أخيرا تحقق في عهد الرئيس حسني مبارك حلم أبناء الصعيد علي مدي نصف القرن الأخير ألا وهو تنفيذ مشروع طريق يربط الصعيد بالبحر الأحمر. هذا المشروع غير المسبوق لايمكن مقارنته سوي بالمشروعات الكبري في التاريخ التي غيرت وجه الحياة, فقد ظل المصري في جنوب مصر حبيس الوادي تحده الجبال والصحراء من الجانبين وتعوقه القدرة علي اختراق هذا الحصار الطبيعي, فلايستطيع النفاذ الي آفاق أوسع عبر البحر الأحمر. وكان يتعين عليه أن يتجه الي أقصي الشمال لكي ينجح في ذلك. أما الآن وبفضل هذا المشروع الضخم فإن الصعيد أصبح علي صلة مباشرة بالبحر الاحمر, ويمكن ربطه بدول الخليج وشرق إفريقيا عبر ميناء سفاجا, الأمر الذي سيفك القيود المفروضة علي تلك المنطقة الغالية من مصر للأبد. كما أن الطريق وطوله الاجمالي412 كيلومترا سيكون محورا تنمويا واستثماريا يسهم في توفير الآلاف من فرص العمل لأبناء محافظات الصعيد, إلي جانب انشاء مجتمعات عمرانية وزراعة مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة بوادي قناة تصل إلي أكثر من50 ألف فدان. إن هذه البنية الاساسية هي الشرط الرئيسي والأول لقيام مثل هذه المشروعات لكنها وحدها لاتكفي, ومن هنا آلت الدولة علي نفسها خلال السنوات القليلة الماضية وضع الصعيد علي رأس أولويات التنمية فظهرت المشروعات والمصانع وتم الشروع في امداد محافظاته بالغاز, وعملت الحكومة كذلك علي تشجيع وجذب رءوس الأموال المصرية والعربية والأجنبية للاستثمار هناك. لقد جري اهمال الصعيد عقودا طويلة, مما تسبب في أن تزداد نسب الفقر عن بقية المعدلات في مصر, وكذلك نسب الهجرة والخروج منه وأيضا البطالة. ولذلك, فإن ثمار هذه التنمية الواسعة التي تجري علي أرض الصعيد حاليا وفي شتي المجالات ستأخذ بعض الوقت حتي يشعر بها الذين تعرضوا للفقر والتخلف والبطالة. ومع ذلك, فإن الدولة حاليا لاتدخر جهدا وتبذل أقصي مابوسعها لوضع الصعيد علي الطريق الصحيح, وفي هذا الإطار, فان طريق الصعيد البحر الأحمر يمثل لبنة أساسية في بناء ضخم وعظيم لخدمة الصعيد وأبنائه.