستجابة الفورية والقوية للدعوات التي طالبت بتدخلها من قبل بعض الدول العربية للحفاظ علي هذه الثورات ودعمها. هذا الانتقاد لم يكن الوحيد, فقط طالب الحاضرون بعودة مصر لتتصدر المشهد العربي كما كان في الماضي واستعادة دورها الاقليمي بقوة دون النظر إلي التضحيات التي سوف تقدمها في سبيل تحقيق هذا الهدف وذلك تحت مظلة الجامعة العربية أو خارجها إذا تتطلب الأمر حفاظا علي الأمن القومي المصري. وعزا الحاضرون عدم قدرة مصر علي التواصل مع أطراف الأزمة في المناطق التي تقع فيها الاحداث, الي غياب الدور المصري بشكل عام عن المشهد في الأحداث التي تعيشها الأمة العربية. وقد خرجت الندوة عبر آراء المشاركين, بالتأكيد علي أهمية تنشيط دور الدبلوماسية المصرية لترجمة مبادئ ثورة25 يناير إلي أفعال, وضرورة تحرك الخارجية المصرية للقيام بدور فاعل لحل الأزمات في الدول العربية التي شهدت ثورات شعبية مستلهمة عظمة الثورة المصرية. مناقشات المجلس المصري حول مستقبل الانتفاضات العربية لم تتوقف فقط عند توجيه اللوم او الانتقادات سواء للجامعة العربية او الدبلوماسية المصرية, وانما اجتهد المشاركون وهم نخبة من السفراء والاكاديميين والمختصين في محاولة تقديم حلول للخروج من هذه الأزمات والحفاظ علي وحدة الشعوب العربية. وقد حظي الملف السوري بصدارة المناقشات, حيث جسامة المجازر اليومية التي يتعرض لها الشعب السوري الشقيق, حيث حدد السفير محمد شاكر خمسة احتمالات لتغيير الوضع هناك وهي: سيطرة النظام علي الأوضاع, التوصل إلي حل من خلال التفاوض مع الثوار بوساطة تركية, حدوث انقلاب عسكري علي نظام الأسد, وقيام حرب أهلية. اما السفير محمد بسيوني, سفير مصر الأسبق لدي إسرائيل, فقد اشار صراحة خلال تقييمه للوضع في سوريا الي الدعم الإيراني الكبير إلي نظام بشار الأسد لقمع ثورة الشعب السوري, في ظل قلق من جانب إسرائيل إزاء تغيير هذا النظام الذي لم يطلق رصاصة واحدة من الجولان المحتل منذ تولي بشار الأسد حكم البلاد. وبحكم خبرته الكبيرة في الشأن السوري, قال بسيوني: النظام السوري يعتمد علي تنظيم علوي دقيق جدا داخل القوات المسلحة, وأن نجاح الثورة في سوريا يعني نهاية الطائفة العلوية التي لا تمثل سوي12% من عدد سكان سوريا, الأمر الذي يدفع قادة الجيش ومعظمهم علويون- إلي ضرب المتظاهرين بكل عنف. ويعتقد بسيوني انه بامكان هؤلاء القادة العلويين أن يسقطوا بشار الاسد, فمثلا هناك احتمال بقيام نظام علوي- علوي أخر يقوم بعزل الرئيس الاسد من الحكم, ويحافظ في نفس الوقت علي النظام العلوي ككل في حكم البلاد. ويتمثل هذا التيار في رفعت الأسد الذي كان علي خلاف مع الرئيس الراحل حافظ الاسد وانضمامه إلي المعارضة السورية وكذلك فرص ابن رفعت الاسد قابلة للتطبيق. وتوقع بسيوني اندلاع حرب اهلية, منوها الي ان السبب في رؤيته هذه تعود الي أن الجيش السوري يتعامل بعنف شديد في مواجهة الثورة. وقال: الثورة متفاوتة في العديد من المدن السورية, وسيطرة الجيش ليس علي كل الأراضي, فمثلا منطقة حماة يسيطر عليها الإخوان المسلمين وتعتبر معقلا لهم ولا وجود للجيش السوري في هذه المنطقة. الملفان الليبي واليمني كانا حاضرين بقوة خلال المناقشات التي بحثت في السيناريوهات المختلفة لانقاذ الثورات الشعبية العربية.