تنتشر كليات التربية في الجامعات المصرية بصورة واسعة, وهي كليات تهدف إلي اعداد المعلمين في فروع الآداب والعلوم, حيث توجد بها اقسام للآداب الفلسفة, والجغرافيا, اللغة العربية, اللغات الأجنبية, وأقسام للعلوم الأساسية الرياضيات, الفيزياء والكيمياء. والتاريخ الطبيعي وعلي هذا فإن كليات التربية تتقاطع في تخصصاتها لمرحلة الليسانس أو البكالوريوس مع كليتي الآداب والعلوم, فما الفارق بين كلية التربية من ناحية, وكليتي الآداب والعلوم من ناحية أخري؟ ان كليات التربية طبقا للائحتها تتوزع فيها الدراسة لمرحلة الليسانس أو البكالوريوس ما بين75% للاعداد الاكاديمي في مادة التخصص, و20% للاعداد التربوي و5% للمواد الثقافية, في الوقت الذي تركز فيه كليتا الآداب والعلوم علي الاعداد الاكاديمي المتخصص لطلابها في المرحلة نفسها. وتجتذب كليات التربية كل عام صفوة الطلاب المتخرجين من مرحلة الثانوية العامة لزيادة الاقبال عليها, وذلك نظرا لان فرص التعيين الحكومي في وزارة التربية والتعليم متاحة بصورة اكبر لخريجي كليات التربية, وهو مايؤدي إلي تفريغ كليات الآداب والعلوم من صفوة خريجي الثانوية العامة ذوي القدرات التحصيلية المرتفعة, والذين تتخاطفهم كليات التربية ذات الاغراء الوظيفي, خاصة في الجامعات والمناطق الاقليمية. ان ما تعانيه كليات الآداب والعلوم من ضعف في مستوي كثير من طلابها وخريجيها يرتبط مباشرة بهذه المسألة, فاختيار الكلية يخضع حاليا لمبدأ العرض والطلب, وليس لمبدأ التفوق والامتياز الاكاديمي, وهو ما لايعني طعنا في كليات التربية( التي أنتمي إليها), لكونها ذات اهمية كبري في اكساب خريجي جميع الكليات والتخصصات المهارات التدريسية, وطرق التعامل مع الطلاب, والجوانب النفسية في اعدادهم والإدارة المدرسية واصول التربية. وأري في جامعة القاهرة نموذجا ينبغي الاحتذاء به, حيث لاتوجد بها كلية تربية تقبل الطلاب في مرحلة البكالوريوس أو الليسانس, ولكن بها معهد للدراسات التربوية يمكن التسجيل به لمرحلة الدراسات العليا فقط, حيث يقبل خريجي جميع الكليات لاعدادهم تربويا بعد ان يكملوا اعدادهم الاكاديمي المتخصص في كليتي الآداب والعلوم, أو غيرهما من الكليات المتخصصة, وهنا تتجلي اهمية الدراسات التربوية كمجال يذهب إليه من يرغب بحق في تعلم مهارات التدريس والاساليب التربوية العلمية الصحيحة. وأود اخيرا ان أهمس في اذن ابنائنا طلاب الثانوية العامة بضرورة اختيار مجال التخصص الذي يشبع رغبتهم في محبة العلم والمعرفة والاطلاع, وليس لمجرد محاولة الوصول إلي وظيفة حكومية صغيرة ومحدودة, والأكثر من ذلك الوقوع في مصيدة نصف اكاديمي نصف تربوي التي يعلمها خريجو كليات التربية جيدا. أيمن الشافعي محاضر بجامعة الملك خالد السعودية