جلس شهدت المرحلة الأولى من التنسيق هذا العام عدة مفاجآت غير مسبوقة، منها الارتفاع الحاد فى درجات القبول لبعض كليات القمة، وتغير ترتيبها، وظهور «نجوم جديدة» على قمة الرغبات، مثل هندسة البترول. فما الذى تبقى لطلبة المرحلة الثانية من الكليات والاحتمالات، بالنظر إلى احتياجات سوق العمل فى الوقت الراهن وفى المستقبل. ت هناء محمد طالبة من القسم الأدبى والحاصلة على مجموع 79% أمام السلم المؤدى إلى معمل كلية الهندسة جامعة القاهرة تسند وجهها الصغير إلى يديها وبقربها بدت الأم مشغولة بكتابة بعض الرغبات بالقلم الرصاص مستندة على الحائط تسأل بنتها عن رغباتها فى الالتحاق بالكليات المتبقية من المرحلة الأولى فى تنسيق القبول بالجامعات ولكن الفتاة بدت غير مكترثة، تردد بين الحين والآخر فى شرود «مفيش مشكلة». هناء فى الحقيقية لا تتحمل أن ترى نفسها فى كليات مثل تجارة انتساب ودار علوم انتظام وانتساب موجه وحقوق وحقوق انتساب موجه ونوعية فنية الدقى أو نوعية الدقى. كانت تطمح فى الدراسة فى إحدى كليات القمة كالإعلام مثلا، أما الكليات المتبقية فهى لا تعلم تحديدا ما هى فرص العمل المتاحة لها بعد التخرج، كما أنها لا تعلم على وجه الدقة ما هى طبيعة الدارسة أو التخصصات التى ستدرسها على وجه التحديد. هناء ليست الطالبة الوحيدة التى تواجه تلك المشكلة فى تحديد رغباتها بالضبط فى عبر موقع التنسيق الإلكترونى بل هناك عشرات الطلبة خاصة طلبة شعبة علمى علوم الذين فاتهم قطار كليات الطب وأصابهم نفس الشرود يتركون أولياء أمورهم ليسجلوا رغباتهم بعد صدمة نفسية كبيرة تلقوها بعد إعلان نتائج الثانوية العامة هذا العام بسبب ارتفاع المجاميع بشكل جنونى. عدد الأماكن المتبقية لطلاب المرحلة الثانية يقترب من 140 ألف طالب فى الشعبتين العليمة والأدبية و100 ألف معهد ويتوقع أن تقل الأعداد كثيرا لطلبة المرحلة الثالثة وأن تتبقى فقط أماكن فى المعاهد الخاصة. كل هذه العلوم معظم طلبة علمى علوم يعتقد أن العلوم كلية بلا مستقبل، لذلك يبعد عنها طلاب المرحلة الاولى لتنسيق القبول بالجامعات ولكن قليلا من البحث على طبيعة التخصصات بالكلية سيعلم الطالب أن الكلية تشمل تخصصات عديدة مطلوبة فى سوق العمل أهمهما قسم الجيوفيزياء وقسم الجيولوجيا، على حد قول د.عزة الشافعى، أستاذ بكلية العلوم جامعة عين شمس وتابعت «هناك عدد كبير من شركات تصنيع الأسمنت والسيراميك والبترول تتنافس لتعيين الطلاب الذين تخرجوا فى القسمين سالفى الذكر». هنا يدرس طلاب قسم الجيولوجيا مواد معادن الصخور والحفريات مما يتيح لهم العمل فى مجال التعدين والمياه الجوفية والأثريات وغيرها، وفى الجهات الإدارية والأحياء بالمحافظات المختلفة، أما قسم الجيوفيزياء حيث يدرس الطالب الفيزياء والجيولوجيا ويصبح الطالب أكثر تخصصا عن كليات آخرى خاصة أنه يدرس العلوم الأساسية بشكل متعمق مما يتيح لهم العمل فى شركات البترول. وبخلاف هذا فإن باقى التخصصات مثل قسم علم النبات والكيمياء الحيوية وقسم الميكرو بيولوجى، طبقا للشافعى، مطلوبين جدا لدى بعض الجهات التى تتنافس على تعيينهم مثل أكاديمية البحث العلمى، حيث تبادر بتعيين الأوائل من الخريجين بتلك الأقسام كما يحصل المتفوقون منهم على منح للحصول على الدرجة العلمية. وعدد منهم مطلوبون للعمل فى مراكز البحوث المختلفة، علاوة على هذا فإن شركات الادوية ومراكز التحاليل والأشعة تحتاج عددا كبيرا من خريجى الكلية كل عام وطبيعة هذه الوظائف مربحة ومطلوبة جدا فى سوق العمل المحلية. وتعترف الشافعى أن كليات العلوم بصفة عامة أدركت أخيرا متطلبات واحتياجات سوق العمل ورغبة خريجيها فى التعيين فور تخرجهم ولذلك فإن أحد أهم الخطوات العملية للحصول على شهادة الجودة هى ما تسميه «المرحلة الانتقالية» للربط بين الخريج وسوق العمل عبر دورات تدريبية يحصل عليها الطالب أثناء دراسته تشرف عليها بعض الشركات. وبالتالى فإن هذا الطالب يكون له الأولوية للعمل بتلك الشركات». ويذكر أن كلية العلوم جامعة القاهرة أضافت ما يسمى البرامج الجديدة إلى أقسامها هما البيو تكنولوجى وبرنامج جيولوجيا البترول مع العلم أن تلك البرامج تحمل الطالب مصروفاتها الدراسية وفقا لنظام الساعات المعتمدة حيث تصل مصروفاتها من 3 إلى 12 ألف جنيه فى العام الدراسى، ويحصل الدارس على بكالوريوس فى التخصص من جامعة القاهرة. التجارة قبل الآداب طبقا للبيان الذى أصدرته وزارة التعليم العالى والبحث العلمى فإنه ولأول مرة يقل إقبال طلاب المرحلة الأولى على كليات الآداب بالنسبة لطلاب الأدبى، حيث يشير البيان إلى وجود أماكن خالية لمن يرغب فى دخول كليات الآداب وآداب انتساب فى معظم الجامعات الحكومية والسبب أن عددا من الطلاب يهربون إلى التخصصات الأخرى كالتجارة باعتبار أنه تخصص مطلوب ومفتوح لسوق العمل، ولكن د. منى رضوان بكلية الآداب جامعة القاهرة تؤكد أن دراسة اللغات بشكل عام مطلوبة فى سوق العمل فى الفترة الحالية سواء للعمل فى السفارات أو الفنادق أو المنتجعات السياحية. «اللغة الإنجليزية مطلوبة ولكن ما يميز تخصصات مثل اللغة الفارسية أو الصينية والإسبانية أن الطالب يمكنه مع بعض الدوارات التدريبية والتى توفرها الجامعة بأسعار أقل كثيرا عن المراكز الخارجية عبر مركز اللغات أن تجعل الطالب مطلوبا لدى شركات السياحة بشكل عام سواء داخل مصر أو فى الخارج، كما أن بعض الشركات الدولية والأجنبية تبحث عن مؤهلات لغوية فى جميع التخصصات. وترجع د. منى رضوان عدم إقبال الطلاب على كليات الآداب أخيرا بأن البعض يفضل الالتحاق بكليات أخرى كادراة الأعمال فى الجامعات الخاصة، فى حين أنها ترى أن ما يميز الجامعات الحكومية كجامعة القاهرة أن أعضاء هيئة التدريس على أعلى مستوى من الكفاءة حتى إنهم مطلوبون دائما للعمل فى جامعات أجنبية وخاصة، على حد تأكيدها وتتابع «إن المناهج التى تقدم داخل كلية الآداب باعتبارها من أقدم الكليات تعتبر من أفضل المناهج على الإطلاق. ورغم أن كليات التجارة مطلوبة حاليا فى سوق العمل إلا أن عددا كبيرا من الطلبة لا يدركون أهمية التخصصات بها فالعدد الأكبر من الطلاب يقبل على أقسام المحاسبة؛ باعتباره القسم الذى يؤهلهم للعمل بالبنوك كمحاسبين، ولكن الواقع، كما أكد الخبراء، أن البنوك تشبعت بالمحاسبين، وأصبحت تتيح فقط فرصا للعمل بمجالات الإدارة أو التسويق أو المبيعات لخدمة عملائها، وهى المجالات التى يتيحها قسم إدارة الأعمال الذى يغفله الطلاب فى الجامعات الحكومية. وتعتبر كلية تربية رياضية من الكليات التى لا يقبل عليها الطلبة ولذا تتبقى للمرحلة الثانية وأحيانا للمرحلة الثالثة فى الجامعات الإقليمية والبعض يعتقد أن المجال الوحيد للعمل بعد التخرج «مدرس ألعاب» وهذا ما ينفيه د. محمد رمضان عميد كلية تربية رياضية بنين جامعة حلوان. مشيرا إلى أن فرص العمل عديدة وأن الأقسام داخل الكلية متنوعة تشمل قسم مناهج وطرق تدريس التربية الرياضية والتدريب الرياضى والإدارة الرياضية وعلوم الصحة الرياضية وعلم النفس الرياضى والترويح الرياضى وعلوم الحركة الرياضية، وأن الكلية تركز على المساهمة فى تحقيق التميز لخريجى القسم لمواجهة التنافس فى سوق العمل المحلية والدولية. القدرة على المنافسة «ليس معيار الكفاءة والحصول على فرص العمل بعد التخرج أن يتخرج الطالب فى كلية الطب أو الهندسة أو الإعلام وإنما بمستوى التدريب والتأهيل والاستعداد الشخصى للحصول على المعرفة والتميز بحيث يكون قادرا على المنافسة «هذا ما يؤكده د. المرسى محمد المرسى عميد كلية الطب الأسبق ونائب رئيس جامعة بنى سويف. الذى يدعو الطالب إلى الاستفادة من المرحلة الجامعية فى أى تخصص موجود دون وضع مسميات قمة وقاع، على حد قوله، أما عن شرود هناء طالبة الأدبى وغيرها من الطلبة بسبب عدم وجود كلية تتناسب مع رغباتهم فى المرحلة الثانية أو الثالثة فيقول المرسى: «لا مجال لليأس»، مشيرا إلى أن تنمية اللغات والكمبيوتر مطلوبة وهى المعيار الأساسى للتنافس فى سوق العمل.