إعلان أمريكا عن إجراء مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدون أي شروط مسبقة, في مطلع الشهر المقبل, ينطوي علي دلالات وملاحظات مهمة من أبرزها: أن هذا الإعلان يتفق تمام الاتفاق مع السياسة الإسرائيلية التي ينتهجها بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وأعضاء حكومته التي تمثل قوي التطرف الديني والقومي, وهي سياسة تستهدف في المقام الأول تحقيق ما يسمي السلام وفقا للشروط الإسرائيلية. وقد يكفي للدلالة علي ذلك أن إسرائيل ترفض وقف الاسيتطان في الضفة الغربيةالمحتلة, وتواصل دون هوادة مخطط تهويد القدسالشرقية. كماأن شروط إسرائيل المعلنة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة, في إطار حل الدولتين, ترمي في التحليل النهائي إلي تجريد هذه الدولة من أي مقومات تكفل لها الاستمرار, كما تسلبها من إمكانات الوجود الفعلي, وتعرقلف ممارستها لسيادتها, ذلك أن إسرائيل تصر علي نزع سلاح الدولة الفلسطينية في حالة إقامتها, وتطالب باعتراف الفلسطينيين بما يسمي يهودية دولة إسرائيل, وهو ما يعني استبعاد عودة اللاجئين الفلسطينيين, واحتمال طرد عرب48. ينم الإعلان الأمريكي بشأن المفاوضات المباشرة إلي أن أمريكا امتثلت للموقف الإسرائيلي الذي كان يصر علي رفض أي شروط فلسطينية مسبقة. وهي لم تكن شروط فلسطينية, وإنما كانت في حقيقة الأمر ضمانات مشروعة وعادلة تسهم في تحقيق نجاح المفاوضات, ومما يؤكد ذلك أن الفلسطينيين كانوا يطالبون بمرجعية للمفاوضات, ومازالوا يؤكدون عدم استئناف إسرائيل بناء المستوطنات في الضفة ووقف تهويد القدسالشرقية, لذلك فإن الفلسطينيين أعلنوا أنه إذا ما قررت إسرائيل استئناف البناء الاستيطاني في الضفة, فلن تكون هناك مفاوضات بالنسبة لنا. تشير الدلائل إلي أن الفلسطينيين تعرضوا لضغوط أمريكية, مما اضطرهم للموافقة علي المفاوضات المباشرة, علي نحو ما أعلنت واشنطن. وأيا ما يكن الأمر فإن هذه المفاوضات قد لا تحقق أهدافها إذا لم تتخذ أمريكا موقفا واضحا ومحايدا, ولا يكشف عن أي تواطؤ مع الموقف الإسرائيلي. إن الأمر جاد وخطير, ومنطقة الشرق الأوسط الملتهبة بالأحداث والأزمات, قد لا تتحمل احتمالات صدمة تعثر أو فشل المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.