سيارات فولفو تكسر حاجز ال 4 ملايين جنيه    جهود الحكومة لدعم المواطنين.. «بره الصندوق»    وزير الداخلية اللبناني: 70 ألفا و100 نازح في 533 مركز إيواء جراء العدوان الإسرائيلي    أبو الغيط: لابد من تدخل المجتمع الدولي بشكلٍ حاسم لفرض حل الدولتين    جرب تدخل الاستاد| إمام عاشور يكشف عن الأغنية المفضلة له من قبل جمهور الأهلى    بمشاركة مرموش| بلزن يخطف تعادلا دراميا أمام آينتراخت في الدوري الأوروبي    استشهاد ضابط شرطة ومصرع عنصر شديد الخطورة بأسوان    تامر عبد المنعم: نستعد لحفل انتصارات أكتوبر بمشاركة فرق البيت الفني    رئيس جامعة الأزهر الأسبق: الكون كله احتفل بميلاد نبينا محمد وأشرقت الأرض بقدومه    رئيس نادي السكة الحديد: سعيد لما وصل إليه الفريق ونسعى للعودة للممتاز    أرخص شقة بمصر.. سعر المتر في وحدات الإسكان بأكتوبر رسميا    المنتدى الإقليمي للاستشارات: الأفق السياسي مغلق أمام التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة    فنربخشه التركي يعبر سانت جيلواز بالدوري الأوروبي    أحمد الطلحي: الصلاة على النبي تجلب العافية للأبدان (فيديو)    أحوال الطقس في مصر.. شبورة مائية صباحًا على بعض الطرق    كوريا الجنوبية تدعو إلى تعزيز دور مجلس الأمن للاستجابة بشكل أفضل للصراعات الدولية    أحمد العوضي يعلق على تصريح إلهام شاهين عن الصلاة.. ماذا قال ؟    بالصور.. محمد رجب يستعد لمسلسله الجديد الحلانجي رمضان 2025    بإطلالة شبابية.. ليلى علوي تتألق في أحدث ظهور والجمهور يغازلها (صور)    خبيرة اقتصادية: هناك تحسن بمزاج المستثمرين.. وارتفاعات قريبة بالبورصة المصرية    وزير التعليم: من الآن مفيش مدرس هيخاف تاني من طالب    حملة "100 يوم صحة" قدمت أكثر من 89 مليونا و740 ألف خدمة مجانية خلال 56 يومًا    تنظم ندوة توعوية وورشة تعليم سباكة للسيدات المترددات على القافلة الطبية بقرية الفهمية بالفيوم    409.7 درجة حد أدنى للأسنان.. نتيحة تنسيق شهادة الكويت علمي علوم 2024 في مصر    أهمها شخصة رباح في دراما رمضان الماضي .. وليد فواز يتألق في 2024 ب 3 أعمال درامية وفيلم سينمائي    وزير التعليم: إعادة هيكلة المواد هدفه إتاحة الوقت اللازم لدراستها داخل المدرسة    رئيس حزب الإصلاح: عملية وصول الدعم لمستحقيه تختلف حسب الفئات    أول تعليق من «الأزهر» على تلاوة القرآن الكريم مصحوبًا بالموسيقى: «جريمة»    المملكة أرينا.. أبرز المعلومات عن ملعب السوبر الإفريقي بين الأهلي والزمالك (صور)    عادات يومية من أجل الاستمتاع بيومك للتخلص من التوتر نهائيا    وزير التعليم: نستهدف تدريس البرمجة كلغة أساسية.. المنافسة في سوق العمل ستكون عالمية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدة السموع وقرية ارطاس    شعبة الخضروات: انخفاض أسعار الطماطم ل 28 جنيها للمستهلك نتيجة زيادة المعروض    رئيس جامعة المنصورة يشارك بمراسم توقيع عقود لفتح مكاتب هيئات بريطانية للتصنيف والتسجيل    الرئيس الفلسطينى: القدس تتعرض لحملات تهويد بهدف تغيير وضعها التاريخى    نتائج قرعة دور ال16 من كأس خادم الحرمين الشريفين    دار الإفتاء: المشاركة في ترويج الشائعات حرام شرعًا    وزير الخارجية في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن: السعودية ملتزمة بتعزيز العمل الجماعي لتحقيق الأمن والتنمية    نقابة المعلمين تنعى مدير مدرسة توفي بأزمة قلبية أثناء اليوم الدراسي بالمنصورة    مبادرة "بداية جديدة" تنظم ندوة توعية لمكافحة وعلاج الإدمان بجنوب سيناء    جثة ملقاة بشوارع الإسماعيلية والسبب آثار.. حبس 5 متهمين    رئيس جامعة عين شمس يستقبل السفير الفرنسي لبحث سبل التعاون    وزيرة التنمية المحلية تتابع الموقف التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    نائب بالشيوخ: مناقشة التحول من الدعم العيني لنقدي هدفه إعلاء مصلحة المواطن    معهد تيودور بلهارس ينفي وجود مصابين بالكوليرا داخله    خبير عسكري: إخلاء جنوب لبنان بهدف توسيع دائرة المواجهة بين حزب الله وإسرائيل    ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر في الشرقية    5 أبراج تقع في الحب من النظرة الأولى..هل أنت من بينها؟    مصرع عامل صدمته سيارة أثناء عبور الطريق بالمنيا    عمر جابر: لدينا ثقة كبيرة في تحقيق السوبر.. ولا توجد أفضلية لأحد    بينها رد الجنسية المصرية ل84 شخصًا.. 8 قرارات جديدة لوزارة الداخلية اليوم 26-9-2024    وزارة الصحة تفوز بجائزة الأمم المتحدة للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها    إعلام عبري يفضح سبب قبول نتنياهو بمحادثات تسوية مع حزب الله تشمل غزة ولبنان    وزير الصحة يستعرض تحديات صناعة الأدوية محليا وسبل توطينها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 26-9-2024 في محافظة قنا    البابا تواضروس: نتألم بشدة لاتساع رقعة الحرب في المنطقة    عاجل.. حقيقة طلب جوميز برحيل صفقة الزمالك الجديدة    أول رد من أسرة إلهام شاهين على أزمة فرح ابن شقيقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبارك: مصر وطن متماسك صنع تاريخه بوحدته الوطنية
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 01 - 2010

اكد الرئيس حسني مبارك أن الدور الذي لعبته وتلعبه الشرطة المصرية للحفاظ علي الاستقرار وحماية مصر من الإرهاب‏,‏ انعكست نتائجه المباشرة علي الإطار الأوسع للأمن القومي بمفهومه الشامل‏,‏ وعلي الجانبين الداخلي والخارجي‏.‏ وقال الرئيس في حوار شامل لمجلة الشرطة إن دوائر الأمن القومي المصري تتلامس بقوة مع جميع الأوضاع والمستجدات في المنطقة‏,‏ مما يتطلب منا اليقظة والسعي الدائم إلي تأمين مصالحنا الحيوية‏.‏
وفيما يلي نص الحديث‏:‏
اسمح لنا أن نبدأ بتوجيه الشكر والعرفان لسيادتكم علي قراركم غير المسبوق بأن يصبح يوم عيد الشرطة المصرية في الخامس والعشرين من يناير من كل عام‏,‏ عطلة رسمية‏,‏ إن هذا
القرار بالنسبة لجهاز الشرطة ينطوي علي معان وطنية نبيلة أكبر بكثير من التقدير والتكريم والاحتفاء‏..‏ كيف تنظرون سيادتكم إلي ذلك؟
‏**‏ إن قراري بأن يكون يوم عيد الشرطة في الخامس والعشرين من يناير كل عام عطلة رسمية‏,‏ يعبر عن احتفاء وتقدير للشرطة المصرية دون شك‏,‏ ولكنه فضلا عن ذلك يعبر عن احتفاء بالوطن العزيز كله‏,‏ فالشرطة المصرية لم تنفصل يوما عن معارك الوطن وتحدياته‏,‏ أو عن آماله وطموحاته‏,‏ فقد ظلت عبر التاريخ الوطني جزءا حيا وحيويا من شعب مصر في مواجهة كافة المخاطر والتحديات والصعاب‏,‏ ولذلك فإن يوم‏25‏ يناير‏1952‏ ليس مجرد يوم برهنت فيه الشرطة المصرية علي انتمائها العميق لوطنها عندما تحدت صفوة من رجالها إرادة المحتل في الإسماعيلية‏,‏ ورفضت أن تلقي سلاحها وقاتلت فصانت كرامة الوطن في يوم مجيد من أيام الوطنية المصرية‏,‏ وراء هذا القرار أيضا‏,‏ فضلا عن معاني التقدير والاحتفاء بدور الشرطة المصرية في الماضي والحاضر شيء مهم‏,‏ أعتقد أنه يجب الالتفات إليه‏,‏ وهو ضرورة الحفاظ علي الذاكرة الوطنية‏,‏ فلدينا سجل وطني من البطولة والفداء والبذل والتضحية علي امتداد تاريخنا ينبغي أن يكون في قلب الأجيال الجديدة ليعزز انتماءهم للوطن واعتزازهم بمصر وتاريخها وبطولات أبنائها‏..‏ وعندما تتكاثر التحديات علي الساحة الوطنية والإقليمية والدولية فإن هذا السجل الوطني المشرف يمثل قوة ضرورية ومطلوبة تشحذ العزائم والهمم لمواجهتها‏.‏
‏*‏ إن هذا يعني يا سيادة الرئيس أن هناك علاقة بين الأمن الداخلي والأمن الخارجي‏,‏ فكيف تنظرون إلي العلاقة بينهما ومدي تأثير كل منهما في الآخر ومحصلة ذلك علي أمن مصر القومي؟
‏**‏ مصر أدركت منذ فجر التاريخ تلك الوحدة العضوية بين الأمن الداخلي والأمن الخارجي‏,‏ فالدفاع عن الوطن وصيانة حدوده وسيادته ومصالحه العليا يتطلب تحقيق الأمن والاستقرار علي الساحة الداخلية بما يضمن أمان وسلامة أبناء مصر ويحمي وحدتهم وتماسك مجتمعهم‏,‏ وانتصار أكتوبر المجيد خير دليل علي ذلك‏,‏ فقد دخلنا الحرب بجبهة داخلية قوية ومتماسكة وقفت إلي جانب أبطال قواتنا المسلحة‏,‏ فتحقق لنا النصر‏.‏
‏'‏ولهذا فإن الدور الذي لعبته وتلعبه الشرطة المصرية علي مستوي الأمن الداخلي للحفاظ علي الاستقرار وحماية مصر من الإرهاب لم يقتصر مردوده علي محاصرة تلك الظاهرة ودرء مخاطرها‏,‏ وحماية الوطن من آثارها الوخيمة‏,‏ وإنما كانت عوائده أكبر بكثير من ذلك‏,‏ فنتائجه المباشرة انعكست علي الإطار الأوسع للأمن القومي بمفهومه الشامل‏,‏ وبروافده العديدة‏,‏ وعلي الجانبين الداخلي والخارجي سواء بالنسبة لقضايا التطوير‏,‏ والتحديث‏,‏ والتنمية الشاملة‏,‏ والاستقرار بوجه عام‏,‏ أو بالنسبة للاستثمارات وفرص العمل والسياحة والتجارة والصادرات ومعدلات النمو الاقتصادي فضلا عن تأثيره في مكانة مصر علي المستويين الإقليمي والدولي‏,‏ ولذلك فإن هذه الصفوف الطويلة من رجال الشرطة الذين قدموا دماءهم وأرواحهم الغالية لضرب الإرهاب‏,‏ واقتلاع جذوره قد قدموا عملا وطنيا جليلا وسيبقون أحياء في ذاكرة الوطن‏.‏
‏'‏أما بالنسبة للأمن الخارجي فإن القوات المسلحة المصرية هي درع الوطن بسجل تاريخها الحافل بالبطولات والتضحيات والانتصارات‏,‏ وهي الدعامة الأساسية في حماية الأمن القومي‏,‏ ولذلك لم نتوان عن أن نوفر لها أفضل الإمكانيات‏,‏ تدريبا‏,‏ وتسليحا‏,‏ وعتادا‏,‏ تجسيدا لقناعتنا بأن السلام يتحقق بقوات مسلحة قوية وقادرة‏..‏ تحمي السلام وتردع العدوان‏.‏
‏*‏ إن هذا ينقلنا يا سيادة الرئيس إلي موضوع الأمن القومي المصري في ضوء ما أفرزته العولمة من متغيرات‏,‏ وما تشهده منطقتنا من أزمات علي المستوي الإقليمي؟
‏**‏ لقد شهد العالم تحولات عديدة خلال التسعينات ترتبت عليها تحديات ومعطيات جديدة علي المستوي الإستراتيجي والسياسي والاقتصادي‏,‏ العولمة جعلت من العالم قرية صغيرة‏,‏ والتأثير والاعتماد المتبادل بين دول العالم وقاراته أصبح سمة هذا العصر‏,‏ وأمامنا مثال واضح‏,‏ وهو الأزمة الاقتصادية العالمية التي وصلت تداعياتها إلي كل الدول دون استثناء بل وكانت تأثيراتها السلبية علي الذين لم يسهموا في صنعها أكثر من أولئك الذين تسببوا في هذه الأزمة‏.‏
‏'‏كما نتذكر أزمة الغذاء العالمي منذ عامين وكيف أدت لارتفاعات غير مسبوقة لأسعار السلع الغذائية الأساسية علي مستوي العالم‏,‏ وهناك مثال ثالث هو مخاطر تغير المناخ التي لم يعد أحد بمنأي عن تداعياتها‏,‏ وكل هذه الأمثلة وغيرها تلخص أن العالم كله أصبح في خندق واحد في مواجهة العديد من الأزمات والتحديات‏,‏ وهذا بالضبط ما كنت أقصده عندما حذرت من أزمات ترد إلينا من الخارج وذلك قبل أزمة الغذاء العالمي والأزمة الاقتصادية العالمية المتواصلة منذ مايقرب من عشرين شهرا‏..‏ هذا علي المستوي الدولي‏.‏
أما علي المستوي الإقليمي‏,‏ فإن الواقع العالمي الجديد له انعكاسات واضحة علي المنطقة العربية‏,‏ فهناك العديد من الأزمات والخلافات والانقسامات فضلا عن المحاور والمزايدات ومحاولات إيرانية للهيمنة والتدخل في الشأن العربي علي جبهات عديدة‏..‏ والحقيقة أن كافة هذه الأزمات والانقسامات والتهديدات يتقاطع مع دوائر الأمن القومي المصري في صلته بأمن الخليج وأمن البحر الأحمر وفي علاقته بالأمن الأورومتوسطي في الشمال ومنابع النيل في الجنوب‏,‏ فدوائر أمن مصر القومي تتلامس بقوة مع كافة الأوضاع والمستجدات علي امتداد خريطة الجغرافيا السياسية والاستراتيجية لهذه المساحة الواسعة‏.‏
‏'‏إن ذلك كله يتطلب منا اليقظة والسعي الدائم إلي تأمين مصالحنا الحيوية‏,‏ وأمننا القومي‏,‏ خاصة أن موقع مصر الجيوستراتيجي يمنحها طاقة الحركة في اتجاه القارات الثلاث‏,‏ إفريقيا وآسيا وأوروبا‏,‏ وعبر هذه الأبعاد الثلاثة‏,‏ تتشكل دوائر الأمن في المحيط العربي والإقليمي والعالمي‏,‏ بما في ذلك أهم الممرات البحرية الحاكمة للملاحة والنقل والتجارة الدولية حول العالم‏,‏ بما في ذلك إمدادات البترول والغاز ذات الأهمية الإستراتيجية وعلاقتها بالأهمية المتزايدة لأمن الطاقة في إدارة العلاقات الدولية‏.‏
‏*‏ في ظل هذه الأوضاع والمتغيرات والتهديدات والمزايدات هناك من يري أن مصر دفعت ثمنا غاليا من أرواح أبنائها ومواردها خلال ستة عقود وأن عليها أن تغسل يديها من القضايا العربية وتكتفي بما يحقق مصالحها ومصالح شعبها ويدافع عن أرضها وهويتها المصرية‏..‏ ما هو تقديركم لذلك؟
‏**‏ نعم فقد تحملنا أعباء كبيرة‏,‏ وقدمنا أرواح أبنائنا ومواردنا دفاعا عن القضية الفلسطينية وقضايا عالمنا العربي‏..‏ صحيح أن تضحياتنا تقابل بالجحود وحملات التشكيك والتشهير‏..‏ وصحيح أننا غاضبون كل الغضب مما حدث مؤخرا في العريش ورفح‏..‏ ومن استهداف جنودنا ومحاولات إشاعة الفوضي علي أرضنا تحت ستار قوافل التضامن مع غزة‏..‏ ولكن ما الذي كان يمكن أن يكون عليه وضع النظام الإقليمي العربي ومنطقة الشرق الأوسط عموما‏,‏ لو لم تتحمل مصر تاريخيا ما تحملته من أعباء وتكاليف‏,‏ وكيف كان يمكن أن يكون تأثير ذلك علي الأمن القومي لمصر ذاتها‏.‏ إن هذه الحسابات من منظور الأمن القومي لا تخضع لحسابات الأرباح والخسائر‏,‏ وإنما تخضع لاعتبارات التاريخ والمكان‏,‏ والمكانة‏,‏ والرؤية الاستراتيجية للوضع الإقليمي وقضايا المنطقة‏.‏
‏'‏أما عن الهوية المصرية فهي تراكم فريد لتاريخ شعبها ورصيده الحضاري‏,‏ وهي لا تتناقض أبدا مع هويتنا العربية التي نعتز بها وندافع عنها في مواجهة تأثيرات قوي غير عربية من داخل المنطقة وخارجها‏,‏ وهذا التكامل الحضاري في شخصية مصر هو الذي أكسبها الثراء والمكانة وتأثيرا وإبداعا وثقافة وحضارة عبر التاريخ‏.‏
‏'‏وعلي أية حال‏..‏ فإن مصر لاتتوقف أمام المزايدات والمهاترات‏..‏ وستواصل جهودها من أجل القضية الفلسطينية وقضية السلام‏..‏ ودعم النظام الإقليمي العربي والعلاقات العربية العربية بمصالحة حقيقية تنحاز للهوية والمصالح المشتركة لعالمنا العربي وشعوبه‏.‏
‏'‏سنواصل هذه الجهود إزاء القضية الفلسطينية والقضايا العربية‏,‏ ولكن ستبقي مصر أولا ودائما في قلب تحركنا وعلي رأس أولوياتنا‏,‏ فهذا هو واجبنا الأول ومسئوليتنا الأولي‏.‏
‏*‏ لم تتوقف جهود مصر من أجل القضية الفلسطينية وقضية السلام لكن الملاحظ أن هذه الجهود تقابل من إسرائيل بمواقف متعنتة والتسويف والمراوغة‏,‏ ما هو تقدير سيادتكم لمستقبل جهود السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؟
‏**‏ سيظل الشرق الأوسط ساحة للاضطراب وزعزعة الاستقرار‏,‏ طالما توقفت عملية السلام واستمرت معاناة الشعب الفلسطيني‏,‏ لقد قلت وكررت مرارا أن القضية الفلسطينية هي مفتاح السلام في المنطقة والمدخل الطبيعي لحل باقي أزماتها ومشاكلها وصراعاتها‏.‏
‏'‏تحقيق السلام العادل لم يعد يحتمل تأجيلا أو تسويفا‏,‏ أو مراوغة‏,‏ كما أنه لم يعد يحتمل فشلا آخر‏,‏ إن الفشل هذه المرة سيقود إلي إحباط شامل‏,‏ وهذا الإحباط هو الذي يغذي قوي الإرهاب في المنطقة وحول العالم‏..‏ بكل ما تحمله من شرور ومخاطر تهدد الأبرياء في أرواحهم وأرزاقهم‏.‏
‏'‏إن المنطقة تجتاز مرحلة دقيقة‏,‏ والوقت لا يسمح بالدخول في مفاوضات عقيمة‏,‏ تؤدي إلي المزيد من الحلقات المفرغة‏,‏ ولذلك لابد أن تبدأ المفاوضات وفق تصور محدد لنهاية الطريق إلي السلام‏,‏ ولدينا في مصر رؤية واضحة نطرحها ونتمسك بها‏,‏ تستند إلي الشرعية الدولية‏,‏ وإلي الحقوق الثابتة وإلي أسس ومبادئ عملية السلام وفي مقدمتها مبدأ الأرض مقابل السلام‏,‏ وكذلك المبادرة العربية المطروحة منذ عام‏2002.‏
‏...‏ وهذا التصور يستند إلي النقاط المحددة التالية‏:‏
أولا‏:‏ أن تلتزم المفاوضات بمرجعيات عملية السلام‏,‏ وأن تتأسس علي حدود الرابع من يونيو عام‏1967‏ بحيث تنتهي لاتفاق للسلام خلال أجل زمني محدد متفق عليه‏,‏ يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف‏.‏
ثانيا‏:‏ أن تتوقف كل أشكال الاستيطان في كل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك الكتل الاستيطانية في محيط القدس وداخلها‏,‏ وعلي امتداد فترة التفاوض‏.‏
ثالثا‏:‏ أن تتناول المفاوضات كافة قضايا الحل النهائي الست دون استثناء‏,‏ علي أن تكون نقطة البداية هي تحديد الحدود الدائمة‏,‏ وليس المؤقتة للدولة الفلسطينية لأن ذلك من شأنه أن يمهد للاتفاق علي باقي القضايا محل التفاوض‏.‏
رابعا‏:‏ أن تستأنف المفاوضات من النقطة التي انتهت إليها مع الحكومة الإسرائيلية السابقة‏,‏ وليس من نقطة الصفر‏.‏
‏'‏لقد أضعنا عشرة أشهر حتي الآن دون إحراز تقدم في جهود السلام والحاجة ماسة لعدم إضاعة المزيد من الوقت‏,‏ واتصالاتي لا تنقطع مع أبومازن وقادة إسرائيل حول رؤية مصر لإحياء مفاوضات السلام‏,‏ وكذلك مع القادة العرب والجانب الأمريكي والأوروبي والاتحاد الروسي‏,‏ تحقيقا لهذا الهدف‏.‏
‏*‏ سيادة الرئيس هناك خشية من أن تطورات الوضع الإقليمي واختلال النظام الدولي في ظل أزمات كبيرة في المنطقة كأزمة البرنامج النووي الإيراني تدفع البعض إلي اختصار طريق حل بعض هذه الأزمات باستخدام القوة المسلحة‏,‏ ماهو تقديركم لذلك؟
‏**‏ لقد استخدمت القوة المسلحة في المنطقة وخارجها تحت شعار الحرب علي الإرهاب‏,‏ حدث ذلك في العراق ولايزال متواصلا في أفغانستان‏,‏ فماذا كانت النتيجة‏,‏ هل تم استئصال الإرهاب؟ الذي حدث هو النقيض تماما‏,‏ فقد تصاعد الإرهاب وأصبح يمثل تهديدا أكبر والدليل علي ذلك ما يحدث في باكستان واليمن والصومال‏,‏ وهذا يعني صحة ما حذرت منه مرارا من أن استخدام القوة‏,‏ ليس هو السبيل إلي حل الخلافات‏,‏ أو الأزمات‏,‏ فضلا عن أن الشرق الأوسط لايحتمل مزيدا من الأزمات التي قد تجر المنطقة كلها إلي حافة هاوية وإلي نتائج كارثية ليس علي المنطقة فحسب وإنما علي سلام وأمن العالم‏.‏
‏'‏نحن رغم رفضنا المعلن لتوجهات ومواقف وتحركات إيران في المنطقة العربية وأفريقيا‏,‏ فإننا نرفض توجيه ضربة عسكرية لإيران‏,‏ وندعو لمواصلة الحوار للتوصل لتسوية سياسية حول ملف إيران النووي‏.‏
‏'‏إن لإيران الحق كطرف من أطراف معاهدة منع الانتشار النووي في الاستخدام السلمي للطاقة النووية‏,‏ وعليها أن تثبت الطابع السلمي لبرنامجها‏,‏ لكن أي خيار دولي للتعامل مع ملف إيران النووي‏,‏ ينبغي أن يقترن بتعامل مماثل مع قدرات إسرائيل النووية‏,‏ لقد قدمنا الحل وأكدناه مرات وعلي امتداد سنوات‏,‏ وهو ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط بأثرها ودون استثناء من الأسلحة النووية‏,‏ وأسلحة الدمار الشامل‏,‏ وسوف نعاود التمسك بهذا الموقف المصري خلال المؤتمر المقبل لمراجعة معاهدة منع الانتشار في نيويورك شهر مايو القادم‏.‏
‏*‏ كما أشرتم في كلمتكم بمناسبة العام الهجري والميلادي الجديد كان عام‏2009‏ عاما صعبا علي مصر والعالم‏..‏ واستمرت خلاله أزمة ركود الإقتصاد العالمي‏..‏ ماهي دروس تعاملنا مع هذه الأزمة؟ وماذا كانت أولويات هذا التعامل؟
‏**‏ لقد نجحنا في مواجهة الأزمة المالية العالمية‏,‏ وأحمل اعتزازا خاصا لعدد من الاعتبارات‏:‏
أولا‏:‏ إن هذا النجاح تحقق بمواردنا الذاتية وأثبت قدرة اقتصادنا علي مواجهة الأزمات‏.‏
ثانيا‏:‏ إننا واجهنا الأزمة بكل تعقيداتها‏,‏ واستطعنا أن نحول دون أن تنعكس تداعياتها علي القاعدة العريضة من البسطاء والفقراء وأبناء الطبقة الوسطي‏.‏
ثالثا‏:‏ إننا قمنا بتدبير تمويل برامج الإنعاش الاقتصادي‏..‏ مع الاستمرار في تخفيض نسبة الدين العام إلي دخل مصر القومي‏..‏ ومواصلة السيطرة علي عجز الميزانية‏.‏
وهذه الملامح الثلاثة تشكل خصوصية المواجهة المصرية للأزمة‏,‏ والتي تمت علي مستويين‏,‏ الأول‏:‏ وضع أولوية للحد من تداعيات الأزمة علي العمالة المصرية‏,‏ والتخفيض من تأثيراتها السلبية الاقتصادية والاجتماعية علي الطبقات الفقيرة والبسيطة‏,‏ وقد شكل ذلك خط الدفاع الأول الذي حظي بالأولوية المطلقة في تعليماتي للحكومة‏,‏ والثاني‏'‏ تنفيذ ثلاثة برامج للانعاش الاقتصادي‏,‏ كان أولها بمبلغ‏15‏ مليار جنيه ضمن ميزانية العام قبل الماضي‏,‏ والثاني بمبلغ‏8‏ مليارات جنيه ضمن ميزانية العام الماضي‏,‏ أما البرنامج الثالث فهو بمبلغ يزيد علي‏10‏ مليارات جنيه إضافية‏,‏ وذلك عن طريق تعزيز موارد الهيئات الاقتصادية بما يتيح زيادة إنفاقها بمقدار هذا المبلغ علي مشروعات المياه والصرف الصحي‏,‏ والطرق‏,‏ وقري الظهير الصحراوي‏.‏
‏'‏لقد نتج عن ذلك نجاحنا في امتصاص النتائج السلبية للازمة سواء علي مستوي معدلات النمو أو علي مستوي الدخول والأجور وفرص العمل‏,‏ وهي آثار طالت تداعياتها كل دول العالم المتقدمة والنامية علي السواء‏.‏
‏'‏تعاملنا مع الأزمة جاء ليعكس ما نوليه من أولوية لتوسيع قاعدة العدل الاجتماعي‏,‏ ومساندة الشرائح الاجتماعية محدودة الدخل‏,‏ وفي هذا الإطار تمت صياغة مشروع القانون الجديد للتأمين والمعاشات الذي سيطلق الحد الأقصي للمعاش‏,‏ ويعزز القدرة علي الإدخار في أوعية مضمونة من الدولة‏,‏ وكما سيخفض نسبة الاشتراكات ويضمن زيادة سنوية للمعاشات‏,‏ ويغطي أخطار العجز والوفاة والبطالة وإصابات العمل‏,‏ ويوفر معاشا للعمالة الموسمية ولكل من يبلغ سن التقاعد‏.‏
‏'‏يدخل في صميم ذلك أيضا مشروع التأمين الصحي وهو مشروع لمظلة تغطي كل المصريين‏,‏ ويضع الرعاية الصحية في إطار حاجة المواطن إليها‏,‏ وليس قدرتهم علي تكاليفها حيث يتحمل القادر اشتراكات التأمين‏,‏ وتتحملها الدولة عن غير القادرين‏,‏ مما سيخفض نسبة ما تتحمله الأسرة المصرية من الإنفاق علي الرعاية الصحية‏.‏
وتحقيقا لأولوية الوقوف إلي جانب البسطاء من أبناء الشعب‏,‏ تتقدم الحكومة بمشروع قانون مهم للدورة البرلمانية الحالية يفتح الباب أمام القطاع الخاص للمشاركة مع الدولة في مشروعات البنية الأساسية بما يسهم في إنعاش اقتصادنا بالمزيد من الاستثمارات في مشروعات البنية الأساسية‏,‏ بما في ذلك الطرق ومحطات مياه الشرق والصرف الصحي‏.‏
‏'‏كما أنني وجهت الحكومة إلي ضرورة العمل علي تخفيف أعباء ومعاناة الفلاحين‏,‏ ورفع أسعار توريد المحاصيل الزراعية لزيادة ربحيتهم مع إعادة هيكلة البنك الزراعي المصري‏,‏ كي يعود إلي دوره في دفع التنمية الزراعية‏,‏ ومساعدة القاعدة العريضة من الفلاحين‏.‏
‏*‏ سيادة الرئيس كيف تنظر إلي محاولات هز الوحدة الوطنية في مصر وافتعال الأزمات الطائفية؟
‏**‏ الجريمة البشعة التي وقعت في‏(‏ نجع حمادي‏)‏ تدعونا جميعا لوقفة صادقة مع النفس كمصريين قبل كل شيء‏...‏ إنني أتوجه بالتحية والإشادة لرجال الشرطة لسرعة تعقبهم للجناة وإلقاء القبض عليهم‏,‏ وأطالبهم في ذات الوقت بالمزيد من اليقظة والتحوط والمبادرة لإجهاض أية جرائم مماثلة والتصدي للمحاولات المشبوهة لإشعال الفتن الطائفية والمسارعة لإحتوائها‏.‏
‏'‏مصر وطن متماسك منذ سبعة آلاف سنة‏,‏ وطن صنع تاريخه وحضارته علي قاعدة وحدته الوطنية‏,‏ والذين يعرفون التاريخ المصري جيدا يدركون ذلك‏..‏ ويعلمون أن شعب مصر ينحاز بطبيعته إلي الاعتدال لا التعصب‏,‏ ومصر لم تعرف التمييز‏,‏ لا علي أساس اللون أو الدين أو المذهب أو العرق‏.‏
‏'‏نعم هناك محاولات مستمرة تسعي إلي النيل من هذه الوحدة وإلي اختلاق الفتن الطائفية‏..‏ هناك متطرفون علي الجانبين‏..‏ وهناك من يحاول استغلال البسطاء من الناس‏..‏ ولابد أن نتصدي بكل قوة والحسم لهذه المحاولات‏..‏لكن هذا ليس دور وواجب الأمن وحده مع ما يتحمله من أعباء ومسئوليات جسيمة‏,‏ إنه دور وواجب عقلاء الأمة والمجتمع كله‏,‏ بأحزابه وقواه السياسية والاجتماعية‏,‏ ومؤسسات مجتمعه المدني بمثقفيها ومفكريها وكتابها وإعلامييها‏..‏ وبدور حكيم وفاعل للدعاة في الأزهر الشريف والكنيسة القبطية‏.‏
‏*‏ ما دمنا قد تطرقنا إلي الوضع الداخلي فكيف تقيمون سيادتكم دور أحزاب المعارضة‏,‏ في مصر والنشاط الحزبي عموما في ظل الأوضاع الراهنة؟
‏**‏ أحزاب المعارضة هي جزء من النظام السياسي المصري‏,‏ وإذا كان ثمة خلافات في البرامج أو المواقف من بعض القضايا بين الأحزاب‏,‏ وبعضها في إطار هذا النظام‏,‏ فهذا لايعني أن بعضها أكثر وطنية أو حبا لمصر من البعض الآخر‏,‏ نحن جميعا في قارب واحد وليس لدي أدني شك في أن كافة الأحزاب المصرية تنشد مصلحة الوطن كل منها حسب برامجه‏..‏ وما يطرحه للتعامل مع قضايا الداخل والخارج‏..‏ والشعب هو وحده في النهاية صاحب القرار في من يختار‏,‏ ولذلك نحن لا نصادر علي حق أي حزب من الأحزاب في أن يمارس دوره ونشاطه في إطار الشرعية والدستور والقانون ودون أن يصادر حق غيره من الأحزاب‏,‏ في التعبير عن نفسها ورؤيتها‏.‏
‏'‏إن اختلاف الآراء‏,‏ والمواقف‏,‏ حول بعض القضايا‏,‏ وتفاعلها إيجابيا وديمقراطيا في الوقت نفسه‏,‏ هو ظاهرة صحية‏,‏ لأنه يسهم في بلورة المواقف من قضايا المجتمع‏,‏ وأنا حريص علي طرح القضايا التي تمس حياة المواطنين لحوار مجتمعي عام ومفتوح‏,‏ وقد أسهم هذا الحوار في تناول هذه القضايا‏,‏ وفي اتخاذي للقرارات بشأنها‏,‏ مثال ذلك الحوار المجتمعي حول التعديلات الدستورية‏,‏ وتطوير التعليم‏,‏ ونظام التأمين الصحي‏..‏ وغيرها‏.‏
‏*‏ سيادة الرئيس أسمح لنا أن نتساءل عن المستقبل‏,‏ كيف تري أولويات العمل الوطني في إطار السنوات القادمة؟
‏**‏ لقد تقدمت في الانتخابات الرئاسية الماضية ببرنامج واضح ومحدد ألتزم باستكمال تنفيذه وأتابع ذلك مع الحكومة وعلي أرض الواقع في زياراتي لمختلف المحافظات‏..‏ قطعنا بالفعل شوطا كبيرا في تنفيذ أهدافه في مجالات البنية الأساسية‏,‏ كمياه الشرب والصرف الصحي‏,‏ والإسكان وتحسين الأوضاع في الريف‏,‏ وتطوير أوضاع الزراعة والصناعة‏,‏ وتوفير فرص العمل‏,‏ وتخفيف أعباء المعيشة علي المواطنين‏,‏ وهو في جوهره منحاز إلي القاعدة الاجتماعية العريضة‏,‏ كما أنه يعيد التوازن في الاستثمارات والمشروعات وفرص العمل بين الدلتا والصعيد‏.‏
وكما قلت ردا علي سؤالك السابق‏,‏ سنشهد هذا العام انتخابات برلمانية حرة ونزيهة تأتي للبرلمان بتشكيل جديد يعكس إرادة الناخبين‏,‏ ويبدأ الفصل التشريعي العاشر للدورة المقبلة لتستكمل تطوير بنيتنا التشريعية ولتبني علي ما حققه البرلمان الحالي في الفصل التشريعي التاسع‏,‏ وإنني أتطلع للانتخابات التشريعية المقبلة وآمل أن تأتي بأفضل العناصر القادرة علي الاضطلاع بدورها المهم كنواب للشعب‏,‏ كما أتطلع إلي استعداد الأحزاب من الآن للانتخابات الرئاسية عام‏2011,‏ وأرحب بكل من يملك القدرة علي العطاء من أجل مصر وشعبها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.