علي الرغم من ان الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب المصري في نوفمبر2010, قد اسفرت عن فوز65 امرأة منهم63 امرأة من خلال الكوتة النسائية بعد ارجاء كوتة المرأة بمحافظة كفر الشيخ, وفقا لقرار اللجنة العليا للانتخابات وامرأتين من المنافسة في المعترك الانتخابي لتكون نسبة تمثيل المرأة12.5% تقريبا. الا ان الاقلام تسابقت لمطالبتها بمطالب تبدو تعجيزية منها: ينبغي علي العضوات في البرلمان القادم الاهتمام بقضايا المرأة في المجتمع المصري, كما انهن ينبغي ان تثبتن انفسهن في الدورتين البرلمانيتين القادمتين حتي يستطعن الحصول علي ثقة الناخب المصري في محاولة منهن لتغيير الثقافة الذكورية في المجتمع المصري. والحقيقة ان هذين المطلبين يكرسان هذه الثقافة بل ويعززان سياسة التمييز والتهميش للمرأة, فالمطلب الاول يحجم مشاركة العضوات في قضايا بعينها دون غيرها من القضايا التي تهم المجتمع ككل, فاذا كانت المرأة تمثل نصف المجتمع فانها بلاشك تقوم بتربية النصف الآخر, مما يعني انها تمثل المجتمع ككل بوجودها العددي من ناحية وبدورها التربوي من ناحية اخري, هذا فضلا عن كونها تتأثر بأي قضية تمس المجتمع فكيف لها ألا تشارك في مثل هذه القضايا سواء السياسي منها او الاقتصادي او الاجتماعي او القانوني علما بأن العضوات يتميزن بتعدد تخصصاتهن, الامر الذي يجب ان يدفع نحو الاستفادة منهن في المجالات المتعددة, ليس لان كما يقول البعض لديها رؤية مختلفة للامور, ولكن لان وجودها في المجلس لدورتين متتاليتين يجب ان يصب في صالح تغيير الصورة النمطية عن المرأة, وذلك من خلال دمجها في المشاركة في طرح حلول لمشاكل المجتمع ككل دون وضعها في بوتقة قضايا المرأة فقط, والتي من الممكن ان تحد من مشاركتها خاصة ان القضايا التي تهم المرأة لايحبذ ان تطرح في سياق خارج السياق المجتمعي, ولكن في اطار انها قضايا مجتمعية تصب في صالح اندماج الجنسين في قضايا المجتمع. اما المطلب الثاني وهو سعيها للحصول علي ثقة الناخب في محاولة منها لتغيير الثقافة الذكورية في المجتمع, فأعتقد ان هذا المطلب يعد حملا يصعب علي الرجال تحمله, كما يصعب اختصار تغيير ثقافة المجتمع تجاه المرأة في ادائها في البرلمان, خاصة ان هناك العديد من الدراسات التي أثبتت ان اداء العضوات في دورات برلمانية سابقة رغم قلة عددهن بالمجلس كان يفوق اداء اعضاء من الرجال في البرلمان, كما ان الثقافة يدخل في تكوينها مكونات عدة منها اللغة والتاريخ والدين والقيم التي تحكم نظرة الانسان لنفسه وللآخر, والتي تأخذ فترة كبيرة حتي تتغير, ومع التغيرات التي تشهدها المجتمعات وكثرة التأثيرات الخارجية في ظل مجتمع مفتوح تؤثر عليه الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة, اصبح من الصعوبة بمكان السيطرة علي القيم الايجابية او السلبية النابعة منه او الوافدة اليه, والتي للاسف مازالت تصب في غير صالح المرأة عموما. فاذا كانت الانتخابات الاخيرة التي اسفرت عن وصول امرأتين فقط في الانتخابات, فإنه يصعب ان ننتظر انه بعد دورتين انتخابيتين ان تستطيع المرأة ان تحقق نجاحا لافتا ويكون لها وجود كبير من خلال المنافسة الانتخابية بينها وبين الرجال. ومع ذلك, فان تاريخ العضوات في البرلمان المصري يشهد بوجود رموز فرضن انفسهن علي الساحة السياسية وحضورهن اللافت ومساهمتهن الفعالة, وهو الامر الذي بلاشك سوف تشهده الدورتان البرلمانيتان القادمتان, ولكن استمرار المرأة في المشاركة السياسية بحاجة الي دعم من المرأة نفسها من خلال اصرارها علي الترشح والوصول الي البرلمان, وكذلك دعم المرأة الاخري لها من خلال اقدامها علي انتخابها للبرلمان, فضلا عن دعم الرجل سواء كان زوجا او ابنا او ابا او مسئولا, فضلا عن تسليط وسائل الاعلام المختلفة الضوء علي مساهمتها ومشاركتها في البرلمان, ومتابعة المجتمع المدني لادائها ومساندتها ايضا.