دومنيك استروس كان(62 عاما) رجل بزغ نجمه في عالم السياسة علي المستويين الدولي والمحلي فهو مرشح رئاسي سابق خاض السباق التمهيدي بداخل الحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية. الماضية2007 امام سيجولن روايال التي خرجت منها خاسرة امام مرشح اليمين آنذاك نيكولا ساركوزي.. فضلا عن ترأسه مناصب مهمة بينها وزير المالية ولكفاءته كواحد ممن يطلق عليهم افيال الاشتراكيين ظل اهل دائرته ينتخبونه فترات متتالية كعمدة لمدينة جرج بالضواحي الباريسية.. اما علي المستوي العالمي فقد تبوأ استروس كان رئاسة واحد من اهم المؤسسات الاقتصادية صندوق النقد الدولي. وجاءت المفاجئة الصاعقة للفرنسيين والعالم في14 مايو الماضي ليس فقط باتهامه في قضية تحرش جنسي اثر بلاغ تقدمت به عاملة الفندق الذي كان يقيم به في نيويورك, انما للطريقة التي تعاملت بها الشرطة والاعلام الامريكي حيث ظهر مكبل اليدين شاحب الوجه كما لو كان من ارباب السوابق والجرائم الجنائية, وتم ذلك امام كاميرات الاعلام الامريكي التي وجدت بقدرة قادر في التو واللحظة لتنقل للعالم فضيحة استروس- كان علي الهواء مباشرة وهو ما يثير الجدل حول فرضية كونها فضيحة مدبرة!!. فبصرف النظر ان كان مدير صندوق النقد الدولي السابق مهووسا بالنساء الي هذا الحد المرضي ام لا. وأن الفرنسيين لا يهتمون عادة بالحياة الشخصية للمرشحين الا ان قضية استروس-كان فتحت الباب علي مصراعيه امام المتربصين به من اليمين او اليسار, باعتبار ان ما حدث امام كاميرات الاعلام وتناقله العالم شوه صورة فرنسا حتي لو برأ القضاء الامريكي ساحته. واليوم وبعد ما ابدي القضاء الامريكي انفراجة تجاه ملف استروس-كان بسبب شكوك في سلوك واقوال المدعية وبناء علي ما أثبتته تحريات النيابة حول ماضي عاملة الفندق واتصالها بجماعات من تجار المخدرات. جاء قيام الصحفية والكاتبة الفرنسية تريستان بانون(32) برفع دعوي قضائية رسميا أمام نيابة باريس تتهمه فيها بمحاولة اغتصابها اثناء قيامها بعمل حوار معه عام2003 ليزيد الموقف سوءا. وفي هذا الشأن اعتبرت نخبة من نواب الحزب الاشتراكي ان ادعاءات تريستان ليست سوي محاولة لوضع المزيد من العراقيل لازاحة استروس كان من طريق الاليزيه خاصة بعد ما شاع في الدوائر القضائية بامريكا عن فرصته في البراءة. وافساح المجال لمرشحين آخرين ايا كانت انتماءاتهم السياسية. ويذكر انه قد سبق لتريستان بانون الحديث عن محاولة استروس كان باغتصابها خلال برنامج تلفزيوني في فبراير2007, وهو ما اثارته في كتابها الا ان المسئولين حسب بانون- تكتموا علي الموضوع. وتقول والدة المدعية ان ابنتها تعرضت لمضايقات وضغوط حتي تخلت عن ملاحقة استروس كان انذاك واضافت ان المرشح الاشتراكي فرنسوا اولاند كان علي علم بهذه الحادثة عندما كان أمينا عاما للحزب الاشتراكي. ومن المتوقع أن تقرر وزارة العدل الفرنسية خلال ايام ما اذا كان ملف التحقيق في اتهام استروس كان سيغلق ام سيتم فتح تحقيق تمهيدي علما بان تكليف القضاة بفتح تحقيق قضائي قد يستمر لعدة أشهر, وهو ما قد يؤدي بدوره لاستبعاد المرشح الاشتراكي دومنيك استروس كان نهائيا من حلبه المنافسة حتي لو برأه القضاء في أغسطس المقبل. وهنا يشير بعض المراقبين لفكرة ان مرحلة الضرب تحت الحزام في ظل معركة تنافسية قوية لقصر الاليزيه تتجلي بوضوح في قضية اتهام استروس كان وقد يكون نفس المخطط للمرشح البديل عن الاشتراكيين فرانسوا اولاند قادما. وهوما تؤكده القضية الجديدة التي تثيرها تريستان بانون علي الساحة حاليا والتي من شانها ليس فقط الاساءة الي استروس-كان بل الي المرشح الاشتراكي فرنسوا اولاند الذي حل محل دومنيك استروس-كان ليكون المرشح الاوفر حظا لخوض الانتخابات التمهيدية بداخل الحزب المقرر لها اكتوبر المقبل استعدادا لخوض معركة الحسم امام مرشح اليمين نيكولا ساركوزي في مايو2012. فهي تتهم فرنسوا اولاند بانه كان علي علم بقضية التحرش بها حينما كان الامين العام للحزب الاشتراكي. وبالرغم من ذلك تجاهل وسمح لاستروس-كان بخوض الانتخابات التمهيدية عام2006 الامر الذي يلطخ صورة اولاند اخلاقيا امام الراي العام الفرنسي. والواقع ان قضية تريستان بانون تلقي بظلالها علي فرنسوا اولاند وبدأت بالفعل بعض وسائل الاعلام المقروءة والمرئية في تطويعها بناء علي تعليمات من الحكومة, حسب ما صرح فرنسوا اولاند فور خروجه من قسم الشرطة رغبة في تشويه صورته والاطاحة به في الانتخابات التمهيدية بداخل الحزب, وبالتالي تتضاءل فرصة الاشتراكيين في الفوز بالرئاسة في انتخابات2012. ومن ناحيته قال اولاند ان ما يحدث هو تلاعب بقضية لا علاقة له ولا للحزب بها ويتم استغلالها لاغراض سياسية في اشارة لاتهام الحزب الحاكم.وهو ايضا ما صرحت به مارتين اوبري رئيسة الحزب الاشتراكي الحالية في بيان رسمي صدر في اليوم نفسه. ويذكر ان فرنسوا اولاند قد استشعر المخطط الهادف لتلطيخ صورته في الاعلام حاليا فطالب باستعجال الحسم في القضية بسرعة استجوابه امام الشرطة في اطار التحقيق حول الدعوي التي رفعتها تريستان ضد استروس كان, بالفعل ليقطع الشك باليقين ويقضي علي اللغط المثار علي الساحة والذي يتعاظم يوما تلو الآخر. والواضح ان سباق الاليزيه لعام2012 سيكون اكثر سخونة من سابقيه ويتضح ايضا انه في اطار معركة خوض الانتخابات يصبح كل شيء متاحا وستكشف الايام القليلة المقبلة ان كان الحزب الاشتراكي سيقوي علي التصدي للرياح العاتية والأيادي الخفية التي تحرك مجريات الأمور من اجل الفوز بمقعد الاليزيه ام لا.