لا أكتب مشكلتي اليوم سيدي كشكوي مما وصل اليه حالي لاني أؤمن بقول الشاعر:( لا تشكي للناس هما انت ملكته.. فالجرح لا يؤلم غير صاحبه) أو حتي انتظر كلمات تعاطف أو مواساة ولكني أكتبها كي استشيرك فيها. انا ابنة ترتيبي الخامس من أسرة محافظة تحكمها العادات والتقاليد حتي الخروج من المنزل لابد ان يكون إما للدراسة أو للطبيب إذا مرضنا.. لم ينبض قلبي بأي عاطفة تجاه أحد طوال حياتي لأنني ادخرت كل حبي ومشاعري لمن سيجمع الله بيني وبينه في الحلال.. فتقدم لي زوجي ولم أكن أعرفه أو حتي رأيته من قبل واتفق مع اسرتي أن يكون عقد القران الاسبوع التالي والزفاف خلال شهرين فقط, فوافق أهلي بعد أن اقنعتني أمي بالزواج منه, خاصة انه رجل ذو مركز مرموق وأن الحب يأتي بعد الزواج. وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فمن أول يوم لزواجي, رأيت شخصا آخر غير الذي تقدم لي.. كان عصبيا يثور لأتفه الأسباب دون سبب مني جاف المشاعر كأنه نشأ وتربي في بيئة صحراوية ولم ير أو يتعامل مع أناس من قبل. فلم أطق الاستمرار في حياتي مع زوجي الذي لم أحبه كما كنت أتوقع وانتظر, لدرجة اني أصبت بحالة من الاكتئاب بعد ما فعلت كل استطيع فعله حتي أتقرب منه لكن دون جدوي, حتي تمنيت أن يطلقني ويطلق سراحي.. لكني لم أجرؤ علي طلب الطلاق في بادئ الأمر لأني لم أجد سببا يمكنني الاستناد عليه في طلبي الطلاق ومع اني لم أعد أطيقه وكذلك لخوفي من حمل لقب مطلقة وخوفا من نظرات الناس للمطلقة خاصة الأهل والأقارب. لم أجد معه سيدي المودة والرحمة التي ذكرها الله تعالي في قوله:( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).. وقد ورد إلينا في السنة ان الرسول عليه الصلاة والسلام كان قلبه يخفق عند سماع صوت هالة أخت السيدة خديجة لأن صوتها يشبه صوت أختها.. فكرت في الانجاب كخطوة يمكن ان تجدد حياتي وأن تزيل جبال الجليد المتراكمة وأن تنسيني همومي وحتي أبث مشاعري الحبيسة نحو أطفالي, وبرغم أن مشاعر الحب نحو الأطفال وعاطفة الأمومة تختلف عن حب الشريك والزوج.. حسبتها خطوة تخلق أملا في ان يتغير سواء معي أو مع أولادنا فوجدته كما هو غليظ القلب لا يحنو علي أطفاله ويعاملهم بقسوة شديدة وبرد فعل عصبي تجاه أي هفوة أو حتي خطأ غير مقصود. ولما لم أجد منه تغييرا أو بادرة تجعلني أتعلق بالصبر وأتمسك بالأمل في تعديل الطباع طلبت منه الطلاق مرغمة كارهة.. فرفض هو الأمر رفضا باتا.. ولأني أؤمن بأن الطلاق العاطفي يؤثر علي الأبناء بصورة أقوي من الطلاق الفعلي لذلك طلبت منه أن يتزوج وأنا في عصمته وأن يخرجني من حساباته تماما.. وأولاده يراهم في أي وقت شاء ولكنه لم يقبل, وبدأت امتنع عن حقوقه الزوجية, ومازلت, وكأني انتقم منه حتي يطلقني ومع ذلك رفض الطلاق. وبدأت أطرق أبواب الأطباء في جميع التخصصات الطبية أشكو من أعراض نفسية وجسمانية من كثرة ما ألاقيه من معاناة وفكر وألم تذهب بالعقل وتؤرق القلب وتمرض البدن, ويأتي التشخيص المتكرر بأنها أعراض نفسية نتيجة الضغوط الحياتية. سيدي أصبحت أعاني وأتألم كثيرا وأعيش حالة مريرة من العذاب والحيرة لأني أعتبر زوجة عاقة في نظر الناس.. وزوجي سيكون سببا في دخولي النار وأنا أخاف الله وأقيم الفرائض والنوافل ولكن ما الفائدة والرسول يقول:( ايما امرأة باتت وزوجها غضبان عليها لعنتها الملائكة حتي تصبح) والمرأة التي تموت وزوجها راض عنها تدخل الجنة, وبذلك أكون خسرت الدنيا والآخرة وانا الضحية في النهاية. أعيش سيدي صراعا مريرا بين ما أؤمن به وأتمناه وبين ما ألاقيه علي يد زوجي من هم وغم.. كنت أحلم سيدي برجل يحتويني, فالرجولة في نظري ليست تركيبة تشريحية أو وظائف فسيولوجية وأنما عدل ورحمة ومروءة وتسامح واحتواء وحماية ومسئولية, فلم أجد عنده للأسف صفة من هذه الصفات لأنه يتعامل مع الزواج وكأنه ظاهرة طبيعية لا تتطلب منه أي مجهود ليحافظ عليها مع أنه يبذل أقصي جهده في عمله حتي وصل لمنصب كبير يحسده عليه الكثيرون.. صبرت كثيرا وطويلا حتي يبدو التغيير أو حتي المحاولة ولكن يبدو وكأني أنتظر المستحيل.. فماذا أفعل الآن سيدي؟ سيدتي.. ليست هذه المرة الأولي التي انشر فيها مثل قصتك, فهي قصة كثير من الزوجات, مع اختلاف الحكايات لكن المعاني واحدة, زوج جاف, عصبي, غير عاطفي, لا يعبر عن مشاعره بأي كلمات حب, وغيرها من المبررات التي أصبحت قاسما مشتركا لكثير من الرجال. وكما قلت الجرح لا يؤلم إلا صاحبه, فإن القرار دائما يكون بمحاولة مداواة الجرح, أو القضاء علي مصدر الألم. فإذا بحثنا عن سبل للعلاج, هل لديك أمل أو رغبة في ذلك, أم أنك انفصلت جسديا ونفسيا عن زوجك؟, إذا لم يكن لديك رغبة فحتما لا يوجد الا الطلاق وهو الحل الأبغض والأصعب, فهل تذهبين إليه مباشرة؟ هل سدت كل الطرق؟.. هل لديك تصور عن حياتك وحياة أطفالك بعد الطلاق, أم أنه سيكون قرارا تحت ضغط عصبي ونفسي؟! أطرح عليك كل هذه الأسئلة, لأني أحكم علي القصة من وجهة نظر واحدة, وعلي أن أفكر في الطرف الآخر واتساءل: لو كان لا يحبك ولا يريدك وفظا وغليظا, فلماذا لم يقبل بطرحك أن يذهب ويتزوج مع الإبقاء عليك اسما فقط؟ تمتنعين عنه حتي تضغطي عليه ليطلقك ولم يفعل وهو العصبي المنفعل دوما.. لماذا؟! سيدتي.. لا أشكك فيما تقولين ولكني أسأل فقط, فالطلاق ليس بالأمر الهين, وقد رأيت الكثيرات يسعين نحو الطلاق وكأنه النجاة والبداية لحياة أفضل ثم يكتشفن انهن هربن من عذاب أو ألم محتمل ومتكرر في البيوت إلي مآس, ما بين المحاكم والبحث عن عمل وعن شقة وعن زوج يناسب الوضع الجديد وضياع الأبناء بين الأبوين. هذا لا يعني أن زوجك لا يتحمل المسئولية الأكبر فيما وصلت اليه, فمثلك حافظة لدينك, راعية لبيتك, يجب ان يحافظ عليها مهما كره منك, يعاشرها بالمعروف كما أمره الله سبحانه وتعالي: وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسي ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.. وان كان حريصا علي النجاح في عمله وبذل كل الجهد من أجل ذلك فالأدعي أن يبذل جهدا أكبر للحفاظ علي اهله, فهم الأبقي, السند والمستقبل. هل القسوة والجفاء من علامات الرجولة.. ألم يكن رسولنا الكريم حنونا مداعبا خادما عليه صلوات الله وسلامه لأهله. سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه القوي الشديد في حكمه وعدله ألم يقل ينبغي للرجل ان يكون في أهله كالصبي أي في الانس والسهولة فإذا كان في القوم كان رجلا. إذن سيدتي عليك وعليه الحفاظ علي بيت بنيتماه معا, ما المانع ان تبحثي عن فرصة أخيرة, وهو كذلك, تشركان أطرافا من عائلتيكما يحكمان بينكما, أو تسمحان لي بهذه المحاولة, فما بينكما يستحق التجاوز والتنازل والتقارب, فالهدم يسير ولن تدفعا ثمنه وحدكما, فلماذا لا نرمم البناء قبل أن ينهار.. اذا كان ذلك ممكنا؟ أدعو الله لكما.. وإلي لقاء قريب بإذن الله.