تشكو زوجات كثيرات من حالة الخرس الزوجى التى تنتاب علاقتها الزوجية بعد مرور سنوات طويلة على الزواج وتتساءل كل واحدة منهن بينها وبين نفسها. لماذا لايتحدث معي زوجي مثلما يتحدث مع أصدقائه؟ تري فيم يفكر وهو جالس؟ لماذا لم ينتبه إلي قصة شعري الجديدة؟ لماذا يفضل القراءة أو مشاهدة التليفزيون أو الجلوس أمام الكمبيوتر علي الحديث معي ولا يتبادل معي الحوار, علي الرغم من محاولاتي المتعددة لفتح موضوعات مختلفة معه حتي أشعر في النهاية انني رغاية, ومع ذلك فهو صامت لا يرد؟ وفي أفضل الأحوال يهز لي رأسه, وعلي شفتيه ابتسامة باهتة, وهو شارد الذهن, يفكر في أشياء كثيرة.. آه لو أعرفها, فهل أصبحت مملة إلي هذه الدرجة؟ عن هذه المشكلة وعن الأحاسيس والمشاعر التي تشعر بها المرأة تجاه زوجها والتي تبني تراكماتها جدارا بينهما, يحدثنا الدكتور عبدالهادي مصباح استشاري المناعة والتحاليل الطبيةوزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة قائلا: هناك اختلافات بيولوجية بين الرجل والمرأة, ينبغي أن يفهمها كل منهما لكي يقتربا من بعضهما البعض بالقدر المناسب, مع الاحتفاظ بمساحة معقولة من البعد, الذي يمكن أن نطلق عليه البعد الحميمي لأنه يزيد من شوق كل منهما للآخر, وينشط الحب والعلاقة الحميمة بينهما, لأننا ربما نري الشريك الآخر أكثر وضوحا إذا إبتعدنا عنه بدرجة معقولة.. والمعروف أن هناك إختلافات بيولوجية بين الرجال والنساء تم اكتشافها خلال السنوات العشر الأخيرة, وربما تساعدنا معرفتها علي الإجابة عن بعض الأسئلة السابقة التي ينبغي أن تفهمها وتعيها أيضا بعض النساء المتحمسات للمساواة بين الرجل والمرأة, فالرجل لايمكن أن يتساوي مع المرأة لأنهما ليسا متطابقين ولكنهما متكاملان, فقد خلق الله أحدهما بصفات وخلق الآخر بصفات أخري مختلفة لتكملها.. ويوضح د. عبدالهادي مصباح أن هذا أظهره تصوير المخ من خلال الفحص المقطعي باستخدام البوزيترونPET الذي يستطيع أن يصور الأجزاء المختلفة من المخ وهي تعمل.. ومن خلال هذه التقنية, نستطيع أن نكتشف خداع الرجل لزوجته أو العكس أثناء التصوير, عندما يقول لها إني أحبك وذلك من خلال قياس مدي النشاط الذي يسري في مركز العاطفة في المخ( والموجود في منطقة تسمي تلافيف المخ). والحقيقة أن هذا الفحص قد مكن العلماء من اكتشاف فروق كثيرة بين كل من الرجل والمرأة, فمنذ بداية تكوين كل منهما, يبدأ ظهور هذه الاختلافات التي تنمو مع مرور الزمن فالرجل علي سبيل المثال يفرز كمية أقل من هرمون الحب الأساسي الأوكسيتوسين, الذي تفرزه الغدة النخامية, ويزيد من علاقة الارتباط والحميمية بين الزوجين, كذلك يفرز الرجال كمية أقل من مادة السيروتونين التي يساعد توازنها في المخ علي عدم حدوث الإكتئاب.. كما يظهر فحصPET أن المرأة تصبح أكثر هدوء أو راحة نفسية خلال الحوارات والكلام, وربما الثرثرة في حين نجد أن الرجل عكس ذلك تماما, فهو يسترخي إذا شاهد مباراة للكرة, أو فيلما من أفلام الإثارة أو الأكشن لأنها عناصر تخرجه مما هو فيه من تفكير وهموم. ومن خلال دراسة مخ الرجال يتبين أنهم في الغالب لايهتمون بالتفاصيل الدقيقة داخل البيت, ولكنهم يهتمون بها في أعمالهم, ولذلك نجد أن الرجال أقل ميلا لممارسة الأعمال المنزلية ولا تستهويهم أصلا, بينما نجد الزوجة يمكن أن تقوم بها بسهولة وسعادة أيضا, وذلك حسب ما جاء في الأبحاث التي قام بها مايكل جوريان العالم النفسي الذي ظل لسنوات طويلة يدرس الفرق بين مخ الذكور والإناث من خلال تصويرهم بالفحص المقطعي, ولأن الرجال يفرزون هرمونات التستوستيرون الذكرية, وكذلك الفازوبريسين بكميات أكبر من إفرازها عند الإناث, لذلك يكونون أكثر تحفزا ورغبة في إثبات الذات, وأكثر محاولة للقتال من أجل الترقي في السلم الوظيفي, علي الرغم من أن هناك نساء نابهات لديهن نفس الحافز والرغبة الشديدة في التفوق في مجال عملهن وإثبات ذاتهن.. والحقيقة أن كلمات الحب بين الزوجين حتي لو كانت في بدايتها غير حقيقية أو من وراء القلب إلا أنها مع التكرار تستطيع أن تنبه إفراز إندورفينات, وكذلك تنبه إفراز هرمون الأوكسيتوستين من خلال لمسة حانية أو قبلة تحفز الكثير من الشحنات العاطفية بين كل من الزوجين, مما يزيد الحب بينهما وينميه كما ذكر الحديث الشريف إذا أحب أحدكم أخاه فليقل له إني أحبك, فذلك يزيد الحب بينهما فالمطلوب أن يبحث كل من الزوجين عما ينقصه هو لكي يكمله بدلا من أن يشغل ذهنه بما ينقص الشريك الآخر. وفي النهاية لاتحاولي أن تعرضي زوجك للفحص المقطعي لكي تكتشفي كذبه, فلقد ستره الله, فلا تفضحيه بالتكنولوجيا!