عندما قرأت الدراسة التي أعدها د. سامح العلايلي استاذ الارتقاء العمراني جامعة القاهرة عن ضاحية مصر الجديدة ومؤسسها البارون إدوارد إمبان تعجبت وأعجبت بفكرة هذا المغامر البلجيكي منذ نحو أكثر من 106 سنوات, عندما حرك رمال صحراء مصر الجديدة الصامتة, وشيد ضاحية ذات عمران هادئ الايقاع مكسو بملامح شرقية, عانقت البشر والزمان والمكان, وسجل البارون بصماته علي أبنية ومواقع ذات قيمة عمرانية وجمالية وتراثية عالية. اشتري البارون من الحكومة 6000 فدان, ودفع جنيها واحدا ثمنا للفدان, وتوسعت شركته فضاعف المساحة ودفع كل ما يملك ليحقق حلم غزو الصحراء, ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فانهارت بورصة الأوراق المالية المصرية, أعقبها إندلاع أتون الحرب العالمية الأولي (1914), أدي إلي رحيل العمال الذين استقدمهم من ايطاليا وتركيا واليونان لتلبية نداء الحرب. في هذا الوقت العصيب رفضت بنوك أوروبا تمويل ودعم مشروع البارون وحلم مصر الجديدة (هليوبوليس), لأنه ينطوي علي مخاطر جمة, ومع ذلك مضي مؤسس مصر الجديدة وعاشقها في مغامرته مضحيا بأمواله, ومد خطوط المواصلات, والمياه, والصرف الصحي والكهرباء, والطرق, وأنشأ ملاهي, ونوادي, وحلبة سباق خيل, وفنادق, ومطارا, ومدارس, وكنائس, ومساجد, ومساكن لموظفي الإدارة المصرية, وفاضت بالحيوية والخضرة والحياة الرمال الصفراء والتحمت الضاحية مع العاصمة بخط مترو موجود حتي الآن. وجذبت الضاحية خلال عقدين أكثر من 30 ألف نسمة من المصريين. وتعجبت حينما رفعوا اسم البارون إمبان من علي الشارع العمودي علي قصره وحمل الشارع اسم وزير سياحة سابق رحل عن دنيانا وأصبح اسمه شارع نزيه خليفه (البارون سابقا)! ان البارون تاريخ يصعب طمسه وقصره شاهدا علي تاريخه.. ينبغي أن نحترم ثقافة حفظ التراث والتاريخ لعظماء اعمالهم شاهدة علي عظمتهم.. فلا ينبغي ان نكون جاحدين لتاريخنا.. عزيزي البارون إمبان.. ربما مع ثورة شباب 25 يناير يعود اسمك علي احد شوارع ضاحيتك التي ضحيت من أجل بنائها وبصماتك ترصع 120 موقعا رائعا بها.. ولن تكون في طي النسيان.