مصرنا الغالية هي سبيكة فريدة متميزة في تاريخها وبشعبها وبأرضها التي سار عليها الانبياء والرسل, فامتزجوا بشعبها بقوة, فالخليل إبراهيم تزوج من هاجر المصرية, وعاش علي ترابها يوسف وموسي والمسيح, أما رسول الإسلام محمد فتزوج من ماريه القبطية( عليهم جميعا افضل السلام) فلا عجب أن يرد ذكرها في أكثر من موضع بالقرآن الكريم, وأن يرتبط ذكرها ودخولها بالأمان( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) أما شعب مصر فهو الذي صنع التاريخ علي مر العصور, واصبح بهذه الأيام محط إعجاب العالم بأسره, وذلك لثورته السلمية الرائعة التي كان وقودها الشباب وشتي الأطياف فاستطاع أن يغير نظامه بقوة الإرادة. فالكون كله( ومصر كجزء منه) كالكائن الحي, يأتيه التغير من داخله وذاته, فرفع الشعب المصري شعارا من أربع كلمات( الشعب يريد إسقاط النظام), فلقد حدد المراد وتلك هي بداية الإرادة, فالإرادة هي ان تحدد ما تريد وان تفعل ما أردت بعقل يدبر, وأياد تعمل وتحقق المراد ولقد أودع بنا المولي هذه الإرادة الإنسانية والتي هي مستمده من إرادته الإلهية المطلقة بلا حدود,( إن ربك فعال لما يريد)( فعال لما يريد), وقوله سبحانه عن تحقيقها( إنما قولنا لشيء إذا اردناه أن نقول له كن فيكون),( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) وأثبت الشعب المصري قوة حرية الإنسان في أنها سامية نامية ومتنامية وتتفرع منها علي الدوام شتي أنواعها, وأهمها الإرادة الحرة التي تريد ما تريد وتعمل في المجال الذي أرادته لتفعله وتفرضه علي أرض الواقع, وتلك أسمي معاني الترابط بين الإرادة والحرية, أما نعم المولي سبحانه علي عباده فتتغير وترتبط هي الأخري بتغيرهم( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها علي قوم حتي يغيروا ما بأنفسهم)ولقد أنعم المولي علي الشعب بنجاح إرادته الثورية السلمية, ورفع كلمته يريد وحقق ما أراد, ولكن علينا أن نتذكر أن الكلمات الطيبة كالاشجار, فكلتا هما لها بدايات متمثلة في بذور تروي( بالعمل) لتنمو مع الزمن, فتثمر علي أشجارها, فتجني ثمارها, وعلي مر الزمان تؤتي بالخير, وعن هذا المثل قال المولي( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. فهل آن الأوان لنا الآن أن نعمل بجد وإجتهاد حتي نجني الثمار الطيبة حين يحين أوانها, فنحن كبشر لا نملك قدرة كن فيكون في ذات الحال, علينا أن نتسلح بالعمل لنحقق التقدم قبل أن يفوت الآوان( وقل اعملوا)