في أول تجربة ديمقراطية حقيقية تشهدها البلاد, خرج الملايين من سكان محافظتي الجيزة و6 أكتوبر للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء علي تعديل المواد الدستورية. وعلي الرغم من ذلك لم يخل العديد من اللجان من المشكلات عندما اعترضت أعداد كبيرة من المواطنين. علي عدم وجود أختام علي الكشوف التي يدون بها أسماء الناخبين, ورفضوا الإدلاء بأصواتهم وأكدوا أن ذلك ذريعة لتزوير ارادتهم, عند ذلك تدخل القضاة المشرفون علي الاستفتاء وأكدوا أنهم سوف يقومون بالتوقيع أمام اسم كل ناخب في الكشوف التي لا توجد بها أختام, وهو ما دفع البعض للاستجابة لحديث القضاة عندما وقع أمامه, إلا أن أعدادا كبيرة منهم رفضوا ذلك وأصروا علي أن يتم ختم هذه الكشوف بأرقام اللجان, بالاضافة الي خاتم شعار الجمهورية وهو ما دفع رجال الأمن إحضار الأختام, وختم هذه الكشوف, وعند ذلك اطمأن الناخبون, وقاموا بالإدلاء بأصواتهم. وأكثر اللجان التي شهدت اعتراضات لجان جمال عبدالناصر بالدقي, والتي أدلي بصوته فيها الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء, والدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء, وكذلك مدرسة ملحقات المعلمات بالدقي والأورمان والدقي الإعدادية, وقد قام اللواءان فاروق لاشين مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة وكمال الدالي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة بالمرور علي اللجان والتأكد من أن جميع ضباط الشرطة يشاركون القوات المسلحة في تأمين مقار اللجان من الخارج. وقد قامت الأهرام بجولة في العديد من اللجان الانتخابية بمحافظتي الجيزة و6 أكتوبر, ففي منطقة العمرانية شهدت مدرسة الفريق عزيز المصري اقبالا شديدا منذ الساعات الأولي من الصباح حتي بلغت الأعداد خارج المدرسة وداخلها أكثر من7 آلاف ناخب, وبلغ طول الطوابير في الاتجاهين لأكثر من نصف كيلومتر, مما اضطر مسئولي اللجان الي القيام بتنظيم دخول الناخبين من السيدات والرجال في مجموعات. أما مدرسة السادات فقد شهدت اقبالا شديدا تسبب في توقف حركة المرور بشارع الهرم, نظرا للأعداد الغفيرة التي تخطت أكثر من5 آلاف معظمهم من السيدات اللاتي أكدن أن هذه هي المرة الأولي التي يخرجن فيها الي الاستفتاء, حيث إن المرات السابقة لم يكن يخرجن لعلمهن أن النتيجة معروفة مسبقا, لكن هذه المرة الصوت الواحد سوف يغير الي الأفضل. أما مدرسة جمال عبدالناصر بالدقي, فقد شهدت إقبالا زاد الي أكثر من10 آلاف ناخب, وعلي الرغم من أن المدرسة بشارع الثورة فقد امتد الطابور الي مسافة أكثر من كيلو متر حتي وصل الي نادي الصيد, والجميع من الشباب وطلاب الجامعات أكدوا أن هذه المدرسة كان لا يحضر إليها في الانتخابات السابقة إلا عشرات الأشخاص فقط. أما مدينة6 أكتوبر, فهي المرة الأولي التي تشهد فيها استفتاء بعد تحويلها الي محافظة مستقلة, فقد خرج الآلاف منذ الصباح أيضا, إلا أنهم فوجئوا أيضا بعدم ختم الكشوف مما اضطرهم الي العزوف عن الإدلاء بأصواتهم, إلا أن اللواءين عمر الفرماوي مساعد الوزير لأمن أكتوبر وجمال عبدالباري مدير المباحث أكدا لهم أن القضاة المشرفين علي الانتخابات سوف يقومون بالتوقيع أمام كل ناخب علي الكشوف, مما د فعهم الي التجاوب والإدلاء بأصواتهم. كان هناك نوع آخر من الحشود معظمهم من المزارعين, خاصة مناطق العياط والبدرشين والحوامدية وأبوالنمرس, فقد خرج هؤلاء المزارعون منذ أن قامت اللجان بفتح أبوابها للادلاء بأصواتهم قبل الذهاب الي حقولهم, مؤكدين أنهم سوف يشاركون في أي انتخابات مقبلة, وأن أحدا لن يشتري أصواتهم بعد اليوم. شيخ وقس وفي إحدي المدارس الثانوية بمنطقة مركز الجيزة, كان هناك مشهد رائع يجسد الوحدة الوطنية عندما حضر شيخ وقس سويا ليدليا بصوتيهما في الاستفتاء علي تعديل مواد الدستور, وقد قابلهما الناخبون بالترحاب وهما يؤكدان أن مصر وطن للجميع, وأن وحدتنا أكبر من أن يهزها أي شيء, وفي مشهد مماثل بمدرسة جمال عبدالناصر كان هناك اثنان من القساوسة حرصا علي الإدلاء بصوتيهما وهي المرة الأولي التي يظهر فيها رجال الدين المسيحي في الاستفتاءات بكثرة. نعم.. ولا وخلال الجولة التي قامت بها الأهرام واستطلاعها لآراء العديد من الشباب داخل مقار اللجان, تباينت الآراء ما بين موافق ورافض لهذه التعديلات, ولكن الشيء الذي أسعد الجميع أنه علي الرغم من الاختلاف بين الفريقين إلا أن الجميع كان يحترم وجهة نظر الآخر, وهو ما يؤكد أن ثقافة قبول الاتجاه الآخر أصبحت موجودة بشكل ملحوظ, إلا أنه لا يستطيع أحد أن يجزم بماذا سوف تسفر النتيجة, فلأول مرة يتضح أن فريق نعم أعداد كبيرة, وفريق لا أعداد كبيرة. عجوز في الثمانين وفي مشهد يكاد لا يتكرر بمدرسة بولاق الدكرور الإعدادية, حضر مسن في الثمانين من عمره يستند الي عصاه وحفيده ولم يمنعه كبر سنه من أن يدلي بصوته, مؤكدا أنه حضر ليري الديمقراطية الحقيقية التي لم يشهدها من قبل, معربا عن سعادته بأنه عاش حتي تلك اللحظة, فقد مرت السنون وهو يري ارادته يتم تزويرها, مؤكدا أن مصر سوف تري في الأيام المقبلة الخير علي يد شبابها الذين قاموا بتلك الثورة العظيمة.