حذرت بالأمس من أن إصرار كل طرف علي موقفه في المحنة الخطيرة التي تمر بها مصر, مع اختلاط الأهداف الكبري للتغيير بمعاناة الأفراد الشخصية قد يزيد من حالة الاحتقان الراهنة, وقد يؤدي في النهاية إلي تسلم الجيش مقاليد الأمور في البلاد وبداية الحكم العسكري وإعلان الأحكام العرفية وتعطيل العمل بالدستور القائم وسلسلة من القرارات والإجراءات الأخري المعروفة في مثل هذه الحالات ومما شاهدناه نحن كبار السن, ولم يعاصرها غالبية الذين يفترشون ميدان التحرير من شباب مصر. وقارنت أيضا بين الفترة الزمنية التي قد يستغرقها الحكم العسكري تحقيقا للإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة في ضوء الخسائر الفادحة التي تحل بنا جميعا يوما بعد يوم, وبين تلك الفترة الزمنية القصيرة التي يقع فيها الآن علي أرض الواقع تنفيذ هذه الإصلاحات علي مختلف الأصعدة ومن أبرزها التوافق المبدئي من اللجنة الدستورية علي تعديل ست مواد بعد يومين فقط من بدء أعمالها لاختيار رئيس جديد لمصر يقودها إلي عصر جديد يعكس رغبة الشعب في التغيير المنشود, وقد أضاف كثير من عقلاء مصر مخاوف عديدة من الانقلاب العسكري بالإضافة إلي مخاوفي نذكر منها علي سبل المثال: 1) إن الانقلاب العسكري يدخل البلاد في دائرة مفرغة يصعب الخروج منها إلا إذا استمرت حالة عدم التحكم في الأمن ووقف انهيار أجهزة الإدارة, وانتشار الفوضي, واستحالة السيطرة علي حركة الشارع, فعندئذ قد يصبح الانقلاب العسكري أمرا لا مفر من وقوعه. 2) الخوف من أن يصاحب الانقلاب العسكري عمليات عنف للسيطرة علي الأمور ضد أفراد لا يمتثلون للأحكام العسكرية. 3) إن معظم الدول الغربية لا توافق علي الانقلابات العسكرية وتميل إلي الحلول السياسية بالديمقراطية والحوار. ولذلك فإن الحوار الإيجابي الجاري الآن هو الأجدي والأنفع للجميع. 4) إن الانقلاب العسكري يعني الفوضي مما قد يؤدي إلي مسارعة قوي أجنبية للتدخل في الشئون الداخلية لمصر سواء للحفاظ علي المعاهدات الدولية أو لتأمين قناة السويس شريان الحياة للاقتصاد العالمي ولحماية مصالحها في مصر والمنطقة. إذن نحن أمام اختيارين كلاهما شديد المرارة إما استمرار الحال كما هو عليه مع اختلاط الحابل بالنابل, أو فرض الحكم العسكري بإيجابياته وسلبياته. وفي النهاية نقول: هل نستمر في فرض اللاءات التي قد أدت بنا ليس مصر وحدها بل بالأمة العربية جميعها إلي الوراء, وهل سنستمر في قول لا لنداء العقل؟ ولا للتحاور؟ ولا للقوي السياسية كلها لأنها لا تمثلنا؟ وهل نقبل مقولة البعض إن هناك استبدادا جديدا يفرض واقعا جديدا علينا بدلا من الاستبداد الذي كنا نعيش فيه؟ وهل سينقلب ميدان الحرية أو ميدان الشهداء إلي مجرد مزار سياحي وفولكلور شعبي أو أنه وعلي أرضه يتقرر مصير أمة وشعب؟ إننا نسير إلي خراب, خراب, خراب. [email protected]