الأبناء أمام التليفزيون يأتنسون بفقر الثقافة, يتأرحون بين الكثير ولا يفهمون، أطراف تتمتم.. هم يسمعون كلاماً عن وحدة تتمزق. مصر عظيمة وقناة تصفها بالأسد العجوز.. الشباب عاطلون ورجل أعمال متهم بإنفاق الملايين لقتل امرأة, قناة تحلل وأخري تحرم.. نتمتع بحرية الرأي.. وصحيفة توقف ومذيع يستبعد وقنوات تغلق يسمعون تسييس الموقف ولا يفهمون برغم أننا نطالبهم بالموقف الإيجابي, والاشتراك في العملية السياسية والانتخابية.. وعلي من تقع مسئولية توضيح الحقائق لأبنائنا حتي لا يقعوا في المحظور؟ فقر الثقافة علي اختلاف مجالاتها يؤدي إلي هلاك أي مجتمع لجهله بما يحدث, هذا رأي الدكتورة سلوي شعراوي عضو مجلس الشوري والأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية مراهنة علي أن المصري بمعدنه وأصالته يمكن أن يتخطي أي أزمات مهما تخبطت به الأفكار والتساؤلات لكن الأمور تزداد تعقيدا مع النشء لفقرهم الثقافي فينشغلون بقشور الموضوعات لأنهم لا يملكون قدرة التعمق أو التفسير والتحليل لذلك يجب أن تعود الأسرة لدورها التوجيهي بالإجابة بموضوعية عن أسئلة الأبناء مؤكدين لهم أن الوطن للجميع لا فرق إلا بالعمل. ومهما يكن المال وسطوته فلا يمكن أن يقصف قلم. الحرية موجودة لكن لها حدود ومسئولية.. وشحن أجواء الوطن بسموم التناحر والكراهية والإقلال من الإنجازات هي أهداف مغرضة ضد الوطن الذي خلقت فيه الحياة للعمل والإنتاج والعلم ولا مجال للتشويش.. وطالبت الإعلام بالمصداقية والموضوعية في معالجة القضايا لأن هؤلاء الأبناء يعيشون الأحداث فقط من خلال الشاشة وأن النقد أو عرض نماذج للفساد لا يعني خلو الوطن من شخصيات عظيمة ومكافحة ولها دورها في تشكيل وجدان أبناء الأمة من خلال التعليم وغيره. وأشارت إلي أن تفسير الأحداث يجب أن يكون بحكمة وفهم وطول بال من الوالدين. أستاذ الجامعة والأبناء مطالبون بأخذ المعلومات والتفسيرات الصحيحة بثقة ممن يستمعون إليه.. لحظتها يمكنهم تحليل الحدث ومبرراته ودوافعه وأهدافه وعدم خلط الأمور اليومية التي تحدث في كل بلاد العالم بالسياسة والربط بين حرية الرأي واحترامها, وقدسيتها, وبين مذيع أو قناة يري المسئولون خروجها عن الهدف من وجودها.. وإذا كان الأبناء يتساءلون فالأولي أن ندفعهم للمشاركة السياسية والإدلاء بأصواتهم لمن يختارونه بإرادتهم لتوصيل مطالبهم لصناع القرار. وأوصت بتعليم الأبناء التوازن لتقييم الأمور علي حقيقتها موضحة أن أي تراجع عن الإيجابية مرفوض ومحاولة إحراز نقاط ضعف ضد الدولة هو بعد عن الهدف الأسمي وهو رقي الوطن مهما يكن فيه من سلبيات لأن ذلك لن يتحقق إلا بفاعلية دور الشباب مع الأحداث. خط للشباب لابد من وجود مستشار في الجامعة أو مرشد ثقافي كالاخصائي الاجتماعي في المدارس وذلك من أجل الإجابة عن تساؤلات الأبناء إضافة لدور الجامع والكنيسة, هذا مقترح الدكتورة آية ماهر أستاذ الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية,مؤكدة أن وضع منهجية للتفكير والتحكم في إدارة الحياة عن طريق التحكم في قدرة الذات لدفعها للنجاح أو الفشل يحتاج لوجود مستشارين أمناء يجيبون عن أسئلة الأبناء بعلم وموضوعية حيث إن الأولاد يعيشون في بيئة مليئة بالصراعات والتحديات المختلفة التي شكلت سلوكياتهم وفكرهم بل وأسلوب حوارهم.. فقد انعزل البعض مع الكمبيوتر وبرامج الدش المختلفه مما جعلهم فريسة سهلة لأفكار مغلوطة وأصيبوا بضعف الهمة وعدم القدرة علي تحمل المسؤلية ففشلوا في التفكير السليم.. والبعض الآخر يتلقي من التليفزيون عوامل تشكيك في المعتقدات, وتفرقة في الوطن وتمزيقا للوحدة الوطنية وعيونهم بين المتراشقين بالاتهامات, وللأسف الأبناء جاهلون لا ثقافة لهم فتحدث البلبلة.. وعدم قدرة النشء علي تحليل أبعاد القضايا مما يجعلهم يخلطون بين رجل أعمال يغرق الأموال علي متعه الدنيوية وهم عاطلون بلا عمل, وبين عدم وجود عدالة اجتماعية, علما بأنهم لو تعلموا مما يسمعون لأدركوا أن المال لا سطوة له علي العدالة والقانون ومن يخطئ ينال عقابه, وللأسف الأبناء لا ثقافة قانونية ولا مجتمعية لديهم فيصدمون أنفسهم دون أي تفكير أو تدقيق. وأقترحت الدكتورة آية ضرورة وجود خط ساخن للنشء يتولاه أساتذة من علماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد والإعلام لأن الوقت الذي يمر به الشباب يحتاج لتكثيف الجهود لمعرفتهم الحقيقة بلا زيف بل بموضوعية ودون تعصب.. وطالبت الوالدين بإتاحة مساحة من الوقت للأبناء ليتشاورا ويتحاورا معهم بالديمقراطية لأنهم الأقرب والأكثر صدقا بشرط عدم التسفيه من آرائهم أو أسئلتهم وحتي لا يأخذ الأبناء إجابة تساؤلاتهم من أي جاهل. حكومة الأسرة ما يتلقاه الأبناء من أخبار وأحداث يحتاج فورا إلي تشكيل حكومة أسرية مصغرة لمناقشة مجريات الأمور, وأن تجري انتخابات بين الأبناء والوالدين بديمقراطية.. هذا مقترح الدكتورة فاطمة الراجح, أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة, موضحة أن الأجواء المحيطة بالنشء تتطلب سرعة تحرك الوالدين لتشكيل جبهة دفاع لحماية الأبناء من أقاويل ومواقف لا يجدون لها تفسيرا حتي إنهم لا يفرقون بين النقد الهادف والمرسل من الكلمات.. ولا بين حدود الحرية وقدسيتها وخطأ التهوين من أعمال الكبار, ولنعلمهم أن لكل حكومة,( صغرت أو كبرت) مشكلات وصعابا ومهام ووقتها سينظرون إلي حكومتهم الكبري بالاحترام وتقدير المواقف وإعطاء كل ذي حق حقه.. وأن حرية الرأي لا تعني التجرد من الحدود التي يجب مراعاتها واحترامها.. وأوصت الأسرة بضرورة ممارسة الحياة السياسية في خروج أفراد الأسرة كاملة ممن يحملون بطاقة انتخابية للإدلاء بأصواتهم كخطوة لتصحيح المسار من أجل رقي الوطن بأكمله.