أثار مشروع قرار مجلس النواب الأمريكي بتصنيف مشغلي الأقمار الصناعية كمنظمات إرهابية في حالة تعاقدهم مع القنوات المصنفة كقنوات تروج للفكر الإرهابي, حفيظة المشاركين في ملتقي المؤسسة العربية للاتصلات الفضائية( عرب سات) الخامس للبث التليفزيوني الفضائي. الذي انعقد علي مدي يومين في العاصمة اللبنانية بيروت برعاية رئيس الوزراء سعد الحريري وبحضور جمع غفير من مسئولي البث الفضائي لأكثر من300 محطة تليفزيون فضائية في المنطقة والعالم, وحشد من الإعلاميين العرب والأجانب, وذلك تزامنا مع الاحتفال بمرور25 عاما علي إطلاق أول قمر من أقمار عرب سات1 أ, والذي تم إطلاقه في الثامن من فبراير عام1985. فلم تخل كلمة من الكلمات التي ألقاها كبار المسئولين في افتتاح الملتقي من التعليق والشجب لفكرة التدخل الأمريكي في الإعلام العربي بمحاولة اتخاذ إجراءات عقابية ضد القنوات التليفزيونية التي يعتبر أنها تحض علي العنف وتساند الإرهاب. وقد ألقي الدكتور طارق متري وزير الإعلام اللبناني كلمة رئيس الوزراء سعد الحريري التي أعرب فيها عن أن مسئولي الأقمار الصناعية غير مسئولين عن محتوي القنوات التي تبث برامج يري البعض أنها تحث علي العنف, وبالتالي فليس لديها مايخول لها الحق في اتخاذ إجراءات عقابية تجاه تلك القنوات. وأكد رفض فكرة التضييق علي حرية الإعلام وهو ماتم إعلانه في الاجتماع الأخير لوزراء الإعلام العرب, وفي الوقت نفسه قال متري إن هذا التدخل من الجانب الأمريكي فيما يذاع علي القنوات الفضائية العربية لايخدم قضية الحوار بين أهل الثقافات والأديان, وإنما يسهم في زيادة الكراهية والتطرف, ورفض التضييق علي حرية الإعلام, ولايعني الموافقة علي الحض علي العنف, ولكننا نشدد هنا, علي التمييز بين الحق المشروع في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي, والعمل الإرهابي, ومن ثم فلابد من احترام الإعلام قوانين العرض والالتزام الأخلاقي النابع من داخلنا والذي يدعو إلي حوار متعدد الأطراف ومن جانبه أوضح المهندس خالد بالخيور, الرئيس التنفيذي لعرب سات, أن دور الأقمار الصناعية هو نقل المحتوي وليس إجازته ومراقبته, حيث يتم ذلك من خلال القنوات, وأن المؤسسة سوف تعمل علي توضيح وجهة نظرها في هذا الموضوع بكل الوسائل المتاحة لها وبدعم من الجامعة العربية ووزراء الإعلام العرب. كذلك أكد السفير محمد الخمليشي الأمين العام المساعد للجامعة العربية في كلمته, أن الأمانة العامة للجامعة العربية قد واكبت هذا المشروع منذ بداية مراحله وناقشته, وأصدر قطاع الإعلام بيانا عبر فيه عن موقف الجامعة باعتباره تدخلا في الشئون الداخلية للدول العربية ومساسا بسيادتها, ومن ثم رفض محاولات التضييق علي القنوات التليفزيونية والتمييز بين العرب في الدفاع عن قضيتهم الأم, القضية الفلسطينية, والدعوة إلي العنف والتطرف وأشار إلي أن الدول العربية هي ضد أي شكل من أشكال العنف والطائفية والإرهاب, وفي الوقت نفسه تتمسك بحرية الإعلام وضرورة التمييز بين حرية إبداء الرأي والدعوة لإثارة الفوضي, واحترام المبادئ المهنية وعلي رأسها الحيدة والشفافية. وأوضح الخمليشي أن بيان الأمانة العامة طالب بتحرك عربي من وزراء الخارجية العرب لدي الإدارة الأمريكية لإظهار التأثير السلبي للقرار الأمريكي. ومن جانبه أكد الوزير غازي العريضي وزير الأشغال العامة والنقل في كلمته أمام الملتقي, أن الأقمار الصناعية وجدت لكي تضئ الفضاءات وتنير العقول ونجد فيها مكانا مناسبا لعرض أرائنا وإبداعاتنا. وربما من هذا المنطلق, كما يقول العريضي, جاء قرار مجلس النواب الأمريكي لمعاقبة المبدعين والعرب في عرب سات و نايل سات. وقد وجه الوزير اللبناني التحية للجامعة العربية ومسئولي الأقمار الصناعية الذين تصدوا بشجاعة لهذا الموقف الأمريكي غير المسبوق, في الوقت الذي تدعم فيه قنوات أمريكية برامج تحث علي كراهية العرب, وتدعم وتساند من يمارس الإرهاب الحقيقي ضدهم ويهدد حياتهم وأمنهم. وعن وجهة نظره في مشروع القانون الأمريكي, أوضح المهندس حسن راتب رئيس قناة المحور الذي كان مشاركا في الملتقي, إننا جميعا نرفض الإرهاب, وأن هذا المشروع أقرب إلي البلطجة من فهم أمريكا لدورها علي الساحة الدولية. فالمفترض أن تكون لأمريكا أدوار فاعلة في نقل ثقافة حب الحياة, وإقناع الآخر بالتقدم والتنمية والتطور.. ثقافة محاربة الفكر المتطرف بفكر معتدل تستخدم فيه هذه الوسائل لدحض الحجج بأقوي منها, خاصة أن العالم أصبح سماوات مفتوحة لايستطيع أحد أن يحجر علي فكر الآخر, ويبقي علي المشاهد أن يحكم علي الاختيارات الأفضل, وتبقي القنوات الأكثر قناعة ومصداقية هي الأكثر انتشارا. وهذه هي الثقافة التي كنا نتوقعها من أمريكا, وليس ممارسة البلطجة شأن ما حدث في العراق وأفغانستان, فهذا الأسلوب لن يؤدي إلا إلي زيادة الإرهاب, ويجعل له منطقا ويصور له حججا ومبررا. ويضيف راتب أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ارتكبت أخطاء كثيرة قاتلة سوف تؤثر ليس فقط علي سمعتها, ولكن أيضا علي الكيان الأمريكي نفسه. فالأزمة الاقتصادية العالمية أثبتت أن حجم الفساد في الجهاز المصرفي والاقتصادي الأمريكي وتحويل سلوكيات الشعب الأمريكي من شعب منتج إلي شعب مستهلك, هذا الي جانب اتباع سياسة ائتمانية غير واعية, قد أدي لتعرض الاقتصاد العالمي لأزمة مالية ضخمة تكاد تؤدي إلي الانهيار الكامل والارتباك غير المسبوق في حركة السوق, خاصة في المجال العقاري بما أثبت أن السياسات الأمريكية الاقتصادية سياسات عابثة وغير مسئولة. وعن مواكبة عرب سات لمتطلبات سوق الاتصالات الفضائية الإقليمية والعالمية لما تشهده هذه السوق من نمو وتسارع في الطلب علي خدمات الأقمار الصناعية خاصة في منطقتنا العربية, أكد بالخيور, الرئيس التنفيذي لعرب سات, حرص المؤسسة علي الاعتماد في تحديث خطتها الاستراتيجية علي التوسع الذاتي, وذلك ببناء أسطول من الأقمار الصناعية الحديثة لتلبية متطلبات عملائها, والتوسع الجغرافي وزيادة رقعة تغطيتها في جميع الخدمات بزيادة منصات الإرسال للخدمات التليفزيونية الفضائية في العديد من الدول العربية. ومن ثم فقد أطلقت المؤسسة, حسب قول بالخيور, قمري الجيل الرابع, وهما بدر4, وبدر6, وتستعد لإطلاق قمري الجيل الخامس, وهما القمران بدر5 أ, وبدر5 خلال هذا العام, حتي تتمكن من تغطية القارة الإفريقية بالكامل. لقد فرض الفضاء القنواتي العربي انفتاحا عربيا وحوارا عربيا.. فهل يأتي اليوم الذي يتحقق فيه التواصل والاتحاد العربي الذي عجز عن التوصل إليه أبناء البلد الواحد؟