جمهورية سلوفاكيا هي إحدي الدول الأوروبية الحبيسة, أي التي ليس لها أي سواحل بحرية, ولكنها تتمتع بموقع استراتيجي بوسط القارة الأوروبية. ويبلغ عدد سكانها نحو أكثر من5 ملايبن نسمة. وبعد ثورة المخمل ونهاية النظام الشيوعي انفصلت جمهورية التشيك الحالية عن سلوفاكيا بطريقة سلمية وقررت الحكومتان إنشاء دولتين مستقلتين, وقد أعلنت جمهورية سلوفاكيا استقلالها في عام1993 وانضمت الي الاتحاد الأوروبي في عام2004. بمناسبة الزيارة الأولي لوزير خارجية سلوفاكيا السيد ميروسلاف لاينشاك لمصر كان لالأهرام حوار خاص حول هذه الزيارة وما تحمله لدعم العلاقات المصرية السلوفاكية. * قررت مصر رفع مستوي تمثيلها الدبلوماسي في سلوفاكيا بتعيين أول سفير مصري مقيم في سبتمبر2007.. فما تقديرك للتطور الذي شهدته العلاقات الثنائية بين مصر وسلوفاكيا بعد عامين من هذه النقلة النوعية؟ { نحن سعداء لمستوي التمثيل المصري في العاصمة السلوفاكية براتسلافا, الذي بدأ منذ ثلاث سنوات, فالعلاقات السلوفاكية المصرية جيدة جدا, حيث تربطنا اتصالات منتظمة ولا توجد أية قضايا معلقة, فقد أرسلت مصر دبلوماسيا هو د. حسن الليثي, سفير مصر في سلوفاكيا, وهو علي درجة من القدرة والنشاط والمعرفة, كما أن التطور الكبير بدأ يحصد ثماره في أسرع وقت وانعكس علي حجم الزيارات المتبادلة بين البلدين, كذلك في التعاون والمعلومات والتنسيق والتجارة والاقتصاد والرياضة والسياحة ومن ثم فإن العلاقة نشيطة ومتسعة ومثمرة مع القاهرة. * نعلم أن هذه أول زيارة تقوم بها الي منطقة الشرق الأوسط منذ تعيين سيادتك وزيرا للخارجية, فما سبب اختياركم القاهرة لتكون المحطة الأولي بالمنطقة, وما هي أهم ملامح الأجندة التي تحملها في هذه الزيارة؟ { منذ أن أصبحت وزيرا للخارجية فقد تطلعت للقيام بزيارات لدول الشرق الأوسط, ورغبت في أن أبدأها بالقاهرة, وأنتم المصريون تسمون عاصمتكم أم الدنيا, وهذا يعني كثيرا, ان مصر باعتبارها مركزا مهما للعالمين العربي والإسلامي, وبالتالي كان اختيارها لتكون بداية جولتي واضحا, وخلال اليومين اللذين سأقضيهما في القاهرة سألتقي مع شريكي وزير الخارجية أحمد أبوالغيط والوزير عمر سليمان, وذلك بعد زيارتهما لواشنطن الرامية الي اعادة بدء عملية السلام في الشرق الأوسط برعاية أمريكية, كما تخطط القاهرة لتنظيم قمة في هذا الشأن, وأرغب في معرفة كيف يمكن للاتحاد الأوروبي بشكل عام, وسلوفاكيا بشكل خاص, المساعدة في هذه العملية, وبطبيعة الحال, تتضمن الأجندة التي أحملها سبل تطوير العلاقات الثنائية, حيث لدينا العديد من الزيارات الجاري التحضير لها, كما أحمل أيضا رسالة شخصية من الرئيس السلوفاكي إيفان جاشباروفيتش الي نظيره المصري سيادة الرئيس محمد حسني مبارك, واذا سمح الوقت, فأود زيارة المزارات الإسلامية في القاهرة, خاصة أن الثقافة الإسلامية قريبة من قلبي منذ الفترة التي قضيتها في سراييفو كممثل أعلي للأمم المتحدة والمبعوث الرسمي للاتحاد الأوروبي في البوسنة والهرسك. * ما رؤيتك لمستقبل العلاقات المصرية السلوفاكية خلال المرحلة المقبلة؟ وهل الزيارة تمثل بداية جديدة للعلاقات بين البلدين؟ { إن ما أراه كعنصر أساسي لعلاقتنا هو الثقة المتبادلة والتفاهم, لا أعتقد أننا بحاجة الي بداية جديدة, خاصة أننا لم ننه علاقاتنا في الماضي, إلا أنني أتطلع إلي أن تعطي زيارتي دفعة جديدة لاتصالاتنا المتبادلة وتعاملاتنا فهناك روابط تقليدية بين البلدين منذ عهد تشيكوسلوفاكيا ونحتاج الي احيائها, فسلوفاكيا ومصر لديهما الكثير من الأمور التي يمكن تقديمها لبعضهما, فسلوفاكيا من جهة أصبحت قصة نجاح في وسط أوروبا وتقود عملية الاصلاح في القطاع الأمني داخل الأممالمتحدة, وأنتم من جهة أخري تلعبون دور وساطة مهما في الحوار الفلسطيني وبين إسرائيل وباقي العالم العربي, وقد اكتسبنا خبرة كبيرة في منطقة غرب البلقان, خاصة في البوسنة والهرسك, كما استشعرنا من القاهرة أن مصر ترغب في ارساء علاقات مع تجمع الفيشجراد( التشيك المجر بولندا سلوفاكيا), ونرغب في تبادل خبراتنا مع مصر في الموضوعات التي نعتقد أن لدينا تجارب فيها نظرا لموقعنا الجغرافي والتاريخي, هناك مجال آخر هو التاريخ الطويل في الاستعانة بالطاقة النووية للاستخدامات السلمية في سلوفاكيا والمنتدي الأوروبي للطاقة النووية يأخذ من براتسلافا وبراج مقرا له, فأنا بالطبع أعتبر زيارتي الأولي لمصر في غاية الأهمية لعلاقتنا. * تعتبر مصر أهم المقاصد السياحية للسائح السلوفاكي, حيث زارها نحو140 ألف سائح سلوفاكي عام2008, فما الرسالة التي يمكن لوزير خارجية سلوفاكيا توجيهها للمواطن السلوفاكي؟ { كما ذكرت فإن السلوفاك يتوافدون علي مصر بعشرات الآلاف, حيث يتحدث هذا العدد عن نفسه, فالمواطنون السلوفاك لديهم دراية جيدة جدا بما تقدمه مصر, مثل المنتجعات السياحية المتميزة علي السواحل, والتاريخ الثري والمزارات, وإنني أفضل توجيه رسالتي للشعب المصري عن سلوفاكيا, اننا دولة أوروبية تقع في قلب أوروبا وأن براتسلافا هي في مفترق الطرق, فبزيارة سلوفاكيا يمكن تعلم التاريخ الكامل لوسط أوروبا, وكذا الثقافة والتداخل اللغوي, والعقلية, ولدينا منتجعات للتزحلق علي الجليد وجبال مرتفعة وغابات, وبرغم اننا دولة حبيسة إلا أننا لدينا ثروة كبيرة من المياه الجوفية, منها المعدنية التي تستخدم في المنتجعات العلاجية المعروفة, فرسالتي الي المواطنين في سلوفاكيا ومصر هي: رجاء أن تستمروا في زيارة بعضكم بعضا, ومعرفة دولكما وثقافتكما وتراثكما وذلك من أجل زرع التفاهم الأفضل والاحترام والتسامح ليس فقط بيننا ولكن بين الكيانين الكبيرين في أوروبا والشرق الأوسط. * كيف يتم تحقيق التوازن في السياسة الخارجية السلوفاكية, بين أولويات الوطنية والتزاماتها الدولية بحكم عضويتها في التجمعات الدولية والعسكرية؟ { حققت سلوفاكيا جميع الأهداف الرئيسية في سياستها الخارجية, حيث دخلت حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وتبنت عملة اليورو, وفيما يتعلق بالأولويات الوطنية الأخري فجميعها يتماشي مع التزاماتنا الدولية, وبما اننا جميعا ننتمي الي نفس القيم فلايمكن أن يكون هناك تناقض بين أولوياتنا الوطنية والاهداف المرتبطة بالتجمعات الأكبر التي ننتمي إليها, وفيما يتعلق بروسيا فاننا براجماتيون للغاية, حيث ان روسيا تعتبر بمثابة جار كبير وشريك مهم لايمكن تجاهله ويجب أن نتعامل مع روسيا بهذا الشكل, وهو احترامها مع تذكيرها في الوقت نفسه بالتزاماتها تجاه إيجاد المناخ الآمن والديمقراطي في أوروبا, إن سلوفاكيا تعد دولة ديمقراطية راسخة ومعترفا بها وتحظي بالاحترام. * استطاعت سلوفاكيا تحقيق العديد من الانجازات في سنوات قليلة عقب استقلالها, أهمها الانضمام للاتحاد الأوروبي والناتو والدخول في منطقة شنجن والانضمام الي منطقة اليورو في يناير2009, لدرجة أنه يتم وصف سلوفاكيا بأنها قصة نجاح.. ففي تقديرك ما العوامل التي ساعدت سلوفاكيا علي تحقيق كل هذه النجاحات؟ { تحققت هذه الانجازات بفضل توافر الرغبة في المضي قدما بالاصلاحات اللازمة وبصبر كبير وفي بعض الأحيان بالتضحية من المواطنين, كما أنه نتيجة لإرادة الشعب والتوافق السياسي فقد استطاعت سلوفاكيا بناء الدولة المستقلة وفي الوقت نفسه تطبيق عملية تحول كبيرة للنظامين السياسي والاقتصادي من نظام شمولي يتسم بالاقتصاد المركزي الي دولة ديمقراطية تتمتع باقتصاد منفتح, كما أن التطورات اللاحقة أكدت أنها كانت فكرة في غاية التعقيد علي الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تطلبت تعاطفا وصبرا من الأصدقاء الذين ساعدونا وكان الدعم الذي قدمته الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي والأصدقاء الآخرون من العالم الديمقراطي في غاية الأهمية بالنسبة لنا. * كنتم الممثل الأعلي للاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة في البوسنة والهرسك قبل تعيينكم وزيرا لخارجية سلوفاكيا في يناير2009.. فما الخبرة التي اكتسبتموها بالنسبة لتسوية الأزمات خلال عملكم في البوسنة وما الدروس المستفادة من تلك التجربة؟ { درس البوسنة والهرسك هو أهمية إعطاء الاهتمام لأي مشكلة مادامت مستمرة, إذ إنه ليس من المثمر أن يتم التعامل مع مشكلة عن طريق ايجاد حل مؤقت لتقليل حدتها وانما يجب تناولها بشكل كامل وشامل منذ البداية وحتي نهايتها, بالإضافة الي ايجاد وسيلة للتغلب علي الأطماع الأنانية قصيرة المدي لبعض الأطراف الفردية وذلك من أجل التوصل الي الهدف الحقيقي وهو تسوية النزاع ومنع ظهوره مرة أخري. * هل يمكن إيجاد أوجه الشبه بين مشكلة البوسنة والهرسك وسبل تسويتها وبين صراع الشرق الأوسط؟ { التشابه الوحيد يكمن في درس مفاده أنه لايمكن تسوية أي نزاع بالوسائل العسكرية أو القوة, حيث ان الحلول الدائمة تكون موجودة من خلال الحوار والتوافق وبخلاف ذلك لايمكن مقارنة البوسنة والهرسك بالشأن الفلسطيني, كما أن هناك ملابسات تاريخية مختلفة بينهما بالنسبة للأطراف المعنية وجذور هذين النزاعين, وعلي الرغم من هذا, فإنه كما كانت المسئولية تقع علي المجتمع الدولي للمساهمة في إيجاد الحل للبوسنة والهرسك ينبغي أن يكون نفس الأمر بالنسبة للقضية الفلسطينية.