شهد الرئيس حسني مبارك مساء أمس احتفال مصر بذكري المولد النبوي الشريف الذي تقيمه وزرة الأوقاف سنويا, حيث ألقي كلمة مهمة وكرم الفائزين في مسابقتي الحديث والبحوث الدينية حول السيرة العطرة والسنة النبوية. يبلغ عدد الجوائز ثمانية وقيمتها المالية بلغت68 ألف جنيه إضافة إلى اعتبار بحوثهم اضافة إلي المكتبة الإسلامية وخدمة للدين الحنيف. كما كرم الرئيس حسني مبارك ثمانية من قدامي العاملين بالأوقاف والقطاع الديني من بينهم اثنان من خارج مصر, وذلك بمنحهم الأوسمة نظير ما قدموه خلال فترة عملهم من جهد للارتقاء بالعمل, وما قدمه علماء الخارج من إضافة اظهرت الوجه الحقيقي للإسلام. تحدث في الاحتفال فضيلة الامام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الذي قدم هدية الوزارة والأزهر الشريف إلي الرئيس مبارك. شهد الاحتفال الذي بدأ بآيات من القرآن الكريم رؤساء مجالس الوزراء والشعب والشوري والوزراء والمحافظون وسفراء العالم الإسلامي والقيادات الشعبية والتنفيذية وعلماء الأزهر والأوقاف. ألقي الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف, كلمة أمام الرئيس مبارك جاء فيها: السيد الرئيس محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية الحفل الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... في رحاب ذكري المولد النبوي الشريف تتوارد علي الأذهان الكثير من الذكريات الروحية المحببة الي النفوس والغنية بالإشراقات النورانية التي تعمر القلوب بصدق الإيمان وقوة اليقين, كما تذكرنا بقوة الروابط التي تربط الرسالة المحمدية بكل رسالات السماء منذ بداية الخلق حتي محمد صلي الله علي وسلم. ولنا في مصر بصفة خاصة ذكريات وروابط متينة بصاحب الذكري عليه الصلاة والسلام وبالأنبياء من قبله, وهي ذكريات نعتز بها وبما تركته من آثار بالغة الأهمية في الشخصية المصرية, والتاريخ شاهد علي ارتباط مصر بكوكبة كبيرة من أنبياء الله علي مدي التاريخ, وأقدم هذه الروابط كانت مع أبي الأنبياء إبراهيم, عليه السلام, الذي تزوج هاجر المصرية وأنجب منها إسماعيل جد العرب جميعا, كما قدم إليها سيدنا يعقوب للقاء ابنه يوسف عليه السلام, الذي قال عندما استقبل أبويه علي مشارف مصر: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين, كما تربي موسي عليه السلام في قصر ملك مصر, وشاءت الإرادة الإلهية أن ينجي الله عيسي عليه السلام من غدر الغادرين فحملته أمه السيدة مريم وجاءت به الي مصر وهو طفل رضيع ليعيش معها في رحاب مصر ما يقرب من خمسة أعوام. واذا كانت علاقة مصر بالأنبياء قد بدأت بمصاهرة إبراهيم عليه السلام للمصريين, فقد انتهت أيضا بمصاهرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام للمصريين, وذلك بزواجه من مارية القبطية التي أنجب منها إبراهيم الذي سماه باسم أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ليكون عودا علي بدء, وليربط حلقات سلسلة الأنبياء من لدن إبراهيم حتي محمد صلي الله عليه وسلم وهكذا كانت مصر مهد الأديان, كما كانت مهد الحضارات منذ بداية التاريخ, وقد أضفي عليها ذلك كله سمة مميزة هي التسامح الذي لا يعرف التمييز بين البشر من أصحاب الديانات والعقائد جميعا. وذكري المولد النبوي الشريف التي نحتفل بها الليلة تذكرنا بكل المعاني النبيلة التي جاءت من أجلها الأديان جميعا لتنشر رسالة الحب والتسامح والسلام بين الناس, فإذا كان الله قد أراد أن يجعل الناس مختلفين علي الرغم من اتفاقهم في جوهر الإنسانية فقد جعل من هذا الاختلاف منطلقا للتعارف والتآلف والتعاون لا منطلقا للنزاع والشقاق, كما أشار الي ذلك القرآن الكريم في قوله تعالي: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. وفي ظل الظروف التي يعيشها عالمنا المعاصر الذي أصبح مثل قرية كونية صغيرة نجد أننا قد أصبحنا في أشد الحاجة الي العودة الي هذه القيم الدينية النبيلة لنغرسها في نفوس أبنائنا, ونربيهم علي التسامح واحترام الأديان جميعا, فمن سماحة الإسلام إزاء الرسالات السماوية أنه يدعونا الي الإيمان بكل أنبياء الله وما أنزل إليهم من وحي إلهي فيه هدي ونور. وقد وصف النبي محمد عليه الصلاة والسلام صلته بالأنبياء من قبله بقوله: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتا فأجمله وأحسنه إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه, فكان الناس يطوفون بهذا البيت ويتعجبون من حسنه وجماله, ولكنهم كانوا يقولون: هلا وضعت هذه اللبنة في مكانها, ويقول النبي فأنا هذه اللبنة وأنا خاتم النبيين. وهذا يبين لنا أن علاقة الإسلام بكل الرسالات السابقة عليه تعد علاقة عضوية ورابطة لا تنفصم عراها علي مر الأزمان, ونحن المسلمين مطالبون بأن نسير علي نفس الدرب, وهذا يتطلب بطبيعة الحال أن نكون علي وعي تام بذلك كله, ولاشك في أن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام مليئة بالقيم الأخلاقية الراقية التي من شأنها أن تساعد في بناء مجتمع قوي متماسك, يؤمن بالله وبأنبيائه جميعا, وفي الوقت نفسه لا ينسي العمل من أجل الدنيا التي يعيش فيها, فقد خلق الله الإنسان وجعله خليفة في الأرض ليقوم بتعميرها وصنع الحضارة فيها, ومعروف أن الحضارة لا تقوم إلا علي دعائم متينة من العلم والعمل. ومن سيرة النبي الكريم نتعلم أن طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة, وأن العمل من أجل هذه الدنيا التي نعيش فيها يعد عبادة واستجابة للأمر الإلهي في قوله تعالي: هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها, والإسلام دين لا يهتم كثيرا بالأمور الهامشية أو الشكلية التي شغل الناس أنفسهم بها بعد انتشار الفضائيات التي تنشر التخلف وتخدر العقول, فالله لا ينظر الي صورنا وأشكالنا ولكن ينظر الي قلوبنا وأعمالنا, كما جاء في الحديث النبوي الشريف. ومن هنا فإنه من الخطأ الواضح والظلم البين لهذا الدين أن يختزله البعض من أبناء المسلمين في بعض الشكليات, فالإسلام قبل كل شيء جوهر يقوم علي منظومة من القيم الأخلاقية النبيلة, علي قمتها قيمة الرحمة التي هي جوهر الرسالة الإسلامية كلها بنص القرآن في قوله تعالي لنبيه وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين, ويتفرع من هذه القيمة الكبري كل القيم الأخري التي تشع المحبة والتسامح والأخوة الصادقة في قلوب وعقول الناس حتي يتعاونوا فيما بينهم علي البر والتقوي لا علي الإثم والعدوان. إن الاحتفال بذكري المولد النبوي هو احتفال بكل القيم الدينية والأخلاقية التي جاء بها محمد صلي الله عليه وسلم, والعمل علي ترجمتها الي سلوك عملي في دنيا الناس ليعيش الجميع في أمن وسلام ومحبة ووئام, ويتفرغوا للبناء والتعمير المادي والروحي علي السواء. السيد الرئيس: لقد انتهت منذ يومين أعمال المؤتمر الدولي الثاني والعشرين للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية الذي شرف برعاية كريمة من سيادتكم, وقد ناقش المؤتمر موضوع مقاصد الشريعة الإسلامية وقضايا العصر, ليبين حرص الإسلام منذ البداية علي اقرار وحماية حقوق الإنسان الأساسية وحقوق الأفراد والجماعات, وقد شاركت في هذا المؤتمر وفود من علماء المسلمين من أكثر من ثمانين دولة ومنظمة إسلامية عالمية من مختلف بقاع الأرض. ومصر إذ تحرص دائما علي أن تقوم بتنظيم هذا المؤتمر السنوي فإنها تقوم بذلك من منطلق مسئوليتها الإسلامية إزاء عالمها الإسلامي, وستظل مصر إن شاء الله وفية لأمتها الإسلامية, تفتح صدرها دائما لاستقبال أبناء العالم الإسلامي الراغبين في التزود من منابع العلم الإسلامي في الأزهر الشريف, كما ستظل مصر حريصة علي إرساء دعائم الاخاء والتسامح والسلام بين البشر جميعا من كل الأديان والحضارات. نسأل الله العلي القدير في هذه الليلة المباركة أن يكلأكم بعنايته وأن يحفظكم لمصر ويحفظ مصر بكم وأن يسدد علي طريق الخير والحق خطاكم, كما نسأله سبحانه وتعالي أن يعيد هذه الذكري المباركة علي الأمة الإسلامية وعلي البشرية كلها بالخير واليمن والبركات. وكل عام وأنتم بخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... الفائزون في مسابقتي البحوث والحديث النبوي أولا في الحديث: 1 محمود محمد محمود شريف دمياط 2 حنان سيد أحمد ابراهيم السويس 3 حسين اسماعيل حسين محمد الفنية العسكرية 4 احمد محمد الهادي احمد صيام كلية الشرطة وجائزة كل منهم7 آلاف جنيه ثانيا البحوث: 1 محمد عبدالسلام محمد مصطفي اسيوط 2 حسن عبدالسميع محمد نجم الشرقية 3 مها جمال عبدالناصر القاهرة 4 يسرية خلف احمد محمد سوهاج. وجائزة كل منهم10 آلاف جنيه المكرمون بالأوسمة أولا: داخل مصر 1 فضيلة الشيخ عيد علي علم الدين مدير أوقاف الدقهلية السابق 2 السيد عبدالرحيم علي عبدالرحمن الكردي مدير عام هيئة الأوقاف السابق ومستشار الهيئة لشئون الملكية العقارية 3 فضيلة الشيخ عبدالفتاح محمد علام وكيل الازهر السابق 4 السيدة مني جمال الدين صديق محمد وكيل وزارة الأوقاف لشئون البر السابقة 5 فضيلة الشيخ مصطفي حلمي عويس العطفي مدير عام أوقاف الفيوم السابق 6 فضيلة الشيخ أحمد عطية احمد حماد مدير عام أوقاف الاقصر السابق. ثانيا: خارج مصر 1 السيد مأمون عبدالقيوم( رئيس المالديف السابق) 2 السيدة كرستينا بيكر مسلمة مقدمة برامج تليفزيونية بلندن ومهتمة بحوار الأديان