كان من أهم ما ميز ثورة25 يناير أنها فتحت باب المشاركة الواسعة لكل الأطياف والتجمعات الفكرية والسياسية سواء بين القوي الشبابية المتمثلة في العديد من الحركات الاحتجاجية أو بين القوي السياسية التقليدية الممثلة في الأحزاب والجماعات السياسية الحاصلة علي الشرعية القانونية أو تلك التي لم تكن تتمتع بها, وكان من أهم عوامل نجاح هذه الثورة هو تمتع كل من شارك فيها بنفس القدرة من النفوذ والمشاركة في صنع القرار, وهو ما جعل من المستحيل خاصة مع توحد أهداف الثورة تحت شعار الشعب يريد إسقاط النظام إمكانية البحث عن رمز أو زعيم أو قيادة يمكن بعزلها أو احتوائها او تصفيتها إجهاض الثورة, حيث كان القرار والتوجه والموقف من ردود أفعال النظام يصنع جماعيا وعبر الألوف في الميدان, وهو ما يعني أن الثورة كان لها عقل جمعي بوجه حركتها وان كان قد غاب عنها القيادة الرأس التي لديها تفويض بالتحدث نيابة عن الثورة او التفاوض علي مطالبها, إلا انه بسقوط رأس النظام السابق سرعان ما تحولت نقطة القوة تلك إلي نقط ضعف عبر العديد من المراحل هي: 1 الخطاب الإعلامي الكاسح قاده المنتمون للنظام السابق, نافق بشكل فج ومكشوف شباب الثورة باعتبارهم الأصل, وأنهم الفاعلون الحقيقيون للثورة وان الفعل الثوري بدأ من عندهم, وإنهم أصحاب الثورة الأطهار الانقياء الذين يجب ان يحرصوا علي ألا يسرق منهم احد الثورة أو يركبها, وكأن سجون ومعتقلات النظام السابق وأقبية مباحث أمن الدولة لم تعرف مئات الآلاف من المناضلين الذين واجهوا نظام الاستبداد في عنفوانه ولعشرات السنين, وبصرف النظر عما أشاعه هذا الخطاب الإعلامي الكاذب من حالة غرور لدي قطاعات واسعة من شباب الثورة, فإن نتيجته الأهم كانت فصم عري الثقة والتعاون والعمل المشترك مع الفاعلين السياسيين المنتمين لأجيال أخري ولحركات وقوي سياسية وطنية وديمقراطية عريقة, وهو ما أهدر الكثير من الخبرات النضالية التي تمتد لعشرات السنين. 2 تعامل من أصبح في يدهم الأمر منذ بدايات الاعتصام, وحتي الآن مع شباب الثورة بشكل انتقائي كأفراد وكمجموعات صغيرة, وهو ما ظهر واضحا بداية من انتقاء اللواء عمر سليمان بعض الشباب للحوار معهم أو لسماع رأيهم, وهو ما كان في الحقيقة مناورة لشق صفوف الشباب في الميدان. وحتي لقاءات بعض أعضاء المجلس العسكري مع مجموعات منهم دون الأخري, وهو ما كان بداية لتفجر الكثير من الخلافات حول من له حق التحدث باسم الثورة أو مطلبها. 3 سعي من بيدهم إدارة أمور البلاد, بل وبقايا النظام السابق لاستغلال بداية ظهور هذا الشقاق وعدم تبلور قيادة واضحة إلي إيجاد كيانات وائتلافات وهمية, بل ودعوتها للحوار, وأكثر من هذا دفع بعضها للدفاع عن النظام السابق ورئيسه المخلوع, بل وفتح الإعلام أمامهم, حتي يبدو الأمر وكأن الشباب بالفعل انشق علي نفسه. 4 أدت المراحل السابقة في التعامل مع شباب الثورة وإظهارهم كمختلفين موزعين علي أكثر من150 ائتلافا, بالإضافة لتباطؤ حركة الإصلاح, وبروز شطط بعض الشباب نتيجة غياب الحنكة والخبرة السياسية للأجيال والقوي السياسية الأخري بعد ان تم عزلهم عنها إلي بدء المرحلة الأخيرة في إجهاض الثورة بتصويرهم في صورة البلطجية/ أعداء الاستقرار/ العملاء, بل دفع بعض القوي للصدام معهم( كما حدث في العباسية/ وما أعلنه المتحدث الرسمي للجماعة الإسلامية عاصم عبدالماجد/ أو اتهامات بعض أعضاء المجلس العسكري) تمهيدا لغلق ملف الثورة بالكامل بعد تصويرها في صورة فوضي لابد من إيقافها بعد ان استطاعوا تدريجيا عزل شباب الثورة وقوتها الضاربة عن محيطه الداعم, بل واستخدام الإعلام في تحريضه علي الشباب. لهذا لابد لكل مخلص لهذا الوطن من إجهاض هذا المخطط. وهنا أتوجه بخطابي المباشر إلي الشباب, لابد الآن وليس غدا بناء قيادة موحدة لشباب الثورة تشمل: 1 ممثلون للحركة الاحتجاجية والائتلافات التي شاركت في الثورة منذ اللحظة الأولي ومازالت. 2 ممثلون للجماعات السياسية و المطلبية التي كان لها نشاط مناهض ونضالي في مواجهة النظام السابق في الجامعات والنقابات المهنية والعمالية. 3 ممثلون لشباب الأحزاب السياسية المؤيدة لمطالب الثورة( القديمة/ الحديثة/ تحت التأسيس) والتي كان لها إسهامها في مواجهة النظام ا لسابق. 4 ممثلون لاتحادات للجان الشعبية في المحافظات المختلفة. وعلي كل فئة ان تحدد ممثليها, علي ان تكون هذه القيادة الموحدة يكون لها: شرعية التحدث والدفاع عن مطالب الثورة والتفاوض مع من يديرون البلاد( الحكومة/ المجلس العسكري). التنسيق مع القوي السياسية الفاعلة في كل المبادرات السياسية التي تحقق مطالب الثورة وتسعي لمتابعة تنفيذ مطالبها. الدعوة للنزول للميدان وتنظيم المليونيات. الرقابة علي الانتخابات البرلمانية. التمثيل في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. لتكن جمعة توحد الصف بداية تحقيق هذه المبادرة علي أرض الواقع وبناء القيادة الموحدة للثورة. المزيد من مقالات جورج اسحق