بداية فإن شغب الملاعب موجود منذ أن أنشئت الملاعب واخترعت ألعابها, ولاعلاقة لثورة25 يناير باندلاع هذه الموجة من الشغب, كما يحلو للبعض تفسير الأمر, اتباعا لمنهج ربط كل ناقصة بالثورة, حتي لو كانت تقلبات المناخ في فصل الربيع أو أزمة المرور التي نعاني منها منذ عشرات السنين, وشغب الملاعب معروف أسبابه ودوافعه وطرق مناهضته, ولا يقتصر علي الملاعب المصرية دون غيرها, و يمتد إلي كل ملاعب العالم, حتي ولو كانت هذه الملاعب تنتمي إلي دول كبيرة وعريقة أمنيا وراسخة أنظمة حكمها. وكما أن لكرة القدم ملاعب, يتفنن فيها المشاغبون, فإن لكل مناحي الحياة ملاعب يبدع فيها أيضا المجرمون, ولذلك فإن القانون وحده هو المنوط به مواجهة هؤلاء, والقانون لا معني له إلا باحترام من الجميع وتنفيذ علي الجميع, ويحتاج في ذلك إلي قوة تحميه لتضمن تطبيقه وسريانه علي الجميع, فإن لم تكن الشرطة جاهزة, فالجيش موجود, وعلي الجميع تحمل مسئولياته, وعدم الاستهانة بما يحدث في ملاعب الرياضة, لأن في ذلك تشجيع لمشاغبي ملاعب الكرة, و تحفيز لمجرمي ملاعب الحياة في توصيل رسائلهم إلينا وإلي العالم أجمع, إن لم يكونوا قد أصبحوا واقفين بالفعل علي عتبة نجاح أهدافهم وخططهم. ولم يعد خافيا علي أحد, تزايد حدة إجرام هذه الأعمال في بلدنا, ليس فقط لأسباب خاصة بفلول النظام السابق, بل لعوامل أخري, تئن بسببها بعض الأنظمة في منطقتنا والعالم, جراء التوجهات الجديدة لسياستنا الخارجية, وباستمرارها علي هذا النحو توشك أن تجهض كل المخططات الاستعمارية الجديدة بإعادة تشكيل المنطقة علي أسس عرقية ودينية ومذهبية, وهو ما تحطم حتي الآن عند نقطة نجاح الديبلوماسية المصرية في المصالحة الفلسطينية, وكسر الجمود العدائي في العلاقة مع إيران, وهو أمر بالطبع لا يعجب الكثيرين ممن لهم مصالح في إبقاء الأمر علي ما هو عليه, وبالتالي محاولتهم في إعادته إلي ما كان عليه, أو أولئك الذين يأتمرون بغيرهم, لتنفيذ مخططات غيرهم, بأموالهم هم لا بأموال غيرهم. والحسم والحزم والشدة في مواجهة شعب الملاعب الرياضية, وإجرام بقية الملاعب, أصبح ضرورة ملحة, وإذا كان علي الجيش والشرطة مسئولية وطنية في ذلك, فإن الجميع عليه مسئوليات أكبر وأهم, من إدارات أندية, وزعماء روابط التشجيع, وحتي المحافظين, ولابد أن يتخلي الجميع عن انتماءاتهم الصغيرة, سواء لأندية أو طوائف بعينها, وتقديم مصلحة الوطن علي الجميع, لا أن يستغل أيهم الظروف الراهنة من أجل تمرير مكسب زائف سرعان ما سيتلاشي, إذا لم توفق الأجهزة المعنية في مواجهة هذه الموجة من الشغب والإجرام. لقد اضطر اتحاد كرة القدم لتغيير لوائح العقوبات, لأن محافظا رفض تطبيق العقوبة المنصوص عليها علي نادي محافظته, وهي اللعب بدون جمهور, ومهما كانت أسبابه, فهناك أسباب أكبر وأعمق وأخطر, تجعلنا نسمو الآن فوق الحسابات الضيقة والمصالح الخاصة. إن أوجه الشغب متشابهة, سواء كانت في ملاعب كرة القدم أو غيرها, ولأنها من طبائع الأمور, فإنها تجد من يستغلها, ويزيد من اشتعالها, لأسباب لم تعد تخفي علي أحد, وبأساليب لم تعد تنطلي علي أحد, مما يدعونا لعدم إضاعة الوقت أكثر مما ضاع, وأن نعلم أن إعداد الساحة للديمقراطية المنتظرة, لا يعني أبدا تأجيل الملفات الأمنية لمن هو قادم إلي دائرة الحكم, ولا التردد في فتح مزيد من ملفات الفساد علي مستويات أخري, مثل الرياضة, بدعوي أن هناك ما هو أهم منها, فالفساد واحد تنفتح نوافذه علي بعضها, كما أن الشغب واحد, وتتعدد صوره حسب الملعب الذي اختاروه له, والإجرام لا يتغير, وإن تغيرت الشخوص والأدوات والملاعب. [email protected]