اعلنت موسكو أن19 مارس سيكون موعدا لانعقاد المجلس الوزاري للرباعية الدولية لبحث آفاق التسوية الشرق اوسطية واستئناف المباحثات بين الاطراف المعنية. هذا الاعلان الذي صدر مؤخرا عقب زيارة بنيامين نيتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية يكشف عن أبعاد محاولات الدبلوماسية الروسية للعودة الي الساحة التي ثمة من يقول انها لم تتركها. فيما يقول آخرون انها تفتقد آليات التأثير الفعالة للقيام بوساطة حقيقية بين الأطراف المعنية في ظل تغول أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلية أحد أبرز ممثلي المهجر السوفيتي من أجل المزيد من التقارب الإسرائيلي الروسي خصما من البعد العربي. كان من الطبيعي ان نستهل لقاءنا مع الاكاديمي يفجيني بريماكوف رئيس الحكومة الروسية ووزير الخارجية الاسبق بالسؤال عن تعثر محاولات التسوية في الشرق الاوسطوهو ما اجاب عليه بقوله:' اعتقد ان نيتانياهو يسعي نحو تكريس الامر الواقع او بقول آخر المماطلة من اجل ترحيل التسوية الي اجل غير مسمي. وذلك امر بالغ الخطورة فيما قد تزداد خطورته في حال استطاعت الحكومة الاسرائيلية اقناع الولاياتالمتحدة بذلك نظرا لان تاريخ النزاع في الشرق الاوسط يشير الي أن فرض الامر الواقع لم يستمر يوما علي مدي تاريخه لفترات طويلة. ولطالما شهدنا تهاوي الامر الواقع تحت وقع اندلاع الازمات وانفجار الصراعات المسلحة'. ومضي بريماكوف ليكشف عن وجود محاولات من الجانبين لاستغلال عدم الرغبة في استئناف المباحثات لتفجير الموقف في المنطقة من خلال انتفاضة جديدة لا بد ان تقابل بعمليات عسكرية من جانب اسرائيل. وحذر عميد الدبلوماسية الروسية وأحد أكبر خبراء المنطقة في روسيا والعالم من احتمالات نشوب هذه الانتفاضة التي قال ان حماس تدعو اليها مشيرا الي ان ذلك قد يرمي بالمباحثات الي الوراء لسنوات طويلة وهو ما يعني ضمنا الابقاء علي وضع يضر بكل الاطراف المعنية في المنطقة ومنها البلدان العربية ذات الانظمة المعتدلة. وقال:' ان مثل هذه الاوضاع تفتح الباب امام اندلاع تحركات الاصوليين الاسلاميين من ذوي النزعات المتطرفة وهو ما يخفي في طياته الاخطار الجدية وتزايد التاثير الايراني علي تطورات الاحداث'. وكان بريماكوف سبق واشار الي مسئولية الولاياتالمتحدة تجاه ظهور ايران كقوة عظمي. وقال ان ذلك يعود الي الفترة التي بدأت فيها عملياتها العسكرية في العراق والتي اسفرت عن انهيار توازن القوي القائم في المنطقة منذ سنوات طوال, الامر الذي اسفر عن صعود ايران الي مستوي القوة الكبري في الشرق الاوسط والتي يجب ان يحسب لها حساب علي حد قوله. اما عن الدور الامريكي فقد اعاد بريماكوف الي الاذهان ما اعلنه الرئيس باراك اوباما حول تأييده لضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وأهمية توقف اسرائيل عن الاستمرار في بناء المستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وقال ان مثل هذه التصريحات غرست الامل في جدية تحركات الولاياتالمتحدة صوب العمل من اجل تحقيق التسوية السلمية الامر الذي جاء مواكبا للجهود التي تبذلها مصر من اجل تحقيق المصالحة بين الاطراف الفلسطينية وتصفية العراقيل التي تتناثر في الجانب الفلسطيني علي طريق التسوية السلمية في الشرق الاوسط. واعرب بريماكوف عن اسفه تجاه عدم بلوغ الجهود المصرية للهدف المرجو وتحقيق النجاح الكبير. واشار ايضا الي ان الرئيس الامريكي غارق في همومه الداخلية في وقت يسعي فيه العديد من اعضاء فريقه الي تفريغ ما اعلنه من توجهات وشعارات في بداية فترة حكمه من محتواها وهو ما يستفيد منه من يريد الحفاظ علي الامر الواقع. وحذر بريماكوف من مغبة الخطورة البالغة لمثل هذه التوجهات. لقاؤنا مع بريماكوف جاء في اعقاب اعلان برنارد كوشنير وزير الخارجية الفرنسية عن فكرة اعلان قيام الدولة الفلسطينية بقرار من الاممالمتحدة وهي فكرة تتفق مع ما سبق وافصحت عنه اصوات فلسطينية قالت بضرورة تبني مجلس الامن لفكرة اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية من جانب واحد. وكان بريماكوف سبق وتناول نفس الفكرة حين اعاد الي الاذهان ان اسرئيل قامت بقرار من الاممالمتحدة بدون مفاوضات, ولذا فقد كان من الطبيعي ان نستوضح مدي احتمالات نجاح الفلسطينيين في تبني نفس التوجه وهو ما سارع بريماكوف بمقاطعتي ليؤكد ان مثل هذا الامر ينذر الآن بمخاطر كثيرة. واضاف:' المهم الآن سرعة استئناف المفاوضات في ظل ضرورة توفير الضمانات اللازمة لنجاحها. كما ان طرح اعلان قيام الدولة الفلسطينية في الاممالمتحدة لابد وان يدفع الولاياتالمتحدة الي استخدام الفيتو وهو ما سوف يفضي لاحقا الي اتساع الهوة القائمة'. وقال ان الحل الوحيد يتمثل اليوم في استئناف المفاوضات في ظل تكثيف الولاياتالمتحدة لجهودها في هذا الاتجاه. وحول الاجتماع الوزاري المرتقب للرباعي الدولي في موسكو طرح بريماكوف جملة من المقترحات حرص علي تاكيد انها تصوراته الخاصة وليست تعبيرا عن وجهة نظر رسمية. قال ان' الرباعي' يبدو مدعوا لوضع خطة مرحلية دون الاغراق في التفاصيل. واشار الي ان موضوع اللاجئين يمكن تناوله من منظور بحث السبل المناسبة لحصول الغالبية من اللاجئين الذين لا يريدون العودة علي تعويضات مالية مناسبة وبحث موضوع عودة الجزء الباقي ممن يريدون العودة الي الاراضي الفلسطينية بالدرجة الاولي. اما عن الحدود فقال بضرورة تبادل الاراضي في المناطق الحدودية بنسب تسمح بالحفاظ علي المساحة الاجمالية للاراضي الفلسطينية بما يتفق مع نسبتها في اطار حدود عام1967. واشار بريماكوف الي ان الامر يتوقف بالدرجة الاولي علي الولاياتالمتحدة من اجل اقناع الطرفين بمثل هذه التصورات شريطة ربطها بتهديد توقف المجتمع الدولي عن الوساطة. وكان بريماكوف سبق واشار الي ضرورة ان يكون الرباعي الدولي مسلحا بآلية الرقابة علي تنفيذ قراراته وايفاد مراقبين تكون مهمتهم مراجعة ذلك بالتنسيق مع الاطراف المعنية وهو ما استبعد الكسندر سلطانوف نائب وزير الخارجية امكانية تحقيقه علي ارض الواقع مؤكدا ان الرباعي الدولي لا يستطيع فرض هذه الرقابة التي يجب ان تكون نتاج اتفاق الاطراف المعنية.