من أيام قليلة أعلن مجمع البحوث الإسلامية-, أنه سيطالب الجهات المسئولة بمنع عرض الأعمال الدينية التي يتم من خلالها تجسيد بعض الشخصيات الممنوعة مثل آل البيت أو الصحابة, في إشارة صريحة إلي مسلسل' الحسن والحسين', والمنتظر عرضه خلال شهر رمضان علي أكثر من فضائية عربية ومصرية, ويعد هذا المسلسل أول دراما عربية تجسد شخصيتي سيدا شباب الجنة' الحسن والحسين' رضي الله عنهما. ومنذ أعلن مجمع البحوث الإسلامية قراره الأخير اشتعلت الساحة الإعلامية وتباينت مواقف الكتاب والفنانين الذين نستعرض آرائهم عبر السطور القادمة.. في البداية يقول الكاتب الكبير يسري الجندي: لست مع منع عرض المسلسل, لأن القضية أكبر من المنع, ورأيي أن ما يحدث الان هو نوع من المزايدة علي ميراث متخلف من الأساس, وهذا الميراث يحتاج إلي تجديد الفكر ولغة الخطاب الديني وإلي حركة تنوير جديدة مثل التي قادها الإمام محمد عبده والشيخ علي عبدالرازق وغيرهم من العلماء المستنيرين الذين كانوا حماة الوسطية والإستنارة التي هي جوهر الدين الإسلامي, وعلي مدي العقود الماضية هناك محاولات للمزايدة علي الأفكار المتطرفة من جانب الجهات الرسمية بما في ذلك الأزهر,لكني آمل خيرا في فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي أنتظر منه تجديدا حقيقيا وإستناره تصب في جوهر الدين الإسلامي. وأضاف الجندي نحن في حاجة إلي تقديم أعمال دينية مهمة في الوقت الحاضر مثل مسلسل' الحسن والحسين'لتظهر عظمة الإسلام, فمن خلال هذه الرموز الدينية الكبيرة يمكن أن نرد بشكل عملي علي الهجمات الصهيونية الشرسة التي تدعي أن الإسلام دين إرهاب وعنف, أما قضية منع مسلسل' الحسن والحسين' فإنها تدل علي ردة المجتمع لأن كثير من الشخصيات الدينية المقدسة والمرفوضة حاليا تم تناولها مسرحيا في الثلاثينات والأربعينات, والآن وصل الرفض إلي أقصي مداه, حيث أصبح كل من عاشوا في عصر الرسول الكريم ممنوعون, ولم يقتصر الأمرعلي العشرة المبشرين بالجنة, ولدي تجربة شخصية أحب أن أذكرها حيث قدمت منذ حوالي عشر سنوات مسلسل عن' الخوارج' وتم منعه بحجة وجود أربعة من الخلفاء ممنوع ظهورهم, ونفس الأمر حدث عندما قدمت مسلسل عن' فتح مصر' نظرا لوجود تابعين كثيرين عاصروا الرسول في المسلسل ويتفق الأديب والروائي إبراهيم عبدالمجيد مع الجندي ويرجع رفض الأزهر إلي الفكرة السائدة من زمن بعيد عن منع تجسيد الصحابة وآل البيت في أعمال فنية سواء كانت سينمائية أو تليفزيونية أو مسرحية, وتلك فكرة خطأ ولست معها علي الأطلاق, وأي فنان يقوم بأداء شخصية من هذه الشخصيات الممنوع ظهورها فنيا, يدرك أن الجمهور علي يقين أن هذا الممثل يلعب هذا الدور, وأنه ليس الشخص المقصود, لهذا يجب أن يتسع أفقنا لتقديم نماذج جيدة من رموز الإسلام, ولا نكون أوصياء علي المشاهد ونترك له حرية رفض أو قبول أي عمل فني يتناول الصحابة أو آل البيت, بشرط ألا نقترب من حياتهم الخاصة المتعلقة بالزواج والطلاق وما شابه, لأن هذه الأمور من شأنها أن تفتتح باب الشك وتدخلنا في المحظور. أما الكاتب والسيناريست وحيد حامد فقال: ربما يبدو موقفي صادما بعض الشئ, فرغم إيماني بحرية التعبير إلا إنني لا أحبذ ظهور شخصيات الأنبياء والصحابة علي الشاشة وهذه مسألة نفسية ترجع إلي وازع ديني بداخلي, لأن هذه الشخصيات ليست لها صورة في خيالنا وكون لها صورة مشبعة بالوقار والأحترام, وبالتالي تشخيصها علي الشاشة سوف يخلق بلبلة في ذهن المشاهد بين الثابت في خياله من أيام الطفولة والقراءات القديمة, وبين الذي يشاهده علي الشاشة, لكن هذا لا يعني إنني ضد عرض المسلسل, لكني ضد أن يفكر بعض الناس في تقديم عمل يثير لغط ويؤدي إلي فتنة بين المسلمين.ويضيف: الحرية شئ عظيم جدا لكن أخشي ما أخشاه أن نكون تجسيد هذه الشخصيات مقدمة للدخول في شخصيات أكثر قداسة مثل الأنبياء أو في عظمة الصحابة والمبشرين بالجنة. وللفنان سامح الصريطي وجهة نظر فيها قدر من التحفظ الذي يحترم عليه حيث يقول هناك شخصيات لها قدسية في حياتنا ويجب عدم المساس بها, لأن هذه الشخصيات مكانها الطبيعي مجسد في الخيال, وصعب تحديد ملامحهم عن طريق أشخاص عاديون لأن هذا من وجهة نظري يحد من خيال المتلقي, ومن هنا أتفق تماما مع مؤسسة الأزهر في قرار المنع, لأن هذا الرأي مبني علي عقول وضمائر علماء متخصصين وليس إختيارا يخضع لأهواء شخصية,وعلينا ألا نترك المسألة علي إطلاقها بحيث تخضع في النهاية لتلك الأهواء الشخصية وتتيح الفرصة لعبث العابثين, فيتم مثلا تناول شخصية دينية لها جلالها وهيبتها بشكل يسئ لها ولنا نحن من جانب أشخاص ربما يكون هدفهم الإساءة والتشوية وهو ما يبعث في نهاية الأمر علي بث الفتن. ويضيف يجب إلا ننساق وراء نجاح عمل مثل مسلسل' يوسف الصديق',لإننا لو فكرنا بهذه الطريقة يمكن أن نفتح علي أنفسنا أبواب جهنم,وفجأة نجد أعمال تسيئ بالفعل إلي شخصيات دينية مجببة إلينا. وعن مواصفات العمل الفني والفنان الذي يقدم الشخصيات المقدسة يقول مخرجنا القدير أحمد عبدالحليم يجب أن يتم تقديم الشخصيات المهمة في تاريخ الإسلام في سياق إنساني يليق بشخوصهم المقدسة, وإذا كان الأزهر يخشي من تشويه هذه الشخصيات فلابد أن يوافق أولا علي النص, وبعد إتمام العمل يتم عمل عرض خاص توجه الدعوة فيه إلي بعض العلماء والمتخصصين لمناقشة العمل قبل عرضه جماهيريا,وإذا كان لديهم بعض الملاحظات فعلي الجهة المنتجة أن تأخذ بها,كما يجب علي الممثل الذي يقوم بأداء مثل هذه الأدوار أن يدقق في إختياراته التالية ولا يقدم شخصية رجل منحرف يسئ إلي الشخصية المقدسة التي سبق وقدمها.ويتابع عبدالحليم كلامه قائلا: يجب علي ازهر أن يقنن رفضه ويسمح بتجسيد بعض الشخصيات الدينية المؤثرة لأن هذا ليس فيه حرج يذكر خاصة وان مثل هذه الاعمال تمكن المشاهد من التوغل بشكل أعمق في حياة الانبياء والتعلم والاستفادة من سلوكياتهم وأخلاقهم,خاصة أن الدراما تعد الآن المؤثر الاول في حياة الناس نظرا لعزوف الصغار والكبار عن القراءة. وتساءل الكاتب فيصل ندا كيف لمصر بلد الأزهر والدولة المستنيرة أن ترفض عرض المسلسل,في حين أن هناك دولا إسلامية أكثر تشددا ستعرض العمل ؟ وأضاف هذه الطريقة من المنع والحصار ستجعل نسبة كبيرة من الجمهور متشوقة أكثر لرؤية العمل,فما يحدث حول المسلسل الآن من ضجة هو أكبر نوع من الدعاية له وللقنوات التي ستعرضه لأن كل ممنوع مرغوب,