وكيل تعليم كفر الشيخ يتابع انتظام الطلاب بعدد من المدارس| صور    أعضاء مجلس جامعة طيبة التكنولوجية بالاقصر يقفون حدادا على أرواح شهداء الجلالة    رئيس الوزراء: لن نترك أي محافظة دون أن تمتد إليها أعمال التطوير    تعرف على أهداف قانون إنهاء المنازعات الضريبية قبل مناقشته بمجلس الشيوخ    محمد معيط مديرًا تنفيذيًا وممثلًا للمجموعة العربية في صندوق النقد الدولي    صندوق النقد الدولي: نعمل على «استراتيجية ثلاثية» لدعم الدول المثقلة بالديون    اللواء طارق نصير يفوز بمنصب نائب رئيس البرلمان العربي    موعد مباراة الفيحاء ضد الاتفاق في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    تعرف على تشكيل مباراة تلا ودمياط في رابع جولات القسم الثاني    تشكيل الهلال المتوقع ضد التعاون في الدوري السعودي    عاجل.. تأجيل محاكمة 35 متهم في قضية شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي ل 26 نوفمبر    بالصور.. أمين "الأعلى للآثار" يتفقد مقبرة الملكة نفرتاري والمتحف المفتوح بالكرنك    «100 يوم صحة» تقدم 135.7 مليون خدمة طبية مجانية خلال 86 يوما    وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء مستشفى العين السخنة للطوارئ ويوجه بسرعة إنهاء الأعمال ودخول الخدمة    وزير التعليم العالي يفتتح عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة الإسكندرية    قناة القاهرة الإخبارية: القصف الإسرائيلي يستهدف 3 مناطق في سوريا    شهيد فلسطينى برصاص إسرائيلى فى مدينة طولكرم شمال غرب الضفة الغربية    فيديو.. رئيس الأركان يتفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي    اعتماد ترقية 6379 عضواً بهيئة التعليم إلى الوظيفة الأعلى في أسوان    مدبولي: نحرص على دفع العمل في القطاعات المُنتجة لخفض فاتورة الاستيراد    الترشح يبدأ الأحد.. الأهلي يعلن انتخاب نائب الرئيس بالجمعية العمومية في نوفمبر    موتسيبي يحضر مباراة مصر والمغرب فى أمم أفريقيا للكرة الشاطئية.. صور    تقرير: الاتحاد السعودي دفع 50 مليون يورو لإنهاء التعاقد مع مدربه مانشيني    76.05 دولار لبرنت.. تعرف على أسعار النفط بالأسواق العالمية    الأرصاد تكشف طقس الأيام المقبلة.. ورسالة مهمة لطلاب المدارس    «السكك الحديدية»: تعديل تركيب بعض القطارات اعتبارا من 1 نوفمبر    «فاو» تكرم مدير مشروع حصر ومكافحة مرض العفن البني في البطاطس    محمد فراج خلال مشاركته بمهرجان الجونة: «أصولي صعيدية وتربيت في المسرح»    مهرجان الموسيقى العربية أضاء سماء القاهرة بأروع أعمال الطرب    كنت مكسوفة.. عايدة رياض تتحدث عن قُبلات عادل إمام لها    شهيد و3 مصابين جراء قصف الاحتلال منطقة قيزان أبو رشوان فى خان يونس    أستاذ بالأزهر: الزوج لازم يقول كلام طيب لزوجته لهذه الأسباب    جهاز دمياط الجديدة ينفذ 11 قرار غلق وتشميع وإزالة مبانٍ مخالفة    رئيس مجلس النواب يهنئ محمد اليماحي بمناسبة فوزه برئاسة البرلمان العربي    وجه بها الرئيس السيسي..مدبولي :تجربة المدارس اليابانية شديدة التميز    صحة الدقهلية: تحصين 7500 سجين من النزلاء الجدد باللقاح الكبدي الفيروسي B    جامعة القاهرة: 1627 مواطنًا استفادوا من خدمات قافلة كفر طهرمس    ألبا وميسي يقودان إنتر ميامي للفوز على أتلانتا يونايتد    خلال 24 ساعة.. تحرير 509 مخالفات لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    حقيقة هدم كنيسة ملوي    هيئة الاستثمار: 2066 شركة صينية في مصر باستثمارات مباشرة 8 مليارات دولار    هل صلاة قيام الليل يمكن أن تعوض الصلوات الفائتة؟.. الإفتاء توضح    وزير الأوقاف: القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أيد الله عز وجل بها نبيه    إصابة ربة منزل سقطت من الطابق الثاني بالجيزة    فيديو.. خبير سياسات دولية: إسرائيل تهول من نجاح الهجوم على إيران    بعد غياب 35 عاما.. بطلة مسلسل هند والدكتور نعمان تفكر في العودة للتمثيل    إعلام لبناني: طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن غارة على بلدة طيردبا    التنمية المحلية: انطلاق الأسبوع ال 13 من الخطة التدريبية للمحليات بتنفيذ 5 دورات يستفيد منها 166 متدربًا    4 أبراج فلكية تتهرب من تحمل المسؤولية.. ابعد عنها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 26-10-2024 في المنيا    هل تجب قراءة الفاتحة بعد الإمام في الصلاة الجهرية أم يجوز تركها؟    مصرع عامل بعد إصابته برش خرطوش بالبطن والصدر في سوهاج    النائب العام يلتقي سكرتير الدولة للعدل الإسباني لبحث التعاون القضائي الدولي    الدفاع الجوي الإيراني: تصدينا لمحاولة إسرائيل استهداف عدة مواقع حول طهران وفي أنحاء البلاد    البيت الأبيض: علمنا بهجوم إسرائيل على إيران قبل ساعات من وقوعه    مهرجان الجونة السينمائي: يوم ثانٍ من السحر والرقي في إطلالات النجمات |صور    غلق القيد الصيفي للدوري الممتاز للموسم الجديد 2024-2025    انتشال جثة شخص من مشروع ناصر بعد 24 ساعة بالبحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‏3‏ قصص من فرانز كافكا فرانز كافكا

لم أكن متأكدا قط‏,‏ إن كان هناك محام‏,‏ لم أتمكن من معرفة ذلك علي وجه اليقين‏,‏ فالوجوه كلها تشيح عني‏,‏ أغلب الذين مروا أمامي أكثر من مرة في الممرات‏,‏ كانوا يشبهون النسوة العجائز‏,‏ يضعن علي صدورهن مرايل عريضة تغطي الجسد كله, لونها أزرق غامق ومخططة بخطوط بيضاء, يهززن بطونهن ويتحركن بتتثاقل يمنة ويسرة, لكنني لم أكن متأكدا أننا في المحكمة. هناك أشياء تؤكد ذلك وأشياء كثيرة تنفيه, إن أكثر ما يؤكد لي أنها محكمة, هي تلك الضوضاء وهذا الصخب المتواصل الذي يسمع عن بعد, والذي من الصعب تحديد جهة مصدره, فهو يملأ جميع القاعات بلا استثناء, لدرجة تجعل المرء يعتقد, أن هذه الضوضاء وهذا الصخب تنبعث من جميع الاتجاهات, أو بشكل أصح من المكان الذي يقف المرء فيه. لكن ذلك غير حقيقي فقد كانت الأصوات تأتي من بعيد. كانت الممرات ضيقة, منبعجة, تؤدي الي قاعات دائرية, بها أبواب عالية عليها زخارف شحيحة, تصلح كمكان للهدوء العميق, أشبه بممرات متحف أو مكتبة عامة. وان لم يكن هذا المبني هو المحكمة, فلماذا أبحث هنا عن محام؟ لقد بحثت في كل مكان عن محام, فهو ضروري في كل الأحوال, حقيقة يحتاجه المرء في المحكمة بدرجة أقل عن أي مكان آخر, فالقضاء يصدر أحكامه بناء علي القانون, هذا ما يتوقعه المرء. فلو اعتقد المرء أن الأمور هنا غير عادلة ومستهترة, عندئذ تكون الحياة مستحيلة غير ممكنة, علي المرء أن يثق كلية بالقضاء, وأن تكون لجلالة القضاء مطلق الحرية, فهذا واجبه الأساسي والوحيد, فكل شيء في إطار القانون, الادعاء والمحامي والحكم, وتدخل أي شخص من الخارج يكون إثما عظيما يختلف الأمر في التعامل مع وقائع الحكم وحيثياته التي تعتمد علي التجاوزات هنا وهناك, مع الأقارب والأغراب, مع الأصدقاء والأعداء, في الأسرة أو خارجها, في المدينة والقرية, باختصار في كل مكان. هنا يستلزم الأمر وجود محام, بل مجموعة من المحامين, الواحد بجوار الآخر, حائط حي, فالمحامي بطبعه بطيء الحركة, أما رجال الادعاء, هؤلاء الثعالب الماكرة, النشطة كابن عروس, الفئران المتخفية, التي تنسل خلال أصغر الثقوب, وبين أرجل المحامين. حذار! لذلك أتواجد هنا كي أبحث عن المحامين. لكنني لم أجد أحدا منهم, لم أجد غير هؤلاء النسوة العجائز, اللاتي يرحن ويجئن هنا وهناك, لو أنني توقفت عن البحث لداهمني النعاس بكل تأكيد. أنا لست في المكان المناسب, للأسف لا يمكنني أن أستبعد هذا الانطباع, بأنني لست في المكان المناسب. يجب أن أكون في مكان آخر, حيث يتوافد الكثير من البشر, من جهات مختلفة, ومستويات متعددة, من كل المهن والوظائف, ومن أعمار متباينة, أرغب في أن تكون عندي الفرصة لأن أختار بدقة وحذر الأكفاء, البشوشين, الذين يروقونني. ربما كانت السوق السنوية الكبري أفضل مكان لمثل هذا التجمع وبدلا من أن أفعل ذلك, أضيع وقتي هنا بين الممرات, حيث النسوة العجائز يرحن ويجئن أمامي هنا وهناك, دائما نفس النسوة العجائز, ورغم حركتهن البطيئة, فهن لا تتوقفن أمامي, بل تعبرن كسحابة ممطرة وهن منهمكات ومنشغلات بشيء غير واضح بالنسبة لي.. لماذا إذن أدخل بتعجل وبشكل عشوائي مبني ما, دون أن أقرأ اللافتة التي علي البوابة, أدخل مباشرة إلي الممرات, وأجلس هناك بإصرار وعناد, حتي أنني لم أعد أتذكر أنني وقفت قط أمام هذا المبني, أو صعدت علي سلالمه ذات مرة. غير مسموح لي بالعودة, هذا الوقت الضائع, الاعتراف بأنني أخطأت الطريق, أجد ذلك غير محتمل. ماذا؟ في هذه الحياة القصيرة المتعجلة المصحوبة بهذا الصخب وهذه الضوضاء, علي أن أصعد السلالم؟ هذا غير ممكن, مستحيل. وقت قصير هو المصرح لك به, إن فقدت منه ثانية واحدة, فقدت حياتك, فهي ليست أطول مما هي, طولها يتحدد بقدر ما تفقد من وقت. إذا ابتدأت في طريق, واصل حتي تكمله, تحت أي ظرف, هكذا فقط يمكنك أن تربح, ليس هناك من مخاطرة. ربما تسقط في النهاية, ولو أنك استدرت بعد الخطوات الأولي ونزلت السلالم, ربما تسقط أيضا في البداية, ليس ربما, بل بكل تأكيد. إن لم تجد شيئا في الممرات, افتح الأبواب, ان لم تجد شيئا خلف الأبواب, اصعد للدور الأعلي, ان لم تجد شيئا هناك, لابأس, تخيل وجود سلالم جديدة, وطالما لاتتوقف عن الصعود, فلا تنتهي السلالم, انها تنمو تحت قدميك الصاعدتين.
2 شعار المدينة
في البداية كانت عملية بناء برج بابل علي أحسن مايرام, بل ربما أكثر مما كان متوقعا, فقد روعيت كل التفاصيل وبدقة, علامات ارشاد الطرق, مرشدون سياحيون, مساكن للعمال, طرق المواصلات, كان هناك مئات من فرص العمل. كان الرأي الغالب هو, أنه لايمكن استمرار العمل بهذا الإيقاع البطيء, فقبل كل شيء يجب وضع الأساس, كان تبرير ذلك هو ان الشيء الأساسي في المشروع كله هو الفكرة. بناء برج يصل الي السماء ويناطحها. مقابل هذه الفكرة, تصير كل الأشياء الأخري ثانوية فعندما تفكر في عظمة الفكرة وتستوعبها, تتأكد أنها لايمكن ان تختفي أو تندثر, فطالما هناك بشر, ستظل تلك الرغبة القوية في بناء هذا البرج قائمة, أما بالنسبة للمستقبل, فيجب ألا يساورك القلق, علي العكس, فمعارف الإنسانية في تقدم مستمر, وفن البناء في تقدم مستمر هو الاخر. وسيظل يتقدم باطراد خطوة خطوة, فالعمل الذي كان يتطلب عاما بأكمله لكي ينجز, سوف ينجز في نصف هذا الوقت بعد مائة عام, بل وبشكل أفضل ومستوي أعلي, لماذا إذن نبذل اليوم أقصي جهد ممكن؟
يكون لذلك معني, لو أننا توقعنا أن بناء البرج سينجز في إطار جيل واحد. هذا لايتوقعه أحد, الاحتمال الأكبر, هو أن الجيل التالي بمعارفه الجديدة, سوف يري أن عمل الجيل السابق عليه عمل ردئ, ويقوم بهدم البرج, ويبدأ في بنائه من جديد, مثل تلك الأفكار تبطئ من همه العمل في المشروع, وبدلا من الاستمرار في بناء البرج, يتحول الاهتمام لبناء مدينة للعمال, كل صاحب أرض يريد أن يبني منزله في أجمل الأحياء, وتبدأ النزاعات.
وتتصاعد, وتزداد شراسة, وتصل إلي الاقتتال وسفك الدماء, وتستمر النزاعات ولاتتوقف, وقد وصلت قيادات هذه النزاعات الي منطق جديد: من الضروري أن يعمل علي تهدئة إيقاع بناء البرج, فهو يحتاج لتركيز من نوع خاص, وربما من الأفضل أن يؤجل المشروع برمته لأجل غير مسمي, إلي أن تسوي النزاعات وتعقد اتفاقية سلام شامل, بالطبع لم يستهلك الوقت كله في النزاعات, ففي فترات الهدنة كانوا يقومون بتجميل المدينة, الشيء الذي أثار الحقد في نفوس بعضهم البعض, وابتدأت دورة جديدة من النزاعات. هكذا مر زمن الجيل الأول, كما أن الأجيال التالية لم تكن مختلفة عن هذا الجيل, فقط تقدم في البناء, وتصاعد باستمرار, وتصاعدت معه الرغبة في النزاعات. إلي أن اكتشف الجيل الثاني أو الثالث أن بناء البرج لامعني له أصلا, كما أن الارتحال من المدينة لاضرورة له. فقد ارتبط أهل المدينة ببعضهم البعض أكثر فأكثر.
كان كل ماابدعته تلك المدينة من أمثال وأغان, يعبر عن حلم واحد ينتظره الجميع, ان يأتي يوم تدك فيه مدينتهم تلك وتندثر, بضربات متواصلة من قبضة هائلة جبارة, لذلك, اختاروا قبضة اليد شعارا للمدينة
3 الخذروف
كان هناك فيلسوف يحب التجول دائما حيثما يلعب الأولاد, رأي صبيا في يده خذروف فترصد له. ما أن بدأ الخذروف في الدوران, الا وتابعه الفيلسوف يريد الإمساك به. لم يلق بالا لاعتراض الأطفال وصرخاتهم ومحاولتهم ابعاده عن لعبتهم, وأمسك بالخذروف أثناء دروانه, غمرته السعادة للحظة, ثم ألقي به علي الأرض وانصرف. كان مقتنعا تماما بأن معرفة جزئية صغيرة مثل خذروف يدور حول نفسه تكفي بأن تقود الي المعرفة العامة. لذلك لم يشغل نفسه بالقضايا العامة, ففي تلك هدر ما وتضييع وقت. فلو أنك عرفت بالفعل أصغر جزئية, سوف تعرف كل شيء, لذلك ركز اهتمامه فقط, بالخذروف الذي يدور حول نفسه. كان يأمل دائما عندما يستعد لتدوير الخذروف أن تتحقق الأمنية ويدور الخذروف, فيتابعه لاهثا بنفس متقطع, عندئذ يتحول الأمل الي يقين, ويظل ممسكا بقطعة الخشب البليدة, تزعجه وترن في أذنيه صرخات الصبية, التي لم يكن يسمعها من قبل وتطرده بعيدا, حيث يترنح كخذروف يلسعه سوط بليد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.