كان العنوان الذي نشر في صدر صحيفة الأخبار لحفيد الكاتب الكبير توفيق الحكيم مؤثرا جدا.. فالحفيد يدافع عن جده ولا يريد الصاق تهم البخل والعداوة للمرأة به. لقد كان الاستاذ توفيق الحكيم معروفا بخفة دمه وقفشاته.. وكان يثير جدلا واسعا بمقالاته في الأهرام ونحن نقول لحفيد الكاتب الكبير توفيق الحكيم.. فعلا لم يكن عدوا للمرأة ولكنه كان نصيرا شديد التحيز لمكانتها في المجتمع فهو القائل إن عقل المرأة اذا ذبل ومات فقد ذبل معه عقل الأمة كلها ومات. وكان يري أن المرأة هي روح الفن وأن الالهام الفني هو نفسه قد خلق علي صورة امرأة. كان الاستاذ يري أن مهمة الكاتب هي دفع القارئ علي التفكير معه. وقد اشتهر الحكيم براهب الفكر وأخذ عنه فيلم بطولة صباح وعماد حمدي.. ثم اشتهر بعدو المرأة.. ثم فاقت شهرة عصاه شهرة عصا شاري شابلن.. ثم جاء حمار الحكيم الذي انتقده الحكيم أمام عصاه التي لم تتركه بينما تركه حماره وحيدا في ميدان السياسة فلم يعد في مقدوره تمييزه من بين السياسيين. كانت خفة ظل وقفشات الحكيم هي التي تدفعه إلي إثاره هذه الالقاب أو إذا اقترحها احد فإنه يصر عليها ويعتمدها اداة في خدمة الكتابة التي يهواها. وكلنا نعرف ما لا يعرفه الحفيد.. انه في تلك الحقبة التي كان رجال الفكر هم نجومها كانت بعض النساء والفتيات اللاتي يحلمن بالشهرة يسعين إلي هؤلاء الكتاب المشاهير لمجرد أن يكتسبوا شهرة من معرفتهن بهم. أيضا إن صفة البخل التي دافع عنها الحكيم نفسه برغم انه لم يكن بخيلا.. انما كانت بحجة أو سبب لكي لا يجلس الزوار كثيرا مما يضيع الوقت. وقد حظيت السينما ببعض اعمال الحكيم ك رصاصة في القلب و يوميات نائب في الارياف و الايدي الناعمة والخروج من الجنة. والعش الهادئ وآخرها كان فيلم حكاية وراء كل باب اخراج سعيد مرزوق عام1979.. حكاية أريد أن أقتل النائبة المحترمة اريد هذا الرجل بطولة فاتن حمامة أما أشهر النساء اللاتي كان الحكيم يضع افكاره ورؤاه علي كاهلهن فهن شهر زاد وكيف دفعت شهريار من شهوة القتل إلي اشتهاء التفكير والبحث عن الحقيقة.. ومسرحية ايزيس لقد كان برج الأهرام في الطابق السادس من مبني جريدة الأهرام يزخر بعباقرة مصر من الأدباء.. توفيق الحكيم ونجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس وثروت اباظة ويوسف ادريس. وكان الاستاذ توفيق الحكيم امهرهم في خفة الظل.. كانت تأتيه كتب مهداة وكان يتصفحها ويضعها في مكان ظاهر علي مكتبه.. فإذا أخذ ضيوفه كتابا منها فهذا يعني أن صاحبه موهوب.. وإذا ظل الكتاب علي مكتبه اكثر من أسبوع فعلي مؤلفه البحث عن مهنة أخري. لقد رحل كاتبنا الكبير يوم27 يوليو عام1987.. لكنه ترك لنا ثروة من الأعمال الأدبية والمسرحية والمقالات.. ومع كل هذا ترك لنا صورا من التشبيهات التي يدفع بها الكاتب قراءه لمزيد من القراءة.. وايضا استعمال هذه التشبيهات في أعمال أدبية غير مباشرة.. وكان هذا هو ذكاء الكاتب عندما يتحايل علي الظروف السياسية ليقول مايريده. ولم يكن الحكيم بخيلا.. ولا عدوا للمرأة ولم تكن عصاه وحماره إلا أداتين ليقول بهما مالايستطيع قوله مباشرة.