لم تكتف إسرائيل بعرقلة المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين بسبب إصرارها علي مواصلة بناء المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة, وإنما حولت المفاوضات إلي مناسبة لاقتناص المكاسب السياسية والعسكرية من أمريكا. وتمرير إجراءات وقوانين إسرائيلية مرفوضة فلسطينيا وعربيا, من أبرزها تعديل قانون الجنسية, ليتضمن أداء قسم الولاء للدولة اليهودية. وتبرر المصادر الإسرائيلية مثل هذه الإجراءات بأنها تستهدف إقناع حزب إسرائيل بيتنا الذي يتزعمه أفيجدور ليبرمان, وزير خارجية إسرائيل, بالموافقة علي تمديد تجميد الاستيطان لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر أخري, ذلك أن ليبرمان يرفض تمديد تجميد بناء المستوطنات, بل إنه يجاهر بعدم اقتناعه بالمفاوضات وجدواها في الوقت الحاضر, ويري أنها لن تحقق أي نتائج إيجابية. غير أن تأمل الموقف الإسرائيلي يشير إلي أن أسلوب المراوغة واقتناص المكاسب هو الهدف الأهم بالنسبة لبنيامين نيتانياهو وأقطاب حكومته, وليس أدل علي ذلك من أن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية كشفت عن أن نيتانياهو طالب الرئيس أوباما بأن يعلن مجددا التزامه بالضمانات التي أعطاها سلفه بوش الابن لرئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون, والتي تعهد فيها بأن تدعم واشنطن فكرة ضم الكتل الاستيطانية الكبري إلي إسرائيل في إطار أي تسوية لترسيم حدود الدولة الفلسطينية. وهكذا أخرجت إسرائيل المفاوضات المباشرة من مسارها, ودفعتها إلي النفق المظلم للمستوطنات, حتي تثير القلق الدولي والإقليمي حول مصير السلام في المنطقة, وتستغل هذا القلق للحصول علي مكاسب وتمرير إجراءات وقوانين داخلية. ويبقي السؤال: هل تستهدف إسرائيل تحقيق السلام مع الفلسطينيين حقا؟.. أم أن المشكلة الإيرانية هي أبرز ما يعنيها ويهمها علي حد قول ليبرمان وزير خارجيتها, في كلمة إسرائيل التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة