هل عندما يجيء مهرجان ما ويعرض مجموعة كبيرة من الأفلام المناصرة للقضية الفلسطينية بشكل قوي. أيحق للبعض الذين لم يحضروا المهرجان أن يتهموه بالتطبيع بناء علي معلومة غير مؤكدة تقول إن منتجة بريطانية قالت إنها إسرائيلية أيضا؟ وهل عدم إنتاج شركة أمريكية كبري معروفة بتحيزها للقضايا الإنسانية فيلما منحازا لوجهة النظر العربية لاحتلال العراق ويتهم الفيلم إدارة بوش بالكذب علي العالم في مسألة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. ثم تلجأ الشركة الأمريكية لإسناد دور صغير لممثلة إسرائيلية وأدوار كثيرة أكبر لممثلين عرب هل نتهم الجهة العربية المشاركة في الإنتاج أنها مطبعة وخائنة لأنها سمحت للشركة الأساسية المنتجة للفيلم بوجود إسرائيلية؟ وهل نتناسي دور الفيلم وتأثيره العالمي وقدرته كفيلم هوليوودي بما له من تأثير علي الدفاع عن قضايانا بشكل واسع وفعال. هذه هي مقدمة للقصة التي أصبحت أمثولة ويدور حولها اهتمام الإعلام المصري بعنف هذه الأيام. القصة تقول إن موقع إحدي الجرائد المصرية علي الإنترنت نشر أن السيدة ليسلي يودوين منتجة الفيلم البريطاني( الغرب هو الغرب) ظهرت في إحدي ندوات مهرجان أبو ظبي السينمائي وقالت إنها إسرائيلية وفخورة بذلك. تلقف الخبر العديد من الأشخاص الذين لهم خصومات مع مهرجان أبو ظبي لأسباب مختلفة وازدادوا النار اشتعالا منهم من يشتعل غضبا لأن المهرجان لم يدعوه للحضور فوجدها فرصة لتنفيس غضبه ومجموعة أخري تنتمي من خلال الصداقة أو العمل مع شخص في حالة خصومة قضائية مع الناقد العراقي انتشال التميمي أحد مسئولي المهرجان فاتهمته بأن أصوله يهودية ليس هو فقط بل ومدير المهرجان الأمريكي بيتر سكارليت ومجموعة ثالثة كان لها علاقات عمل سابقة مع مهرجان أبو ظبي وتريد إظهار المهرجان الآن بالمطبع والخائن بل والفاشل ربما حضرت اغلب ايام المهرجان من41 إلي22 نوفمبر ورحلت باليوم الأخير وهذه شهادتي عما حدث. كان من ضيوف المهرجان من المصريين الفنانين يحيي الفخراني ويسرا وخالد النبوي ومحمود حميدة وخالد ابو النجا ولبلبة وبسمة ومحمد لطفي وغيرهم ومن كبار النقاد علي أبو شادي وكمال رمزي ومن مسئولي وزارة الثقافة خالد عبد الجليل رئيس المركز القومي للسينما ومن المنتجين هشام عبد الخالق ومحمد حفظي ومع هؤلاء نخبة من الصحفيين والنقاد المميزين عن حق. إنها نخبة مختارة الكثير منها من له مواقفه السابقة الكثيرة ضد التطبيع بالكلام والكتابة وغيرها. وأتحدي أن يدعي أي شخص أن أحدا من الوفد المصري وصلته معلومة عن وجود منتجة قالت إنها إسرائيلية وفخورة بذلك. ولم نسمع ذلك أيضا من أي ضيف عربي أو أجنبي بالمهرجان. وليس معقولا أن يداري كل ضيوف المهرجان علي بعضهم البعض معلومة كتلك ونحن نجلس طوال اليوم في أروقة المهرجان ونحضر أغلب العروض. وليس معقولا أن يكون الموقع المصري الذي نشر الخبر هو الموقع الوحيد في العالم الذي عرف الخبر ولم ينتبه لذلك ممثلو053 وسيلة إعلام كانوا يحضرون المهرجان. وإذا افترضنا أن المنتجة البريطانية قالت ذلك في أحد العروض الثلاثة لفيلم( الغرب هو الغرب) كيف ظل ذلك سرا طوال الوقت ولم ينبس به أحد. خبر كذلك لو عرف لكان أصبح الشغل الشاغل لكل الحاضرين بالمهرجان ولترك الكثيرون المهرجان وعادوا لبلادهم وأنا منهم. ولو افترضنا أن القصة حدثت بالفعل ولم تصل إلي أسماع كل من بالمهرجان من سينمائيين ونقاد. ألا يعتبر ذلك وحدث تسللا من سيدة تحمل جنسيتين وتحايلا منها علي ادارة المهرجان. فأنا بحثت كثيرا علي الإنترنت ووجدت أكثر من حوار للمنتجة المزعومة لا تذكر فيه إلا أنها انجليزية منها حوار معها لهيئة البي بي سي التي شاركتها انتاج فيلمها. انا شخصيا لا اعتقد أن ادارة المهرجان خدعت المشاركين فيها ومررت حضور هذه السيدة كبداية للتطبيع. ودليلي الأفلام العظيمة الكثيرة التي شاهدتها بالمهرجان تناصر القضية الفلسطينية وتفضح الوحشية الاسرائيلية. وليس صدفة أن أغلب تلك الأفلام مخرجوها من الغرب. أنا أتذكر دموعي جيدا في فيلم( دموع غزة) للمخرجة النرويجية فبيكة لوكبرج الذي قدم بكل صراحة اجتياح غزة الأخير وركز علي جثث الأطفال الذين قتلوا بدون ذنب والذين أصيبوا بانهيار عصبي أو بإعاقة ما تمنعهم من الحياة العادية. وأتذكر قلبي وهو ينفطر بفيلم الهولندي جورج سلاوزر الذي جاء ليقدم تحفته( وطن) وهو نفسه علي عكازين. فيلمه هو الثالث في سلسلة أفلام صنعها عن المخيمات الفلسطينية خلال أعوام4791 و3891 و9002 حتي أن العائلة التي دأب علي تصويرها بالمخيمات بكت بالفيلم عندما رأت المخرج وقالت إنها تعتبره عضوا بالعائلة. وإذا كان الفيلمان حصلا علي جوائز كبري بمهرجان أبو ظبي بل وكل الأفلام الأخري التي حصلت علي الجوائز الأخري هي أفلام مناصرة للعرب وقضاياهم من العراق للبنان كيف إذن يقال إن المهرجان أعطي جائزة الجمهور لفيلم الغرب هو الغرب مجاملة للمنتجة الذين يدعون إنها إسرائيلية. وإذا كان التميمي وسكارليت يهودين فعلا فمنذ متي ونحن نعادي اديان البشر بمنتهي الفخر. وهل يعني عداؤنا للصهيونية وللإسرائيليين أننا ضد ديانة بعينها. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا نغضب ممن يعادوننا في الغرب لمجرد أننا مسلمون ؟ هل الأستاذ ممدوح الليثي الذي أصدر قرارا يحمل اسمه كرئيس اتحاد النقابات المهنية يعرف ذلك؟ وإذا لم يكن يعرف لماذا تسرع وأصدر قراره بمقاطعة مهرجان أبو ظبي وتوجيه اللوم للفنانين الذين حضروه لماذا لم يتبع القانون ويتوثق من المعلومة التي وصلته بل ويقوم بإجراء تحقيق حول ما حدث بالمهرجان وبعدها يتخذ ما يشاء هل يمثل نفسه أم يمثل جموع الفنانين حتي يقطع العلاقة مع مهرجان دولة بهذا الشكل المتعسف. حتي المعلومات التي ذكرها بيان الليثي خاطئة كقوله إن هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث التي تقيم مهرجان أبو ظبي أنتجت فيلم( اللعبة العادلة) وهو المقصود في بداية المقال وهو الذي شاركت فيه الممثلة الإسرائيلية ليزار شارهي. والصحيح أن شركة إيما جينشان التابعة لمجموعة أبو ظبي للإعلام هي التي شاركت في إنتاج الفيلم. والمعروف أن هذه الشركة تمتلك قنوات أبو ظبي التليفزيونية. هل سيطلب الليثي من وزارة الإعلام المصرية بحكم منصبه ألا تدعو تليفزيون أبو ظبي لمهرجان الإعلام العربي؟ ما هذا الذي يحدث هذا؟ هل من اتهموا الفنانين والصحفيين الذين حضروا بأنهم أكملوا المهرجان بعد معرفتهم بما قالته المنتجة البريطانية نسوا تاريخهم. أليس من الأفضل أن يصمتوا؟ فليرد مهرجان أبو ظبي أو لا يرد فهذا شأنه, أما الكلام عن جهل وصنع مصيبة من لاشئ وادعاء الوطنية من أناس معروف جيدا للكل ذممهم فهذا هو المضحك المبكي في القصة بأكملها