وزير الشئون النيابية: نحتاج لقانون ينظم توفيق أوضاع اللاجئين وحصرهم    نائب محافظ الجيزة تتفقد التجهيزات النهائية لمشروع الموقف الحضارى بمنطقة كوبرى الصحابة    محافظ قنا يشارك في فاعليات برنامج المائدة المستديرة للدراسة المكتبية    الذكاء الاصطناعي يستعد لإزاحة المحاسب والمبرمج.. 5 مهن قد تختفي قريباً    مسيرة حزب الله استهدفت نافذة غرفة نوم نتنياهو في قيسارية بدقة    البرلمان الأوروبي يوافق على منح أوكرانيا قرضا ب35 مليار يورو من أرباح الأصول الروسية المجمدة    تشكيل أستون فيلا ضد بولونيا.. دوران أساسيا فى دورى أبطال أوروبا    روديجر يحدد موعد رحيله عن ريال مدريد    ميلان يحسم الشوط الأول أمام كلوب بروج في دوري الأبطال    لعرضها علي الطب الشرعي.. انتشال جثة غريق في نهر النيل بالوراق    كواليس الدورة الأولى لمهرجان هوليوود للفيلم العربى برئاسة دارين حطيط    برعاية جامعة الأزهر.. انعقاد المؤتمر العالمي للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    القاهرة الإخبارية: 7 شهداء ومصابين إثر قصف استهدف مدرسة للنازحين فى بيت لاهيا    وزارة التضامن الاجتماعي تكرم الفنان أكرم حسني في احتفالية الأب القدوة    المصري يختتم ودياته في معسكر المغرب ب لقاء شباب المحمدية غدا    وزيرة التضامن تكرم عددًا من النماذج الملهمة في إطار مبادرة "الأب القدوة"    غزل المحلة يتلقى خطابا من اتحاد الكرة بإيقاف الزنفلي 4 أشهر    بعد انتهاء برغم القانون، عايدة رياض تستأنف تصوير "جودر 2" و"220 يوم"    المكسيك تمهل المدارس 6 أشهر لحظر الوجبات السريعة    دَخْلَكْ يا طير «السنوار»!    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الصبر أهم مفاتيح تربية الأبناء والتخلص من القلق    حابس الشروف: مقتل قائد اللواء 401 أثر في نفسية جنود الاحتلال الإسرائيلي    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    إعادة تنظيم ضوابط توريق الحقوق المالية الناشئة عن مزاولة التمويل غير المصرفي    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    منافس بيراميدز - بعد تعادلين في الدوري.. الترجي يعلن رحيل مدربه البرتغالي    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    هبة عوف: خراب بيوت كثيرة بسبب فهم خاطئ لأحكام الشرع    مساعد وزير الصحة: تنفيذ شراكات ناجحة مع منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات    ولى العهد السعودى وملك الأردن يبحثان تطورات الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    أزمة نفسية تدفع سائقا للقفز في مياه النيل بالوراق    نقيب المحامين يوقع مذكرة تفاهم مع وفد من هونج كونج ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي    بعد تصريحات السيسي.. الحكومة تطلب من "صندوق النقد" مد أجل تنفيذ إصلاحات البرنامج الاقتصادي    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    جامعتا بنها ووسط الصين الزراعية تبحثان تعزيز التعاون المشترك    بعد التحرش بطالبات مدرسة.. رسالة مهمة من النيابة الإدارية للطالبات (تفاصيل)    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    حقيقة إلغاء حفل مي فاروق بمهرجان الموسيقي العربية في دورته ال32    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لروسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    مجلس النواب يوافق على تشكيل لجنة القيم بدور الانعقاد الخامس    إصابة 3 أشخاص بحادث انقلاب سيارة طريق بنى سويف الفيوم    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع رئيس اتحاد الكرة بشأن نهائي كأس السوبر المصري    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محفوظ وأنا‏..‏ محطات علي الطريق
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 11 - 2010

سألني أحد الحضور في اللقاء الذي عقده لي معرض الشارقة للكتاب عن علاقتي بأديبنا الأكبر نجيب محفوظ‏,‏ الذي تحل الذكري المئوية لميلاده في العام المقبل‏,‏ فقلت هي علاقة ممتدة علي مدي العقود الثلاثة الأخيرة وتاريخها موضوع كتاب يتضمن الكثير مما لم يحن الوقت للبوح به بعد‏.‏
وقلت لسائلي‏:‏ سأحاول مع ذلك أن أوجز لك علاقتي بمحفوظ في ثلاث محطات فاصلة هي التي شكلت تلك العلاقة التي وصفها مقدم الندوة بأنها واحدة من أبرز العلاقات الإنسانية التي عرفها تاريخنا الأدبي الحديث‏.‏
لقد شرفت بمقابلة أديبنا الأكبر لأول مرة في مكتب أبو المسرح العربي توفيق الحكيم‏,‏ في جريدة الأهرام‏,‏ حيث كانت تربطني بالحكيم علاقة وثيقة‏,‏ لكن المحطة الأولي لعلاقتي بنجيب محفوظ والتي نقلتها من علاقة ود عادية‏,‏ إلي ما يشبه العلاقة الخاصة القائمة علي امتناني ككاتب شاب كان لايزال في ذلك الوقت في مقتبل حياته‏,‏ كانت حين وصلتني البروفات الأخيرة لأولي مجموعاتي القصصية الرجل الذي عادت إليه ذاكرته في غلافها الأنيق‏,‏ فقررت إهداءها للأستاذ نجيب بكلمة قلت فيها‏:‏ إن المجموعة حين تصدر سيتم إهداؤها للكثيرين‏,‏ لكن هذه نسخة فريدة‏,‏ لذا رأيت إهداءها للأديب الفريد نجيب محفوظ‏.‏
وبعد أيام قليلة فوجئت علي مكتبي بنفس المظروف الذي حوي المخطوط وقد رده إلي محفوظ ثانية‏,‏ فخشيت أن يكون الأديب الكبير قد استهجن أن تهدي إليه بروفة كتاب لم يصدر بعد‏,‏ لكني وجدت أنه صدرها لي بكلمات شكر رقيقة قال فيها إنه استمتع بقراءتها‏,‏ وإنه لذلك سمح لنفسه بأن يبدي عليها بعض الملاحظات التي أوضح أنه كتبها بالقلم الرصاص حتي يكون بإمكاني إن لم تعجبني أن أمحوها بالأستيكة‏,‏ علي حد قوله‏.‏
وقد عمني وأنا أقرأ هذه الكلمات وأسارع بالاطلاع علي ملاحظات الكاتب الكبير علي صفحات الكتاب شعور بالامتنان الهائل لهذا الإنسان الكبير الذي لم أكن أتصور أنه سيعبأ بقراءة مسودة عمل أول لكاتب شاب‏,‏ فإذا به يراجع النص بنفسه ويبدي عليه ملاحظات غاية في الأهمية‏.‏
كانت تلك هي المحطة الأولي في علاقتي بنجيب محفوظ‏,‏ وقد تواصلت عبر السنوات التالية فكان يشرفني بإهداء كتبه لي وكنت أحرص دائما علي إهدائه النسخة الأولي من كتبي‏,‏ وكنا نتحاور في كل منها‏,‏ وقد انتقلت لقاءاتنا من مكتب توفيق الحكيم إلي مواعيد محددة في لقاءات الأستاذ نجيب الأسبوعية‏.‏
أما المحطة الثانية التي نقلت العلاقة إلي مرتبة ثانية أكثر خصوصية فكانت حين شرفني باختياري ممثلا شخصيا له في احتفالات نوبل عام‏8891,‏ فكان لي شرف إلقاء خطابه الشهير في تلك المناسبة‏,‏ وهذه المحطة في حد ذاتها جديرة بكتاب كامل أحتفظ بمسودته التي تتعرض لملابسات الموضوع ومختلف تفاصيله التي مازالت بها جوانب لم تنشر بعد‏,‏ لكن وثائقها قائمة تنطق بما لا يعرفه أحد‏.‏
ثم تأتي المحطة الثالثة التي توجت علاقتي بنجيب محفوظ حين وقعت محاولة اغتياله الآثمة في نوفمبر‏4991,‏ والتي أفقدته القدرة علي الكتابة لفترة طويلة‏,‏ فطلب محفوظ من الأستاذ إبراهيم نافع‏,‏ رئيس تحرير الأهرامب‏,‏ في ذلك الوقت‏,‏ أن يتحول مقاله الأسبوعي في الجريدة إلي حوار اختار أن أكون أنا الذي أجريه معه‏,‏ وإذا كنت أقول إن تلك المحطة هي التي توجت علاقتي بأديبنا الأكبر‏,‏ فذلك لأنها قربتني منه بشكل أكثر من أي وقت سابق‏,‏ حيث اقتضي ذلك أن ألتقي بالأستاذ بشكل منتظم‏,‏ فكان يفرغ لي مساء السبت من كل أسبوع ألتقي به في جلسة ثنائية لا يشاركنا فيها إلا جهاز التسجيل الذي كان وسيلتي في الالتزام بنص كلمات الأستاذ في مختلف الموضوعات التي كنت أطرحها عليه من أسبوع لأسبوع‏.‏
وهكذا تجمع لدي علي مدي‏21‏ عاما وحتي رحيل محفوظ عام‏6002‏ ما يقرب من‏005‏ ساعة مسجلة بصوت الأديب الكبير تحوي ما قمت بنشره في حينه لكن بها أيضا ما لم يكن مخصصا للنشر في ذلك الوقت‏,‏ فقد كان الأستاذ ينطلق في حديثه بلا عوائق ولا حواجز‏,‏ وكأنه كان يعلم أن تلك ستكون كلماته الأخيرة‏,‏ فأراد أن يضمنها شهادته للتاريخ في الأدب والثقافة والسياسة والتاريخ‏,‏ وغير ذلك من الموضوعات العامة والخاصة‏.‏
وقلت لسائلي بمعرض الشارقة للكتاب‏:‏ ذلك هو الكنز الحقيقي الذي تركه لي أديب الرواية العربية الأكبر الحائز علي أرفع الجوائز الدولية نجيب محفوظ‏,‏ والذي لم يحن وقت فتحه بعد‏,‏ فقد حكم علي طوال السنوات الأربع الأخيرة منذ رحيله عن عالمنا‏,‏ ألا أتمكن من إدارتها في جهاز التسجيل‏,‏ فما أن كنت أستمع إلي نبرات صوت ذلك الإنسان العظيم الذي أحببته كما يحب الابن والده ومعلمه ومثله الأعلي وصديقه ورفيقه علي مدي السنوات‏,‏ حتي كان ذلك التاريخ كله يعود فجأة إلي الحياة‏,‏ فأشعر مرة أخري بالفقد الهائل الذي شعرت به وقت وفاته وتتجدد الأحزان التي نظن خطأ أن الزمن يمحيها‏.‏

المزيد من مقالات محمد سلماوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.