هل يمكن ان يتقاعد شخص ما من "فكرته"..أو "حلمه"؟ سؤال عجيب يواجه الخبير الإقتصادى البنجلاديشى محمد يونس (70عام) ..الذى تردد اسمه كثيرا فى جنبات العالم وصفق له اكثر من مليار فقير فوق كوكبنا ..وحصل فى عام 2006 على جائزة نوبل للسلام نظير تدشينه "بنك جرامين"الذى اختلف عن باقى البنوك الأخرى. فبنك جرامين الشهير ببنك الفقراء منظمة تمويل للمشروعات المتناهية الصغر وتنمية المجتمع.وقد بدأ فى بنجلاديش ويقدم قروض صغيرة إلى الفقراء دون اشتراط ضمانات مالية. واسس محمد يونس البنك القائم على فكرته المبتكرة فى سبتمبر 1983وكان السبب وراء منحه جائزة نوبل للسلام عام 2006 بعد ان منح فقراء العالم الأمل فى مستقبل أفضل بفكرة ..مجرد فكرة واحدة بسيطة ..ادت الى انقاذ الملايين فى انحاء العالم من الفقر المدقع ومنحتهم وأسرهم دفء الأمل. ولا يمكن ان ينسى احد ذلك المشهد الرائع عندما تم اعلان فوزه بجائزة نوبل وقد وقف الرجل مبتهجا لسماع الخبر رافعا يده بعلامات النصر والتحية للمئات من الفقراء والبسطاء الذين التفوا حوله مهللين مهنئين أمام الكاميرات التى نقلت للعالم أجمع إحتفاء ابناء بنجلاديش والفقراء ببطلهم محمد يونس .."قاهر الفقر". ولكن وفى بداية شهر مارس الحالى اصدر البنك المركزى فى بنجلاديش قراره بإقالة محمد يونس كرئيس تنفيذي لبنك "جرامين" بدعوى أنه لم يتم التصديق على إعادة تعيينه في المنصب بعد أن تجاوز السن القانونية للعمل (60عام). وذكر خطاب من البنك المركزى البنجلاديشى إلى مجلس إدارة بنك "جرامين" أن الأخير لم يحصل على إذن بإعادة تعيين يونس رئيسا تنفيذيا للبنك عام 2000.وقال البنك المركزى ان يونس (70عاما) والحاصل على جائزة نوبل بالاشتراك مع "بنك جرامين" الذى أسسه لم يعد مؤهلا قانونا للبقاء كرئيس تنفيذي له. حاول الرجل الدفاع عن "فكرته"و"حلمه" ..فكيف يتقاعد الرجل من "حلمه"و"فكرته"..خاصة وانها فكرة وحلم تم تجسيدهما على ارض الواقع فى هيئة "بنك جرامين"!ولجأ الرجل الى المحكمة العليا ولكنها رفضت دعواه وايدت قرار البنك المركزى. الوقائع تشير الى ان هناك من يحاول ان يسلبه حلمه عن عمد.فخلال شهر نوفمبر 2010 وجه النرويجيون انتقادات ليونس بحجة قيامه بنقل 100 مليون دولار من المساعدات الخارجية لبنك الفقراء إلى شركة أخرى دون احترام الإجراءات التي وضعها المانحون.ورد يونس بتأكيد براءته وان النرويجيين لم يقدموا دليل مادى على وجود اخطاء فى ادارته للبنك.ويعتقد البعض ان هناك اسباب سياسية وراء القرار خاصة وان يونس حاول منذ سنوات اقامة حزب سياسيى منافس للحزب الحاكم. ومازالت المعركة مستمرة .. فقد يتقاعد الإنسان ..ولكن من المؤكد ان الأعمال العظيمة لاتتقاعد ابدا وكذلك الأمر فيما يتعلق بالأفكار العظيمة التى تستمر عقود وقرون ..فالأفكار تعبر الزمان والمكان وهو سر قوتها. المزيد من مقالات طارق الشيخ