تحديث الصناعة هو أحد المحاور الأساسية لتطوير المصانع في مصر, وطوال السنوات الماضية كان هذا النشاط محل جدل في المجتمع الصناعي . فهناك من يري أن التحديث أسهم بجهود كبيرة لرفع كفاءة أداء المصانع المصرية في حين يعتقد البعض الآخر أن تأثير التحديث كان محدودا نسبيا في الفترات الماضية. ومع الاهتمام بتنشيط الصناعة وعلاج مشاكلها والذي تزايد عقب ثورة يناير.. يبرز دور التحديث مرة أخري كوسيلة اساسية لتنمية وتطوير النشاط الصناعي, ولكنها مع ذلك مهمة محفوفة بالمخاطر.. ويكفي أن نشير إلي أن أخرثلاثة مديرين تنفيذيين سابقين لمركز تحديث الصناعة واجهوا اتهامات بارتكاب مخالفات ولم يستمر أخرهم في العمل أكثر من شهرواحد فقط, وبالتالي فالمدير الحالي للمركز في مهمة صعبة فهو مسئول عن القضاءعلي أي منافذ للفساد في المركز, وفي نفس الوقت فإنه مطلوب منه اتاحة الوسائل المناسبة لتقديم خدمات التحديث إلي أكبر عدد ممكن من المصانع مع العمل علي تيسير استفادتهم من الأنشطة المختلفة للمركز. ومن هنا تأتي أهمية الحوارمع الدكتور هاني الغزالي المدير التنفيذي الجديد لمركز تحديث الصناعة الذي يجيب بصراحة عن كل التساؤلات التي تهم الشركات الصناعية في مصر والتي توضح كيف يتم تلافي السلبيات واستئصال أي جذور أومنافذ للفساد وتطوير خدمات التحديث لتصل للمصانع وذلك من خلال تطبيق معايير محددة تراعي الشفافية والعدالة بين جميع المصانع. خلال الفترة القريبة الماضية.. تم توجيه انتقادات إلي أداء مركز التحديث في عهد القيادات التنفيذية السابقة له.. فهل أدي ذلك إلي وجود أيدي مرتعشة و تأثير سلبي علي اتخاذ القرارات الضرورية للعمل حاليا ؟ ما يتم حاليا هو تطوير لإداء المركز بهدف تلافي أي سلبيات والتركيز علي زيادة استفادة الصناع منه بحيث يتم التركيز علي زيادة استفادة الصناعات الصغيرة والمتوسطة منه بدلا من أن تكون المصانع الكبيرة هي المستفيد الأساسي وفي هذا الإطار فقد تم تخفيض الحد الأقصي لقيمة الخدمات التي يقدمها المركز لكل شركة إلي مليون و700 ألف جنيه فقط بدلا من8 ملايين جنيه, كما كان يتم سابقامما يتيح أيضا زيادةعددالشركات المستفيدة من الخدمات. كما تم أيضا خفض تكلفة الخدمات بنسبة50% لللشركات الصغيرة والمتوسطة, وأيضا للشركات في الصعيد وسيناء كما تم مد عقود خدمات التحديث للشركات السارية يوم25 يناير لمدة3 شهور إضافية لمعاونة الصناع علي تجاوز الأزمات بعد أن وضعنا في الاعتبار تعرضهم لظروف خارجة علي الأرادة خلال الفترات الماضية وبالتالي فأؤكد أنه لا وجود لما يسمي الأيدي المرتعشة ولكن وضع ضوابط جديدة للتأكيد علي تحقيق كفاءة الأداء بأكبر قدرة ممكن. كيف تحولت جهود التطوير إلي برامج محددة لرفع كفاءة الأداء في الصناعة المصرية ؟ الخدمات التي يتم تقديمها للشركات تتضمن أن يتم مساعدة منتجاتها في البداية للوصول إلي منتجات مطابقة للمواصفات, ثم يتم التعاون مع تلك الشركات علي وضع النظم والقواعد اللازمة لتحقيق خفض التكلفة وزيادة الإنتاجية, ومساعدة الشركات علي أن تكون أكثر تنافسية. ويلي ذلك تنفيذ مجموعة من البرامج الجديدة التي تساعد الشركات علي النمو وزيادة المبيعات والصادرات.وتشمل البرامج الجديدة التوافق مع المواصفات, والتطور التكنولوجي, ونشر ثقافة الابتكار, والتجمعات الصناعية والحرفية, وتعميق الصناعة, تنمية التصدير للشركات الصغيرة والمتوسطة, ورفع الكفاءة وزيادة الإنتاجية. كما يشمل ذلك أيضا بعض البرامج التي كانت قائمة وحدث بها بعض التعديلات وتشمل خدمات التطوير, والتمويل, وكفاءة الطاقة. ولكن ما الضوابط الجديدة لتقديم خدمات تحديث الصناعة ؟ أسلوب العمل في المركز تغير تماما في الوقت الحالي, فبعد أن كان يتم في الماضي تطبيق طريقة أحلامك أوامر أي كان الصناع يتقدمون بطلباتهم للمركز وعليه أن يقوم بتنفيذها وقد تعود الكثيرون علي تلك الطريقة, ولكن تغير هذا المفهوم تماما وأصبح المركز هو الذي يقوم بمراجعة وفحص موقف كل شركة تتقدم للاستفادة بخدماته لتحديد الصعوبات التي تواجهها, بحيث يتم بعد ذلك تحديد أسلوب معالجة وحل تلك المشاكل, وهو أسلوب أقرب للطبيب الذي يفحص المريض الذي يأتي إليه لكي يكتب له الدواء المناسب, بدلا ان يحدد المريض بنفسه الدواء الذي يحتاجه. ما هي حقيقة تخوف بعض الصناع من المشاركة في مجلس إدارة المركز تحسبا من تعارض المصالح؟ بالفعل فهناك عدد من الصناع أبدي قلقه من أن يشاركوا في مجلس إدارة مركز التحديث وذلك في الوقت الذي تستفيد منه شركاتهم من خدمات المركز. وقالوا أنه من المطلوب تحديد الموقف القانوني بوضوح هل يوجد تعارض في هذا المجال وإذا كانت الأجابة القانونية بوجود تعارض فإنهم يرون أنه من حقهم التخيير بين الأستمرار في مجلس الإدارة بدون استفادة شركاتهم من خدمات المركز,أو الابتعاد عن المجلس مع استفادة شركاتهم من تلك الخدمات, وفي رأيي أنه إذا ثبت وجود تعارض قانوني فإنه يمكن في هذه الحالة الاتجاه إلي الصناع الذين حصلوا علي خدمات بالفعل من المركز ووصلت قيمتها إلي الحد الأقصي الحالي وهو مليون و700ألف جنيه, حيث لا يمكن بالتالي أن يحصلوا علي خدمات جديدة. وبالتالي يمكن أن ينضموا إلي مجلس إدارة المركز بدون قلق من حدوث تعارض المصالح. وماذا عن اتهامات الفساد التي أثيرت مؤخرا حول نشاط تحديث الصناعة في الماضي ؟ أخطر جزء كان يمثل منفذا للفساد في نشاط التحديث خلال السنوات الماضية.. هو أسلوب العلاقة التي كانت تتم بين مقدم الخدمة وصاحب المصنع بعيدا عن أعين ورقابة مركز التحديث.. لأنه بهذا الاسلوب كان يتم السماح لصاحب المصنع بتقديم عرض وحيد يختار فيه مقدم الخدمة طبقا لاحتياجاته, ويتم تحديد السعر لقيمة الخدمة في هذا العقد, وكان المركز يراجع هذه العقود. وغالبا ماكان يتم الموافقة عليها, ثم بعد ذلك من المفروض أن يتم أداء الخدمة طبقا للتعاقد ويستلم المصنع الخدمة المحددة بحيث يسدد المصنع بعد ذلك نسبته في التكلفة, ويتحمل المركز نصيبه المحدد من قيمة الخدمة فيما يعرف باسلوب الاسترداد. وهذا الأسلوب كان يتضمن ثغرات تتيح التلاعب والفساد, علي أساس أن العلاقة المباشرة بين الطرفين بهذه الطريقة كانت تتيح إمكانية الأدعاء بأداء الخدمة, في حين أنها قد تكون لم تتم إلا جزئيا وربما لم تتم إطلاقا. وبالطبع كان من الصعب التدخل في تفاصيل العلاقة المباشرة من خلال هذا التعاقد,حيث لايمكن أن يكون هناك رقيب من المركز علي كل تعاقد, وبرغم ذلك فإن هذا الأسلوب ضروريا في بعض الحالات, وبالتالي فإننا لم نلغه تماما ولكن وضعنا ضوابط لإحكام الرقابة عليه في حالات محددة تتسم بالوضوح والعلانية.. فمثلا في حالة احتياج مصنع لجهة متخصصة تقوم بالاختبارات علي منتجاته, فهذا أمر ضروري فالعلاقة بين الطرفين هنا تمثل أمرا اساسيا لأنه علي المصنع أن يرسل منتجاته إلي جهة الأختبار التي تفحصها وتصدر تقريرا بنتائج ذلك, و في هذه الحالة يمكن تطبيق ذلك الأسلوب بعد التأكد من هيئة المواصفات والجودة أو هيئة الاعتماد الوطني من أن مقدم الخدمة جهة عالمية ومحترمة, بشرط أن يحضر المصنع في هذه الحالة شهادة بأداء خدمة اختبارات المطابقة وأن تتضمن أن منتجاته أجتازت الاختبارات بنجاح, ومع ذلك فإن التعاقد المباشر قد يكون ضروريا, مثلا قيام مصنع بإختيار مقدم الخدمة الذي ورد له اجهزة إنتاجية ليقوم بعمليات الصيانة أو الإصلاح فهنا يعتبر مقدم خدمة وحيد أو شركة وحيدة هي التي تستطيع أداء تلك المهمة. ومع ذلك فإن المركز لن يتدخل أو يشارك في تلك الخدمات لوجود صعوبات محددة منها مثلا عدم إمكانية التعرف علي مدي مناسبة سعر الخدمة وتلافي إمكانية عدم الالتزام بالتنفيذ, وبالنسبة لبقية الخدمات فهي تتم حاليا عن طريق المناقصات العامة أو الإطر المرجعية. ما هو الموقف بالنسبة لبعض القيادات التنفيذية السابقة للمركزالذين يواجهون تحقيقات في الوقت الحالي ؟ اعتقد أنه من غير المناسب التحدث في تفاصيل هذا الموضوع في الوقت الحالي.. لأن الموضوع خاضع للقضاء وهو الذي يصدر حكمه, العادل في كل من هذه الحالات.. ويجب علينا جميعا أن نحترم أحكام القضاء. في إطار الجهود لتنفيذ الدور الجديد لمركز تحديث الصناعة.. هل يمكن توضيح الاعتمادات المخصصة لتمويل أنشطة برنامج التحديث في العام المقبل الذي يبدأ في يوليو المقبل؟ هناك عدة مصادر لتمويل أنشطة المركزفي العام المالي المقبل(2012/2011) الذي يبدأ في يوليو.. فقد طلبنا تمويل750 مليون جنيه عن طريق وزارة الصناعة والتجارة الخارجية التي يتبعها المركز من خلال الموازنة, و250مليون جنيه من صندوق دعم الصادرات, و100 مليون جنيه من مجلس التدريب الصناعي.. وبالتالي يصل إجمالي تمويل تحديث الصناعة في العام المقبل إلي مليار و100 مليون جنيه.