جوهر الدين وسره هو الايمان الذي تهب نسماته علي الانسان فتمنحه السكينة والاطمئنان وتفتح بصيرته وبصره, ولها الاثر الكبير في بناء الحضارة ونهضة الامة. ويؤكد الدكتور لطفي عفيفي استاذ الفقه بجامعة الازهر ان الايمان معناه في الشرع تصديق القلب تصديقا جازما بكل ما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم فإذا اعتقد المسلم اعتقادا جازما لا تردد فيه كفاه ذلك وهو مؤمن من الموحدين فالإيمان هو التصديق او الاعتقاد الجازم. ولقد كثر الكلام قديما وحديثا فيما يتحقق به الايمان للمؤمن واثر هذا الوصف في الدنيا والآخرة ودار الكلام حول العلاقة بين تصديق القلب والاقرار باللسان والعمل بالجوارح في معاملة الناس بعضهم لبعض وفي عدم خلودهم في النار ودخولهم الجنة ولهم في ذلك اراء ثلاثة فهناك رأي يكتفي للمرء بمجرد الاقرار باللسان بانه مؤمن حتي ولو لم يكن معه تصديق بالقلب ولا عمل بالجوارح, اما الرأي الثاني فيشترط مع الاقرار باللسان التصديق بالقلب, والرأي الثالث ان الايمان مركب من التصديق بالقلب ومن الاقرار باللسان ومن الاعمال التكليفية ويعبر عنه احيانا بقولهم تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالاركان ولكل رأي أدلته وقد يطرح سؤال فهل مرتكب المعصية خرج من دائرة الايمان فنقول ان النصوص صريحة في ان العاصي بغير الشرك يطلق عليه اسم المؤمن وكما قال الله سبحانه وتعالي يا أيها الذين آمنوا توبوا الي الله توبة نصوحا عسي ربكم ان يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار حيث ناداهم الله بوصف الايمان وطلب منهم التوبة ليكفر عنهم السيئات وجعلهم في عداد المتقين وهم صفوة المؤمنين. وقد يقال ان الاعمال جزء من الايمان لا يوصف الانسان بالمؤمن اذا قصر فيها حيث ان هذه الاعمال هي للايمان الكامل لا لأصل الايمان فهو ينقص ويزيد بزيادة الادلة وينقص بنقصانها فمراتب المؤمنين بالطبع تختلف بزيادة الاعمال ونقصانها فمن المؤمنين سابقون بالخيرات ومنهم من خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وكما يختلف المؤمنون افرادا يختلفون جماعات. فالايمان الكامل هو الذي يصحبه العمل وبغير العمل يكون ناقصا لكن لا يسلب عن الشخص اسم المؤمن اذا ما عرف الانسان ربه عن طريق العقل والقلب تركت في نفسه اثارا طيبة ووجهت سلوكه وجهة الخير والحق والسمو والجمال فهي تحرر النفس من سيطرة الغير, فالايمان يقتضي الإقرار بان الله هو الحي المميت الخافض الرافع الضار النافع فان الذي عوق البشرية عن النهوض والرقي هو البعد عن اوامر الله. كما ان طمأنينة القلب وسكينة النفس اثر من اثار كمال الايمان واذا اطمأن القلب وسكنت النفس شعر الانسان بدفء الراحة وحلاوة اليقين وثبت امام المصائب فمهما اشتدت ورأي يد الله ممدودة اليه وانه سبحانه وتعالي قادر علي فتح الابواب المغلقة فلا يتسرب اليه الجزع ولا يعرف اليأس الي قلبه سبيلا. وبالايمان يسمو الانسان عن الماديات ويرتفع عن الشهوات ويري ان الخير والسعادة في النزاهة والشرف وتحقيق القيم الصالحة, ومن هنا يتجه اتجاها تلقائيا لخير نفسه ولخير أمته ولخير الناس اجمعين.