تسامح ومحبة وتعانق أكدت عليه الأزمة التي أصابت مصر وهدفت لتفتيت وحدتها فأبناء مصر, مسلم ومسيحي في فرنسا كما هو في داخل مصر زادوا التأكيد علي انه مهما حصل فان مصر نسيج واحد . ولا ينال من وحدتها مغرض. فمنذ الحادث الإجرامي الذي استهدف أبناءنا في الاسكندرية ولم تنقطع المودة المكثفة لرأب الجروح اليد في اليد جنبا إلي جنب لنثبت للعالم اجمع حقيقة المصريين وأصالتهم. ففي يوم احتفال عيد الميلاد بفرنسا حرص بل وأصر السفير ناصر كامل رئيس البعثة الدبلوماسية بباريس ووفد السفارة كله علي الذهاب الي الكنيسة والوقوف إلي جنب اخوانهم الأقباط بالرغم من ان راعي الكنيسة الأب جرجس لوقا وحسب تصريحاته لمندوبة الأهرام يخشي علي الوفد والجالية من المشاركة كالمعتاد حفاظا علي سلامتهم, معلنا عن توجسه مما نشر من تهديدات علي الانترنت باستهداف الكنيسة.كما ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نفسه في كلمته التي ألقاها بقصر الاليزيه أمام ممثلي رجال الدين المسيحي والإسلامي واليهودي بمناسبة العام الجديد. والتي اختار لها يوم7 يناير يوم احتفال المسيحيين الشرقيين بعيدهم اكد فيها ان الدين الإسلامي يظهر علي مر التاريخ تسامحه وحسن استقباله, وحمايته لأهل الكتاب. وقال لا داعي بان أذكركم بأن العالم الإسلامي هو الذي استقبل وقدم الحماية لليهود والماران( يهود اسبانيا والبرتغال) حينما فروا هاربين من أوروبا حين سادتها ظلامية محاكم التفتيش. وأكد ساركوزي ايضا في الكلمة التي خصصها للحديث عن جريمة الاسكندرية الجبانة والبربرية وانعكاساتها علي حقيقة أن مصر هي الدولة التي ظهرت فيها لأول مرة في تاريخ الانسانية قبل ثلاثة وثلاثين قرنا من الزمان فكرة التوحيد, مصر هذا البلد الجميل للغاية والعظيم للغاية. في الوقت الذي تصاعدت فيه الاتهامات وتباينت التحاليل واختلفت قلام بفرنسا في تناول أسباب حادث الاسكندرية حرص الأهرام علي متابعة ونقل صورة للواقع في فرنسا من خلال اللقاء بالأب الدكتور جرجس لوقا راعي كنيسة السيدة العذراء ومار مرقص بباريس شانتي مارلابري التي تصدرت القائمة حسب النت المهددة بالإرهاب. * كيف يري الأب جرجس الأحداث المؤلمة التي تعرض لها ابناء مصر في كنيسة القديسين بالاسكندرية ومن المسئول من وجهة نظرك؟ ما حدث في مصر شيء محزن بكل معني وليس هناك مبرر أو سبب لفعله وبدون أدني شك انه نتيجة أعمال اجرامية سابقة لم يتم ردعها. فحينما نترك الأحداث بدون ردع فلابد لها ان تتمادي. لذلك أنا أؤكد ان الحادث نتيجة تراكمات فضلا عن الإشاعات المغرضة التي تروج بان الكنائس فيها أسلحة وبالطبع كل ذلك يعمل علي زيادة الاحتقان تجاه بعضنا البعض. وخلاصة القول لابد ان نفهم ان كل منا ولد بديانته ولم يخترها وان كل الأديان السماوية تدعو للمحبة والسلام والمعاملة الطيبة ونحن بعدنا كثيرا عن أصول الدين الحق. * اذن المجتمع المصري يعاني خللا ما؟ لدينا حزمة من الأخطاء الاجتماعية والسياسية والدينية أدت بنا إلي هذا المنحني.. الجهل ونظام التعليم الخاطيء وتفشي البطالة والفقر كلها مشاكل اجتماعية تفاقم من الاحتقان بداخل المجتمع وتدفع بالشباب الي اليأس, وتجعل منهم فريسة سهلة للإرهاب والضلوع في أعمال اجرامية تجاه الآخر المختلف. * وما تعليقك فيما يقال حول هجوم أقباط المهجر علي مصر وما له من تداعيات علي بث الاحتقان بالداخل؟ غيورون علي بلدنا.. أقباط مصر في فرنسا لم يكن لديهم الوقت سوي الجري وراء الرزق والكل يعلم اننا نعيش في مجتمع صعب ولا يرحم, العمل شاق لدرجة أن الكل يلهث ونعلم جيدا انه من اجل لقمة العيش كلنا أو اغلبنا من العاملين بفرنسا يخرج من منزله السادسة صباحا للجري وراء المترو والذهاب للعمل وساعات العمل ممتدة طوال النهار حتي الثامنة مساء باستثناء العاملين بالمطاعم لا يدخلون منازلهم سوي منتصف الليل. أبناؤنا في فرنسا هلكانين وفي النهاية يدرون دخلا ماديا لمصر فهم يرسلون بالنقود لذويهم. ومن أجل الإنصاف نحن نعمل دائما علي تحسين صورة مصر في الخارج ولم نكن نهائيا ضدها بل نتمني الارتقاءبها والرفعة لها. * وقال الأب الدكتور جرجس لوقا: اثق ان الحكومة ستأخذ مسئوليتها في هذا الموضوع لأن مصر بلد عريق ومحترم ولا يجوز لنا ان نتهاون في حقوق مواطنينا, ولابد من الردع والمحاسبة حتي لا تتفاقم الأمور.. ولابد من إيجاد حلول جذرية لمشاكل الفقر والبطالة.. والتعريف بأصول وسماحة الديانات؟ الأب جرجس لوقا يعيش في فرنسا منذ45 عاما جاء اليها عام1967 في بعثة دراسية وحصل علي شهادة الدكتوراه من جامعة السربون في علم الفيروسات ثم دكتوراه الدولة في العلوم, وكان رئيس اللجنة التي أشرفت علي رسالته البروفسور اندرل فيف الحائز علي جائزة نوبل في الطب ثم عمل في معهد باستير وكان له الفضل في اكتشاف فيروس للمرة الأولي بفرنسا, وهو السبب الذي جعل باستير يتمسك بعمله معهم. هو عضو الأكاديمية العلمية بأمريكا وحصل علي العديد من الأوسمة.