بين دوائر الأبيض والأسود اعتادت جماعة الاخوان المسلمين وفق موروثاتها أن تتنقل برشاقة الفهد في كل ما يتعلق بتحركها إبتداء من موقفها من الثورة في بدايتها وإنتهاء برغبتها في تشكيل حزب يمثلها علي الساحة السياسية رسميا. بعد أن هدمت ثورة25 يناير أسوار الحظر عليها والتي كانت ثورة يوليو طوقتها بها.! في بدايات الثورة أعلنت الجماعة عدم مشاركتها فيها تاركة الحرية لأعضائها بالمشاركة بصفة شخصية.. غير أنها عادت- بعد أن بدت ملامح نجاح الثورة لتقتحم ميدان التحرير رافعة شعارات رفضها جموع الثوار في حينها..!! وعندما تأكد نجاح الثورة رأينا منصة التحرير وقد إعتلاها رموز من الجماعة لم تتح لأحد الفرصة لإكمال حديثه وهو ما وضح بصفة خاصة مع رئيس الوزراء عصام شرف في اليوم الأول لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة لتسيير الأعمال الذي فوجئ بإختطاف الميكروفون من يده أكثر من مرة وما سبقه من منع الشاب وائل غنيم من إعتلاء المنصة! علي جانب الحزب السياسي فإنني لا أدري أي سبب قد دفع القياديين البارزين للجماعة إلي القفز المتتالي بين هذه الدوائر!! فوفقا لما ذكرته صحيفة المصري اليوم في صفحتها الثالثة يوم الجمعة الماضي فإن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح قد رفض_ خلال كلمته في ندوة مستقبل الأحزاب بعد الثورة فكرة تأسيس الجماعة لحزب سياسي فلا يجوز أن تكون للجماعات الإسلامية أحزاب تنافس علي السلطة هكذا قال. غير أن الدكتور أبو الفتوح وأيضا وفقا لما ذكرته الصحيفة قد عاد ليناقض ما قاله إذ أكد عدم ممانعته في خروج حزب يعبر عن أفكار الاخوان ويكون دور الجماعة دعمه فقط!! رؤية الدكتور أبو الفتوح قد تصادمت لحظة الكشف عنها مع تأكيدات القيادي البارز في جماعة الاخوان الدكتور عصام العريان خلال مؤتمر صحفي عقدته الجماعة يوم السبت الماضي لإعلان موقفها من الإستفتاء علي التعديلات الدستورية أن جماعته ستدفع بمرشحيها للمنافسة علي30% أو35% من الدوائر الإنتخابية!! بالإضافة إلي أن خيرت الشاطر قيادي الجماعة قد رفع نسبة هذه المنافسة من جانب جماعته إلي40%. أفهم أنه ربما تكون ثقافة الحذر وراء الموقف الأول للدكتور أبو الفتوح إذ يبدو أن الجماعة لا تزال تعاني من موروث الحظر حتي الآن فأراد أن يطمئن المجتمع علي أن قياديين بالجماعة يرفضون الإنشقاق عن فكر مؤسسها حسن البنا بإعتبار أنه كان يري أن جماعة الاخوان هي في حقيقتها جماعة دعوية لا شأن لها بالسياسة! غير أن ما لا أفهمه هو عودة الدكتور أبو الفتوح ليبدي موافقته علي تأسيس الحزب شريطة أن تكون الجماعة داعمة له فقط دون أن تنافس علي السلطة.. وهو هنا يتناقض تماما مع ما سبق وأن أعلنه في ذات الندوة التي نظمتها الهيئة العامة للكتاب وما تلاه من تصادم مع الدكتور العريان ومن بعده خيرت الشاطر!! أبجدية العمل الحزبي هي المنافسة للوصول إلي السلطة لتنفيذ ما ينادي به أي حزب من برامج يستهدف تطبيقها علي أرض الواقع وأن الوسيلة لتحقيق ذلك هو السيطرة علي السلطة لضمان تنفيذها وإلا ما كان لأي حزب إعداد أي برنامج إنتخابي ودفع مرشحيه إلي الإنتخابات البرلمانية..!! ما يؤكد هذه الحقيقة هو اعلان كل من الدكتور العريان والشاطر والذي يتفق أيضا مع محاولات الجماعة المتتالية خرق قرار حظرها لتنافس علي السلطة وتصل للبرلمان إذ سعت في عام1987 وقت الإنتخابات البرلمانية والتي كان محظور عليها المشاركة فيها للإختباء تحت مظلة حزب الوفد لتهجره بعد ذلك إلي حزب العمل ثم إلي حزب الأحرار في الإنتخابات المتتالية إلي أن قررت بعد ذلك الكشف عن نفسها تحت شعار الاسلام هو الحل!! وهو الطريق الذي عانت الجماعة بسببه الكثير وعرف قياديوها الطريق إلي السجن أوالمعتقل!! ويبقي السؤال.. ألا يعتبر ذلك منافسة من جانب الجماعة علي السلطة ؟!.. أم أن الجماعة قررت أن تظل تقفز بين دوائر الأبيض والأسود ؟! [email protected]' المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش