مع بدء العام الدراسي الجديد.. سؤال برلماني حول تحقيق الانضباط في المدارس    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من «التايمز البريطانية» لبحث تصنيفات الجامعات (التفاصيل)    تداول 11 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    التشكيل المتوقع لقمة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة ضد فياريال في الدوري الإسباني.. الموعد والمعلق    حسين الشحات: راهنوا على فشلنا وواجهنا ظروفا غير طبيعية    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين ب«صحراوي المنيا»    محافظ الوادي الجديد: انطلاق العام الدراسي الجديد في 502 مدرسة    محافظ المنوفية يستقبل رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية    مشروع صبا.. بدء حجز الشقق في 6 أكتوبر- ننشر كراسة الشروط    الجزايرلي: صادرات الصناعات الغذائية لا تعبر عن إمكانيات وطموحات القطاع    إصدار شهادات تجديد سريان تصاريح وتراخيص توزيع وبيع الطاقة الكهربائية لبعض الشركات    حزب الله يعلن استشهاد أحد عناصره في مواجهات مع إسرائيل    ملفات بيبى    "الاحتلال الإسرائيلي" يعتقل 10 فلسطينيين من الضفة الغربية    إعلام إسرائيلي: تضرر 12 منزلا واحتراق 3 سيارات إثر سقوط صاروخ شمالي حيفا    نكشف زيف ادعاءات شيخ التيجانية المزعوم د. شوقى علام فى تصريحات خاصة لروزاليوسف يكذب ادعاءات التيجانى    محافظ الشرقية يفتتح مدرسة ثانوية بمنيا القمح (صور)    محافظ بني سويف يوجه بالاهتمام بطابور الصباح والنشيد الوطني في المدارس -صور    بيلينجهام يسب حكم لقاء ريال مدريد وإسبانيول    أخبار الأهلي: قرار جديد في الأهلي بشأن علي معلول قبل مواجهة الزمالك    مفاجأة بشأن مصير «جوميز» مع الزمالك بعد السوبر الإفريقي    رؤساء التحرير يواجهون وزير التعليم بكل ما يشغل الرأى العام: محمد عبداللطيف: التعليم قضية وطن    كيما للصناعات الكيماوية ترد: هل لوثت مخلفاتها مياه الشرب بأسوان؟    بالبالونات والشيكولاتة، مدرسة ابتدائية بالغربية تستقبل التلاميذ في أول أيام العام الدراسي (بث مباشر)    سقوط ديلر بحوزته كوكايين ب10 ملايين جنيه بالقاهرة    ضبط مالك مصنع يقوم بتصنيع الأدوية والعقاقير المجهولة في الشرقية    تغيب مجدي شطة عن جلسة محاكمته بالاتجار والتعاطي في مواد مخدرة    فيلم كوري يتضامن مع فلسطين بعبارة "إسرائيل شر مطلق"    بعد تقليدها له في مشهد من "عمر وسلمى".. تامر حسني يمازح ابنته: "كنتي اعملي الدقن بالمرة"    دبابات الاحتلال المتمركزة غرب رفح الفلسطينية تطلق النيران صوب منطقة المواصي    في ذكرى وفاة هشام سليم.. بدأ الفن وعمره 14 عاما وأصبح أبرز النجوم    الليلة.. حفل غنائي لمجد القاسم على هامش مهرجان الغردقة السينمائي    متصلة تشتكي: ابني طلب يحط إيده على منطقة حساسة.. وداعية ينصح    وزير الإسكان: مصر جاهزة لتصدير الخبرات في منظومة التشييد والبناء    الأكثر عدوى.. الصحة العالمية توضح كيفية الوقاية من متحور فيروس كورونا الجديد إكس إي سي؟‬    مكون سحري في مطبخك لعلاج الإمساك بسهولة    بعد إنقاذهم حياة سيدة تعرضت لعدة طعنات.. رئيس جامعة قناة السويس يُوجه الشكر للأطقم الطبية بالمستشفى    انتظام الطلاب بالمدارس اليابانية بالعام الدارسي الجديد - صور    جامعة قناة السويس تشارك فى منتدى بكين الثقافي بالصين    مليون جنيه في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    محافظ بورسعيد يحيل 10 مدرسين ومدير للنيابة الإدارية    الاحتلال يوسع دائرة الصراع والتصعيد العسكري بالشرق الأوسط.. مجازر مستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة    مصرع وإصابة 47 شخصا إثر وقوع انفجار في منجم للفحم شرقي إيران    الصناعة: السبت المقبل اجتماع مع مستثمري محافظة قنا ضمن اللقاءات الدورية مع أصحاب المصانع    لترشيد الكهرباء.. تحرير 148 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    ارتفاع حصيلة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ببيروت إلى 45 شهيدا    موعد مباراة العين الإماراتي وأوكلاند سيتي في افتتاح بطولة كأس القارات للأندية 2024    ب«التكاتك والموتوسيكلات».. توافد طلاب البحيرة على المدارس في أول أيام العام الدراسي الجديد    بمختلف المحافظات.. رفع 54 سيارة ودراجة نارية متهالكة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    الشيخ أحمد ترك لسارقي الكهرباء: «خصيمكم 105 ملايين يوم القيامة» (فيديو)    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    والد أشرف داري يكشف موقفه من مباراة الزمالك في السوبر الإفريقي    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤالان من أجل المستقبل

حركت الأزمة التي ربما تبقي طارئة‏,‏ بين لبنان والولايات المتحدة الأمريكية التي تفجرت أثر اعلان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي هوارد بيرمان تعليق المساعدات الأمريكية المقررة للجيش اللبناني. أشجانا كثيرة وأعادت الي الأذهان الخبرة التاريخية شديدة السلبية للعرب مع الولايات المتحدة‏,‏ عندما يتعلق الأمر بالتوازن العسكري بين العرب وإسرائيل علي الأخص استخدام العرب أسلحة حصلوا عليها من الولايات المتحدة في القتال ضد إسرائيل أو حتي التصدي لاعتداءات إسرائيلية علي نحو ما حدث مؤخرا بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية بالقرب من قرية العديسة علي الحدود الجنوبية اللبنانية‏.‏
فقرار تعليق التسليح الأمريكي للجيش اللبناني لأنه وقع في خطيئة التصدي لاعتداء إسرائيلي فرضت الكثير من الاسئلة حول علاقات التسلح الأمريكية للدول والجيوش العربية الأخري كان أبرزها السؤال المحوري الذي يقول‏:‏ هل الاعتراض الأمريكي علي ما اعتبر خطيئة اقترفها الجيش اللبناني هو اعتراض خاص بلبنان وحده دون غيره من الدول العربية التي تحصل علي اسلحة من الولايات المتحدة أم أن التسليح الأمريكي لجيوش عربية يجئ عادة بشروط وضوابط كثيرة علي نحو ما أثير بخصوص لبنان سواء ما يتعلق بعدم استخدام هذه الأسلحة ضد إسرائيل‏,‏ وموقف الجيوش من الإحداث والتطورات التي تحدث أو التي يمكن أن تحدث في داخل الدول التي تحصل علي هذه الأسلحة‏.‏
هذا السؤال فرض نفسه في ظل ما أثير من معلومات نشرتها صحيفة فاينشيال تايمز البريطانية الصادرة في لندن يوم‏16‏ اغسطس الجاري بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان من أن الموقف التركي حيال كل من إسرائيل وإيران يمكن أن يقلص فرص انقرة في الحصول علي أسلحة أمريكية‏,‏ ونقلت الصحيفة عن مسئول أمريكي بارز أن الرئيس أوباما قال لاردوغان ان بعض المواقف التي اتخذتها تركيا أثارت اسئلة ستتم مناقشتها في الكونجرس‏,‏ وان هذه الأسئلة تتعلق ب ما اذا كان بامكاننا أن نثق بتركيا كحليف‏.‏
وعلي الرغم من نفي المتحدث باسم البيت الابيض لهذه المعلومات فإنها اكتسبت قدرا من المعقولية والمنطقية خصوصا في ظل ما يجري تمريره من معلومات تقول ان واشنطن لا تسلح الجيوش وتدربها انطلاقا من اعتبارات اخلاقية أو حتي مجرد مكاسب مادية‏,‏ وان هذا كله يتم ضمن صفقات موسعة وشروط سياسية ادمنتها واشنطن ومنذ عقود طويلة مع العرب وبالذات منذ السنوات الأولي لثورة‏23‏ يوليو في مصرعندما رفضت الولايات المتحدة طلبا مصريا بالحصول علي أسلحة أمريكية للجيش المصري كي يتمكن من الرد علي اعتداءات إسرائيلية علي قطاع غزة الذي كان تحت الادارة المصرية منذ نكبة فلسطين عام‏1948,‏ وفي ذلك الوقت لم تعرض واشنطن علي مصر غير أسلحة لا تصلح إلا لقوات الأمن الداخلية ما دفع مصر بعدها نحو سياسة كثر احتكار السلاح وتوقيع أول اتفاقية لتسليح الجيش المصري مع الاتحاد السوفيتي لكن الخبرة المريرة الأهم كانت بين مصر وادارة الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون التي انهت تماما سياسة الحوار التي كانت قد بدأتها إدارة الرئيس جون كيندي فالرسالة التي بعث بها جونسون الي الرئيس جمال عبدالناصر بتاريخ‏18‏ مارس‏1965‏ وما تضمنته من تهديدات مباشرة لمصر وإعلان لعزم أمريكي علي تسليح إسرائيل‏,‏ ثم ما كشف عن لقاء فيليبس ثالبوت مبعوث جونسون في لقائه مع الرئيس عبدالناصر يوم‏18‏ ابريل‏1965‏ من نوايا عدوانية ضد مصر كانت كافية لتأسيس قناعات ورؤي استراتيجية عربية حاسمة لقضايا التسلح والعلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة مفادها أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسلح جيشا عربيا كي يقاتل اسرائيل وأنها لن تسمح بأي اختلال في موازين القوي العسكرية بين العرب وإسرائيل لصالح العرب وان العرب عليهم البحث عن وسائل أخري بديلة للتسلح والتفوق العسكري بعيدا عن الولايات المتحدة إذا هم أرادوا التفوق عسكريا علي إسرائيل‏.‏
لقاء ثالبوت مع الرئيس عبدالناصر تجاوز كل الحدود وامتد الي رفض تأسيس القيادة العربية المشتركة‏,‏ ورفض سياسة التصنيع العسكري المصري خاصة صناعة الصواريخ ورفض البرنامج النووي المصري برغم بدائيته وامتد الي رفض الدور المصري في دعم الثورة اليمنية ودعم حركات التحرر في العالم‏,‏ ووصل الي حد التلويح بحظر توريد المواد الغذائية وخاصة القمح الي مصر‏.‏
معركة السلاح والخبز كانت واضحة وصريحة منذ تلك الفترة المبكرة‏,‏ شروط سياسية للتسليح وشروط سياسية للغذاء وخطط لخلق تبعية عسكرية واخري غذائية من خلال برامج التسليح وبرامج المساعدات الغذائية‏.‏
أشجان الماضي هذه تضاعفت في ظل حزمة من التطورات ذات الدلالات المهمة بالنسبة للقضية ذاتها قضية أمريكا وأسلحة العرب تزامنت مع تفجير قضية التسليح الأمريكي للجيش اللبناني نذكر منها ثلاثة تطورات بارزة أولها رضوخ الولايات المتحدة لكل الشروط الإسرائيلية الخاصة ببيع المملكة العربية السعودية صفقة اسلحة طائرات من طراز أف‏-15‏ عددها‏84‏ طائرة قيمتها‏30‏ مليار دولار وبالذات شرط نزع اجهزة التفوق في هذه الطائرات وهي الاجهزة نفسها التي لم تنزع من الطائرات التي تسلمتها اسرائيل من هذا الطراز في الوقت الذي عقدت فيه واشنطن صفقة أخري مع إسرائيل تتضمن بيع اسرائيل‏20‏ طائرة طراز أف 35‏ قيمتها‏2.7‏ مليار دولار فقط تسدد من المعونة الأمريكية لإسرائيل وهي طائرات لم تحصل عليها أي دولة حتي الآن وهي الأكثر تطورا في العالم والقادرة علي التحليق لمسافات طويلة جدا والتهرب من الرادارات بحيث يصعب رصدها اعترضها بواسطة دفاعات جوية علي الارض‏,‏ هذه الطائرة وصفها ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي بانها هي الطائرة المقاتلة المستقبلية التي تمكن إسرائيل من الاستمرار في المحافظة علي التفوق الجوي والتكنولوجي في منطقتنا وهذه الطائرة ستوفر لسلاح الجو قدرات أفضل في الدوائر القريبة والبعيدة‏(‏ أي الدول القريبة والبعيدة‏)‏ بشكل يساعد علي تحصين أمن الدولة‏.‏
أما التطور الثاني المهم فهو دخول إيران علي خط أزمة تسليح الجيش اللبناني بابداء رغبتها في أن تقوم بتسليح جيش لبنان عوضا عن التسليح الأمريكي هذه الرغبة الايرانية التي استهجنتها امريكا وكانت حافزا لقيام الادارة الأمريكية بمراجعة موقف مجلس النواب الأمريكي لها مغزاها المهم من منظور نجاح إيران المقاطعة عسكريا من الغرب وخاصة من الولايات المتحدة أن تفرض نفسها كقوة اقليمية قادرة علي تسليح نفسها وان تتفوق في انتاج الاسلحة القادرة علي حماية أمنها الوطني وخدمة أهدافها ومصالحها الاقليمية في وقت يقف فيه العرب اسري تبعيتهم العسكرية للولايات المتحدة وشروطها السياسية يجئ التطور الثالث الخاص بمشاركة قوات أمريكية لقوات اسرائيلية في مناورات تدريبية علي خيار الترانسفير أي طرد السكان واخلاء مناطق فلسطينية من سكانها بكل ما يعنيه من نوايا التوسع الاسرائيلي علي حساب الشعب الفلسطيني ليفاقم من التجاوزات الأمريكية بحق العرب في وقت تضغط فيه الادارة لفرض مفاوضات مباشرة علي السلطة الفلسطينية مع إسرائيل لا تلتزم بشروط سياسية مسبقة ولا بأفق زمني‏.‏
هذه التطورات الثلاثة تفرض اعتمادا علي الخبرة التاريخية وأشجانها‏,‏ سؤالين مهمين لهما علاقة مباشرة بالمستقبل‏,‏ السؤال الأول‏:‏ الي أي حد يمكن القول ان اعتماد العرب المفرط علي التسليح الأمريكي كان مصدرا لقوتهم مقارنة بخبرتين‏:‏ الخبرة الإسرائيلية والخبرة الايرانية في علاقة التعاون العسكري مع الولايات المتحدة‏,‏ أما السؤال الثاني‏:‏ هل يمكن اجراء تعديل مهم في أنماط العلاقات الأمريكية مع العرب وإسرائيل في ظل الاعتماد العربي شبه الكامل علي التسليح الأمريكي وشروطه السياسية المعلن فيها وغير المعلن؟
سؤال مهمان أحس أنهما في حاجة الي مراجعة وتدبر عربيين أملا في تأمين المستقبل‏.‏
المزيد من مقالات د‏.‏ محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.