قرار الدكتور أحمد الطيب الإمام الأكبر وشيخ الجامع الأزهر بانشاء بيت العائلة الذي يتكون من مفكري وعقلاء قطبي الامة المسلمين والمسيحيين لمناقشة وحل المشكلات المعلقة بين الجانبين قرار حكيم جاء في وقته فنحن مقدمون علي مرحلة جد خطيرة من مراحل تطورنا كأمة إسلامية يتعايش معنا أخوة ذوي ديانات ومعتقدات تختلف عما نعتقده في كثير أو قليل, ومع ما نمر به من ضعف وما يمر به غيرنا ممن يتربص بنا الدوائر من قوة, أري تعميم الفكرة ليصبح في كل مدينة وقرية ونجع بيت للعائلة يضم عقلاء المكان وحكماءهم من الطرفين ممن يخافون علي البلد ويفهمون الدين الصحيح ليتولوا حل المشكلات العالقة وما يطرأ من جديد أولا بأول ويفضل أن تكون منفصلة عن الأحزاب وأن تنحصر جهات الإشراف عليها في كل من الأزهر والكنيسة ووزارة الداخلية والاوقاف, وأري أنه آن الآوان لتكون المدرسة هي الاصل في نشر ثقافة الحب والتسامح واحترام الآخر, ثم يليها المسجد والكنيسة, خاصة أن المدرسة تتعامل مع النشء منذ نعومة أظفارهم فتبدأ وزارة التربية والتعليم بمراجعة المناهج الدينية سواء الدين المسيحي أو الإسلامي بالتعليم قبل الجامعي بحيث تصبح مادة التربية الدينية مادة إجبارية لكل ديانة علي حدة يدرسها مدرس مختص من الأزهر أو الكنيسة وليس مدرس اللغة العربية علي أن ينحصر المنهج علي نقاط التلاقي في الاديان وهي الإيمان بالله والبعث والحساب يضاف الي ذلك حصة أخري وتكون ايضا اجبارية وهي حصة التربية الأخلاقية والسلوك.. تلك الأمور التي لا تختلف فيها الاديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام فكل الأديان تدعو في جوهرها الي الحب والعدل والتآخي والتعاون علي البر والتقوي والصدق والأخلاص واتقان العمل ومساعدة الضعيف وطاعة الوالدين وبرهما وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي وقتل النفس بغير حق والاعتداء علي الغير والتمييز بين الناس علي أساس أجناسهم أو عقائدهم فخير خلق الله الي الله أتقاهم لله وأنفعهم لاخوانه وكل هذه الأمور من المهم أن نعلمها لأولادنا مسلمين ومسيحيين في صغرهم حتي يشبوا وقد امتلأت قلوبهم بالحب للحياة وللآخرين حتي ولو اختلفوا معهم في العقائد وطرق التعبد لله الواحد الذي خلقهم جميعا علي أن تكون هذه المادة موحدة بحيث يحتوي الموضوع الواحد علي القصة والآية من القرآن والانجيل والتوراة والامثلة من حياة كل الأنبياء الذين دلنا القرآن علي أسمائهم ويقوم بتدريسها مدرس واحد لكل تلاميذ الفصل وبدون أن نضطر الي الفصل بين محمد وصديقه في المقعد مايكل أو أحمد وصديقه جورج. أعلم أن هذا الاقتراح صعب ولكن بشيء من التأمل سنجد أنه الوسيلة الوحيدة لتربية جيل جديد قادر علي الحب والتعايش والقبول للآخر سواء في الدين الواحد أو الأديان الأخري وكما ترون فالاقتراح لا يهدف الي حذف آيات القرآن الكريم من المناهج ولكن ينادي بترشيد الاستخدام بما يخدم عالمية الإسلام وبافساح المجال أمام التلميذ المسلم للإطلاع علي ثقافات غيره تماما كما يطلع غيره ممن ليس علي دينه علي ثقافته جبرا لا اختيارا في مادة النصوص الادبية!! ثم يأتي بعد ذلك دور رجال الدين في دور العبادة فيتولي الوعظ والارشاد فيها رجال يؤمنون بضرورة الاختلاف كسنة من سنن الله في خلقه ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة ولكن جل في علاه أراد اختلافنا وأمرنا جميعا بالتسابق في الخيرات فقال تعالي: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما أتاكم فاستبقوا الخيرات الي الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون( المائدة:48) د.سمير محمد البهواشي