هذا الاسبوع شاهدت لك عرضا لفرقة بكين للرقص وذلك علي مسرح دار الأوبرا المصرية ربما في نهاية أو قرب نهاية الموسم الحالي. العرض لعله أغرب عرض للباليه والرقص أشاهده إذ يلعب فيه فن البانتوميم دورا أساسيا. وفن البانتوميم هو فن التمثيل الصامت أو التعبير الصامت وكان هذا التعبير من خلال عرض هذه الفرقة شيئا مميزا للغاية. أحيانا في عروض الغناء الأوبرالي يحتاج المتلقي المتفرج الي ترجمة توضع علي جانبي المسرح تقدم مايحويه المشهد من حوار وخلافه باعتبار هذا الغناء سواء باللغة الايطالية أو الفرنسية ليس من السهل علي المتفرج متابعته خاصة في الغناء الأوبرالي. هنا لم يكن المتفرج في حاجة الي أي ترجمة لتتابع أحداث هذا النص الذي يحمل اسم أو عنوان حلم المقصورة الحمراء وباعتبار النص هو ذلك الحلم فهنا نجد الحب بين الفنان البسيط والشاب من النبلاء أو الاقطاعيين أو ماشابه. المهم أنه ليس هناك ذلك التكافؤ بين الشاب ومن يحبها وحينما يتم اختيار شابة له تغطي وجهها ولكن عندما يرفع هذا الغطاء لا يجد من يحبها ليبتعد عنها وفي النهاية عن كل النساء ليقرر أن يتحول إلي راهب. الراقصون والراقصات يتمتعون بلياقه ليس من السهل أن تشاهدها في الكثير من الفرق.. لياقة ربما يمكن ان نطلق عليها غير عادية. حركات بالغة الصعوبة. وأيضا النعومة في الوقت نفسه الحركات الراقصة هنا الي جانب التعبير بالجسد هنا أيضا التعبير بملامح الوجه التي كما لو كانت تتحدث بالفعل.. كما لو كانت تقول أو تقرأ لك النص بالكامل. تعبير بالغ القوة والتأثير مابين الحب والعشق والحيرة والحقد والغضب وأيضا الاضطهاد كل هذا من خلال حركات الجسم وتعبير الوجه في صورة بالغة التميز. خلف هذا العرض الصيني الجميل كانت الديكورات شديدة الفخامة التي تتغير باسلوب بسيط وسريع من خلال أكثر من شاشة صينية أيضا تغلق وتنفتح علي ديكور جديد لكل مشهد.. ديكورات ضخمة توحي للمتفرج أنه داخل الصين وليس الصين حاليا ولكن الصين قديما في عصر الأباطرة والأغنياء. وبالطبع مادام الباليه صينيا فكانت الملابس تحمل هذه الألوان الزاهية الواضحة مع تلك الرسومات الجميلة وبالطبع النسيج الذي اشتهرت به الصين منذ تاريخها الطويل. ربما مايميز هذه الفرقة أيضا عن معظم ماشاهدناه من عروض الباليه سواء في مصر أو في الخارج هو هذه الرشاقة المبالغ فيها.. الأجسام هنا بالنسبة للراقصات شديدة النحافة. رشاقة مع قوة تمكن الراقصة من أداء مشاهد تحتاج الي عضلات بالغة القوة بينما لا أثر لهذه العضلات مطلقا علي جسم الراقصة. بالفعل أكثر الراقصات جمالا ورشاقة هن راقصات هذه الفرقة. ما استطاعت الفرقة من خلال التعبير الصامت ان تقدمه هو ذلك النص لواحد من كبار كتاب الصين واسمه تساوتشين الذي استغرق في كتابته عشر سنوات عن أربع روايات كلاسيكية صينية احتلت مكانا في الأدب الصيني. ولهذا فتسريحات الشعر تتناسب مع الفترة الزمنية القديمة وبالمثل الملابس والاكسسوارات بالغة الثراء وهذا بالنسبة للراقصين والراقصات. بهذا العرض أعتقد أن دار الأوبرا المصرية قد قدمت خلال هذا الموسم بالذات عددا كبيرا من فنون العالم حولنا من خلال الباليه والأوبرا أو أيضا الموسيقي ليستشعر المواطن أنه قد تجول في مسارح أوروبا وأمريكا وأيضا آسيا بل وافريقيا أيضا. وكانت تحية الصين للمتفرج بعد نهاية العرض جديدة تماما حركات الأيدي بعد التصفيق وإيحاءات الراقصين والراقصات ثم في النهاية هذه الابتسامة مع تقديم سلام للمتفرجين الذين بادلوهم السلام بالأيدي بعد التصفيق. تحية للدكتور عبد المنعم كامل وللعاملين بدار الأوبرا وتحية لمجهود نشهد به لإثراء الحياة الفنية في مصر.