طوابير منتظمة ومنضبطة أمام فروع البنوك المختلفة التي فتحت ابوابها للعملاء, احتجاجات واعتصامات انتشرت عدواها في انحاء المحروسة مطالبه بالتغيير وبحقوق العاملين. لجان من شباب المنطقة لحماية الاسر والمنشآت, أزمة قربت مابين الجيران وأعادت أشكال من العلاقات الإنسانية كانت قد بدأت تختفي ملامحها من المجتمع المصري. قائدو سيارات خاصة يدعون آخرين لتوصيلهم في ظل حظر التجول. اصوات عالية أو مشجارات أو تحرش برغم الزحام. سلوكيات ويتم بدأت تتجلي في المجتمع خارج ميدان التحرير, خضن الثورة, كما تجلت داخل جمهورية الحرية في قلب الميدان, حيث انكسر حاجز الخوف ليتوافد الآلاف إلي الميدان باحثين عن الحرية والكرامة في مكان يبدو مختلفا ومنظما. انه مجتمع بلافوضي أو فساد ولاتتحكم فيه الرشاوي آلاف من الرجال والنساء, مسلمون ومسيحيون بلافتنة أو تحرش, واجه انتصرت فيها قيم الحرية والعدالة, انها باختصار مصر التي نتمناها. هنا منظومة تأمينية وتفتيش محكم يقوم به شباب وفتيات, تطبق علي الجميع بما فيهم الوجوه المعروفة إعلاميا ودون وساطة أو محاباة. شباب آخرون يقومون بإعطاء إشارات تحذيرية عند الخطر, ليتنظم ويتحرك الجميع في اتجاهات محددة لتأمين المكان بينما ويستعد آخرون لصد الهجوم. وعند حدوث مشكلة أو اختفاء احد الاشخاص, تقوم إذاعة الثورة بالميدان بالنداء العاجل. انه مجتمع تحكم قيم وقواعد الحرية المسئولة, لايتحرج الثوار من تنظيف أرض الميدان, وجمع القمامة بانفسهم, مشاهد افتقدها المصريون خلال عقود طويلة بعد ان هاجمت القمامة أحيائهم وشوارعهم, نظام تكافلي, يسهم فيه كل ن لديه القدرة المادية في إعاشة الآخرين, بل امتد لكثير من المصريين الذين يتوافزون إلي الميدان حاملين الاطقم والبطاطين لمساندة الثوار ودعم صمودهم. ايثار اوانضباط وتسامح وقبول للآخر يتجلي في مشه شاب اخواني يحاور فتاة غير محجبة للتعرف علي افكارها, بينما نجد خريجي الجامعات الأجنبية يغزون وعي من ينتمون إلي الطبقات البسيطة وغير المتعلمة من الثوار, في ملحمة حضارية وإنسانية رامية رغم تعدد الثقاات والمستويات, لمناقشة مستقبل مصر. مشاهد كانت قد غابت عن المجتمع المصري ومجموعة من السمات للشخصية المصرية تغلبت فيها قيم واخلاق الحرية علي منظومة القيم لسلبية مثل العنف واللامبالاة لخوف والانغلاق علي الذات. الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية للطب النفسي, يقول ان المصري تحت النظام القهري وفي ظل قانون الطوارئ خائف, لايعمل, فهلوي, منافق ولكن حين تذوق طعم الحرية بدأت الاخلاق تتغير. ويشرح ان الشخصية تتكون من شقين مزاجي ووراثي اي ان يكون لديه الاستعداد للخوف, للقلق, للاكتئاب أو العصبية, اما الاخلاق فتأت من المجتمع والبيئة, فإذا كان المجتمع فاسدوا فالغالبية تتسم بالفساد, اما في ظل الحرية فتبدأ قيم مثل تحمل المسئولية والانضباط, واتقان العمل وحب التعاون والمساعدة وتجاوز الذات في التجلي. يضيف الدكتور عكاشة: خلال الأسابيع الثلاث الماضية, حدث تغير تام في سمات الشخصية المصرية, حتي اننا لم نسمع خلال الفترة الماضية عن هوس كرة القدم, كأنما كانت ملهاة لنسيان القمع والكبت, لم نسمع عن فتنة طائفية وكأنما كان ذلك من صنع الأمن, الذي انسحب لفترة ليقف المهندس والطبيب إلي جانب حارس العقار لتأمين بيوتهم بقدر كبير من التفاني والاخلاص ويوضح ان الثورة اوجدت احساسا بالكرامة والعزة لدي المصريين ولشغت الخديعة الكبري التي كنا نعيشها في ظل نظام بدأت تتساقط رموزه. فالشعب اليوم غير خائف بينما النظام هو الخائف, وهناك تغير رائح يحدث الآن في سمات المواطن المصري الذي اكتشف قدراته علي مواجهة الفساد وان كان قد صبر عليه طويلا. الدكتور أحمد يحيي عبد الحميد استاذ الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس انه آن اوان الثورة الشعبية, وذلك علي الرغم من خوف البعض من التغيير ويضيف ان الثورة سوف تعيد تشكيل نسق القيم في المجتمع بعد ان انكسر حاجز الخوف, فمصر اليوم حبلي بجنين جديد نرجو ان يدفعها إلي مستقبل أفضل. انه متاح من الحرية والعدالة بدأت نسائمه تحفف من قيظ القهر والفساد في مصر ليؤكد الجميع مثل الشاب محمد32 عاما احد مرابطي ميدان التحرير, اننا أخيرا بدأنا تنتفس هواء الحرية.