موسكو: د. سامي عمارة في مثل هذا الوقت من العام الماضي ومع تولي باراك اوباما مقاليد الحكم في البيت الأبيض كشفت موسكو عن آمال كبار في التغيير الذي قالت إنها تنشده لتحسين علاقاتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد ثمانية أعوام' عجاف' من حكم الرئيس السابق جورج بوش. أعربت موسكو عن ارتياحها تجاه الكثير من تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد ولاسيما ما قاله لاحقا حول تخليه عن فكرة نشر الدرع الصاروخية في عدد من بلدان شرق أوروبا. وكانت اللقاءات المتكررة التي جمعت الرئيسين فرصة مناسبة لتوضيح مواقف بلديهما من أهم قضايا العصر. فقد أعلن كل منهما عن الاتفاق حول تجديد معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية' ستارت1' قبل انتهاء موعد سريانها في الخامس من ديسمبر الماضي. وبرغم تكرار لقاءات الوفدين الروسي والأمريكي ومباحثاتها المضنية حول صياغة المعاهدة وتأكيد كل من ميدفيديف واوباما ضرورة إعداد المعاهدة الجديدة وتوقيعها قبل نهاية العام الماضي فلم يستطع الجانبان الانتهاء من إعداد صياغة المعاهدة التي يواصلان العمل عليها حتي اليوم. علي أن المهم في هذا السياق يتعلق بما أعلنه الرئيس ميدفيديف حول ارتباط هذه المعاهدة بخطة نشر الدرع الصاروخية التي كان قد هدد بنشر' منظومات صواريخ اسكندر' ردا عليها وما اتخذه اوباما من قرار التراجع عن هذه الخطة في محاولة لنزع فتيل التوتر. وكانت موسكو قد أكدت أيضا ضرورة ارتباط ذلك بآليات الرقابة علي إجراءات تخفيض الأسلحة الاستراتيجية التي يجب ان تكون أكثر فعالية وبساطة. وفي هذا السياق اتفق الرئيسان الروسي دميتري ميدفيديف والأمريكي باراك اوباما في القمة التي عقدت بموسكو في السادس من يوليو الماضي علي تقليص عدد وسائل نقل الأسلحة النووية( الصواريخ والقاذفات الاستراتيجية والغواصات) في حدود500 1100 في غضون سبع سنوات من بدء موعد سريان الاتفاق إلي جانب تحديد عدد العبوات النووية ب1500 1700 وحدة. وتشير المصادر العسكرية إلي أن البلدين توصلا في عام2002 إلي اتفاق حول تخفيض القدرات الاستراتيجية الهجومية يقضي بتقليص عدد الرءوس النووية الي مستوي1700 2200 لكل منهما مع حلول نهاية عام2012. ونمضي إلي ما هو ابعد لنقول إن الرئيس ميدفيديف أعلن أيضا عن تمسكه بتطوير الأسلحة الروسية الاستراتيجية الهجومية حتي بعد توقيع المعاهدة الجديدة مع الولاياتالمتحدة, مؤكدا انه لايمكن لروسيا أن تحمي أراضيها بدونها. وقال ان المباحثات حول إعداد هذه المعاهدة تسير بوتيرة عالية وان الجانبين اتفقا تقريبا حول مختلف الجوانب وإن كشف عن انها تتراوح بين الضغط المتبادل من جانب كل من الجانبين علي الآخر من اجل تحديد أسس بقائهما كأكبر قوتين نوويتين في العالم للأعوام العشرة المقبلة. علي ان قائمة الخلافات بين العاصمتين موسكووواشنطن لا تقتصر علي قضية الدرع الصاروخية وتعثر إعداد معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية التي أعلن ميدفيديف أخيرا عن ارتياحه لما يحرزه الجانبان من تقدم في هذا الشأن, بل وتتعداهما لتضم عدم تنفيذ الإدارات الأمريكية السابقة والحالية لوعد إلغاء تعديل' فينيك/ جاكسون' الصادر عن الكونجرس الأمريكي في سبعينيات القرن الماضي حول حظر منح موسكو وضعية الدولة الأولي بالرعاية تجاريا بالرغم من انتفاء الأسباب التي صدر بشأنها وكانت تتعلق بالقيود التي سبق وفرضها الاتحاد السوفيتي السابق علي هجرة اليهود السوفيت آنذاك!!!. وتضم القائمة عددا من القضايا غير المعلنة ومنها قلق موسكو تجاه تزايد اهتمام واشنطن بتعزيز وجودها في عدد من بلدان الفضاء السوفيتي السابق لاسيما جورجيا وأوكرانيا وبلدان آسيا الوسطي, إضافة إلي ما يتناثر من عقبات وعراقيل علي طريق انضمام روسيا إلي منظمة التجارة العالمية والتي أعلنت أخيرا إغفالها من قائمة أولويتها. علي أن قائمة القضايا العالقة بين الدولتين لا تقتصر علي المسائل الخلافية لتتعداها إلي وجود عدد من قضايا التعاون ومنها مكافحة الإرهاب الدولي والعمل المشترك ضد تهريب وتجارة المخدرات وهو ما يفتح الباب امام مجالات أخري لاختزال مساحات الخلاف بين القطبين العظيميين.