في البداية يجب أن أعتذر لكل من قد تصيبه بعض كلمات هذا المقال بأي إساءة ولكن هذه صورة من واقع ما نسميهم طبقة الكريمة في المجتمع وهم المعيدون بالجامعات.. نواة علماء مصر في المستقبل.. فالمعيد في جامعات مصر وأعتذر مرة أخري عبد لظروف كثيرة وأوضاع سيئة وإذا كان الفنان نجيب الريحاني في دور الأستاذ حمام في فيلم غزل البنات كان نموذجا للنحس وسوء الحظ فإن المعيد في جامعاتنا هو الأسوأ حظا والأكثر نحسا وتعاسة.. فالمعيد هو شاب حكم عليه زمانه بالتفوق العلمي طوال حياته وعليه أن يحافظ باستمرار علي المركز الأول بين زملائه ويصبح أمل ومطمع بنات الجيران فهو علي الأقل ضامن لفرصة عمل شكلها محترم فور تخرجه وهو الأمر الذي يتحقق نصفه الأول وهو فرصة العمل أما موضوع الاحترام فذلك هو الأمر المشكوك فيه!! وبصرف النظر عن المرتب المتواضع بل والمسرف في تواضعه الذي يتقاضاه أستاذ المستقبل باعتبار ما سيكون بإذن الله فإن هذه ليست هي المشكلة الأساسية.. ولكن المشكلة الأساسية هي أن هذا المعيد المحترم ابن الناس المتفوق طوال حياته والمرشح لأن يكون الأستاذ القادم بعد سنوات عليه أن يقضي سنوات من عمره أسيرا إلي درجة العبودية للأستاذ المشرف علي رسالته للماجستير وعلي هذا المعيد المحترم أن يضع نفسه24 ساعة لمدة سبعة أيام في الأسبوع طوال هذه السنوات في خدمة الأستاذ المشرف وخدمة الهانم حرم الأستاذ المشرف وخدمة الباشاوات العيال أبناء الأستاذ المشرف_... والخدمة هنا بمعني الخدمة فعلا, فالسيد المعيد عليه القيام بكل متطلبات الأستاذ وأسرته بدءا من شراء احتياجات المنزل من الخضار والفاكهة مرورا بتوصيل الباشا ابن الأستاذ للمدرسة والوقوف أمام الميكانيكي أثناء إصلاح سيارة الباشا الأستاذ وأخيرا بإجراء بحوث ودراسات يستولي عليها الأستاذ المشرف لينشرها تحت اسمه الكريم باعتبارها من عظيم إبداعاته!! وبعد سنوات الخدمة إذا ما انتهت علي خير برضا وعطف الأستاذ المشرف يحصل المعيد أو المعيدة علي درجة الماجستير لتبدأ القصة تتكرر من جديد.. فالسيد المعيد بعد حصوله علي الماجستير يصبح مدرسا مساعدا ولكنه واقع تحت سيطرة أستاذ مشرف آخر يتولي نفس المهمة وهي استعباد المدرس المساعد لسنوات أخري قد تكفي للحصول علي الدكتوراه إذا ما أثبت طاعته وخبرته في كسب عطف وشفقة الأستاذ لأن لحظة غضب واحدة كافية لأن تحكم علي المسكين بالحبس في قفص وظيفة إدارية ينتهي معها حلم الانضمام لهيئة التدريس الجامعية. طابور طويل من العبيد يضم المعيد والمدرس المساعد والمدرس والأستاذ المساعد عليه تقديم فروض الطاعة والولاء والعبودية للأستاذ الذي قد يكون إما مشرفا أو مقررا ومسئولا عن اللجنة العلمية المختصة بالترقية من مدرس إلي أستاذ مساعد ومن أستاذ مساعد إلي أستاذ وأقسم أنني شخصيا صادفت أستاذا مساعدا في كلية محترمة ظل سنوات يهتف مشجعا الفريق الكروي الذي يحظي بتشجيع الأستاذ مقرر اللجنة العلمية لترقيات الأساتذة المساعدين رغم أنه يشجع فريقا منافسا وكان علي هذا الأستاذ المساعد أن يغرد كل صباح إعجابا وانبهارا بالأستاذ المقرر علما وخلقا وشياكة وجمالا وأن طلعته البهية طلعة الأستاذ بالطاء وليس بالصاد- هي أبهي ما رأته عيناه حتي كاد الأستاذ المساعد أن يرفع شعار الفنان سعيد صالح في مسرحية مدرسة المشاغبينأنت اجدع من أبويا حتي يرضي عنه الأستاذ فينال الترقية للأستاذية!! والمؤكد أنه بعد سنوات من النفاق المتواصل وخدمة البيوت بيت الأستاذ المشرف وأقاربه وأصدقائه تكون النتيجة في99% من الأحوال أن نقدم لمجتمع الجامعة وللوطن العزيز مدرسا جامعيا مسحوقا بودرة يعني خبيرا بكل فنون النفاق جاهزا ومستعدا لمسح الجوخ والصوف بل والبيجامة الكستور المقلمة للأستاذ المشرف.. وفي معظم الأحوال عندما يتحرر هذا العبد بحصوله علي الأستاذية يبدأ في إعادة نفس القصة بنفس السيناريو مع تغيير واحد فقط وهو أنه يتحول من مفعول به إلي فاعل يقع تحت رحمته وسطوته كل من يشرف عليهم ويبدأ في استعادة تجاربه المريرة في السنوات السابقة حين كان معيدا ومدرسا مساعدا ومدرسا وأستاذا مساعدا ويستعيد كل سنوات العبودية مستفيدا من خبراته السابقة في استنزاف ذلك المسكين الواقع تحت إشرافه.. فالقانون في جامعاتنا لا يسمح إلا في حالات مستحيلة بخروج المعيد من تحت أسر وعبودية الأستاذ المشرف عليه ويتيح للمعيد بكل حرية حق الاختيار بين العبودية للأستاذ أو ضياع مستقبله تماما والقصص الحقيقية في هذا المجال لا تعد ولا تحصي عن الذي اضطر للزواج من كريمة الأستاذ المشرف بعد أن شاهد بعينيه ضياع مستقبل زميله لمجرد أنه طلب مهلة للتفكير في عرض الزواج وعن الأخر الذي اكتشف أستاذه جريمته العظمي وهي أنه يشجع النادي الأهلي رغم علمه أن أستاذه يشجع فريق الزمالك فكان الضياع خير جزاء له ولم يشفع للمسكين أنه ظل سنوات طويلة نفاقا للأستاذ يرقص مع كل فوز للزمالك.. باختصار فإن واقع المعيد في الجامعات المصرية يرزخ تحت تقاليد لا تمت بصلة للجامعات والكشف عنها ومواجهتها ضرورة وإلا فإن كل حديث عن الإصلاح هو مجرد أحلام وأوهام لن تتحقق. [email protected]