افرزت الازمة والمحنة التي تمر بها مصر الآن جيلا رائعا من الشباب نقدم له كل التقدير والاحترام حيث قرر الاحتجاج والتظاهر السلمي في اليوم الخامس والعشرين من يناير بشكل وطني وسلوك متحضر راق مشرف للمجتمع المصري يعكس تضامنهم ووقوفهم صفا واحدا لافرق بين مسلم ومسيحي معبرين عن آرائهم ومطالبهم مستخدمين الحق المشروع لهم بفاعلية والتزام ومنتمين في المقام الاول الي كيان واحد هو مصر بعيدا عن اي تيارات سياسية او حزبية. هذا الشباب الذي اتهم دائما بالرعونة والسلبية وغياب الوعي والانتماء فرض نفسه علي الساحة المصرية بما فيها من قوي سياسية واحزاب وجماعات ومنظمات مختلفة, وهذا المشهد الرائع يذكرنا بما قام به شباب مصر في ملحمة اكتوبر العظيمة واثبتوا للعالم اجمع ان مصر ستظل شامخة عالية القامة دائما بشبابها. خرج شباب25 يناير في شكل رائع متحضر الي أن اندست بينهم مجموعة من المستغلين والمساجين عتاة الاجرام وزواحف الوصولية والانتهازية, وبدأت عمليات السلب والنهب وانتهاك الاعراض والممتلكات العامة والخاصة وتم فرض حظر التجول وانسحبت الشرطة وسادت الفوضي بين المجتمع المصري وبدأ نزول القوات المسلحة الي الشارع والتحم هؤاء الشباب مع الجيش في صورة رائعة تعكس قمة مظاهر التحضر والعقلانية, وبدأ الشباب في تنظيف الشوارع وتنظيم حركة المرور والتخفيف من روع الشعب. بعد ذلك ادرك هؤلاء الشباب ان عليهم مسئولية ليست هينة تجاه حماية الاسر والاحياء والممتلكات فقاموا بتشكيل لجان شبابية شعبية منظمة, حيث تسلحوا بجميع الادوات المتاحة الي ان وصل بهم الحال الي إنفاق ومدخراتهم الشخصية لشراء ادوات لهذا الغرض, وتجلت عبقرية وانتماء هذا الجيل العظيم حيث نري الشباب مسلمين واقباطا يتناوبون السهر حتي الصباح في البرد والصقيع لحماية اسرهم واصدقائهم وجيرانهم وممتلكاتهم الخاصة وكذلك الممتلكات العامة. واللافت للنظر ان هؤلاء الشباب يدافعون برجولة وشهامة عن المناطق التي يقطنونها لافرق بين مواطني الاحياء الشعبية والراقية وبين طلاب الجامعات الاجنبية والحكومية وادركوا تماما انه لافرق بين من يقيم بالعمارات الشاهقة والفيلات الفاخرة ومن يقيم في النجوع والازقة والعشوائيات وتوحدوا علي قلب رجل واحد نحو هدف واحد هو حماية الاهل والجيران والمعارف من الاعتداء علي اغراضهم وممتلكاتهم. لقد اكتشفنا ان لدينا شبابا قادرا علي تحمل المسئولية وتغيير وجه الحياة في مصر والمنطقة العربية بأكملها, لذا ينبغي ان تكون هذه التجربة والمحنة بمثابة مخاض الشباب لولادة مجتمع يتمتع بأفراد متمسكون بالقيم المصرية الاصيلة راغبين في مسقبل افضل يقومون بدور الدرع الواقية لصد اي مؤامرة تحاك من الداخل او الخارج. ويجب ان تولي الحكومة الجديدة اهتمامها بهؤلاء الشباب وان تحثهم دائما علي استمرار هذه الروح واستغلال قدراتهم وتوظيف طاقاتهم وفكرهم المستنير نحو التنمية المستدامة واستكمال بناء الوطن مع وضع استراتيجيات حقيقية تتضمن كيفية الاستماع والتحاور مع الشباب واشراكهم في التشريعات وصياغة اللوائح والقوانين علي مستوي القطاعات المختلفة واعادة هيكلة بنية الدولة المصرية بما يتفق مع مقومات هذا الجيل الجديد من الشباب خاصة انهم الاغلبية العظمي في التكوين العمري لمجتمعنا. { تلقيت هذه الرسالة من الدكتور حسن علي عتمان عميد كلية السياحة والفنادق بجامعة المنصورة وهي تكشف بعدا جديدا في الدروس المستفادة من مظاهرات الشباب ومطالبهم بالاصلاح.