هي آخر مسرحيات العام الماضي حيث عرضت قبل نهايته بيومين وأول مسرحية للعام الجديد.. إنها مسرحية الناس بتحب كده. التي شاهدتها لك هذا الأسبوع بالمسرح العائم. وإذا قلنا المسرح الكوميدي فهو بالطبع ذلك المسرح الذي يجتذب أكبر عدد من المشاهدين وهؤلاء المشاهدين بصفة عامة كبيرهم وصغيرهم في حاجة الي البسمة، والي الضحكة والي ما يسري عنهم لكي يحصلا علي التفاؤل والأمل الذي بدونهما تصبح الحياة في غاية الصعوبة. وإذا قلت بالنسبة للمشاهدين وصف صغيرهم فذلك لأنني اشاهد عملا خلا من أي ما يخدش حياء هؤلاء الصغار.. عملا أقول بكل أمانة أنه نظيف واستبعد هنا هذا التوصيف الذي قيل كثيرا بالنسبة للسينما حيث تم تصنيفه الي سينما نظيفة وأخري عادية وكان لهذا التصنيف أسباب آخري خارج حساباتي وأنا اقدم هذا الوصف لمسرحية الناس بتحب كده. في البداية أتناول النص باعتباره حجر الزاوية في أي عمل فني سواء سينما او مسرحا او تليفزيونا أو أغنية فالنص هو دائما في البداية علي الأقل بالنسبة لي هو الأهم. عن نص الناس بتحب كده لم استشعر حقيقة الفكرة من حيث ان التأليف هنا لاثنين هما أحمد السيد وأكرم مصطفي ولكن عموما الفكرة ليست جديدة إلي حد ما ولكن هنا المعالجة هي الجديدة فدينا الفتيات التي بالغ الآباء في تدليلهن فأصبحت المباراة بينها والرهان ايضا في كيفية العبث بكل الماديات.. السيارة لا تساوي شيئا فلنقتم بتحطيمها والرجل ايضا لا يساوي شيئا فلنقم باللعب بعواطفه وكل شئ في النهاية مباح من اجل الاستمتاع الساذج بل الغبي بالحياة. الآباء هنا من كبار رجال المال ولا أقول الاعمال فثمة فارق كبير بين الثري من النصب والثري من العمل الجاد من اجل مجتمعه, هنا الآباء تخصصوا في كل ما يجلب المال من خلال النصب فلم يصبح المال يساوي شيئا لدي جيلهم الثاني وهو البنات. وفي النهاية تكون المباراة بين الفتيات علي الفوز بقلب الشاب الفنان الذي يفخر بأن فنه جاد من اجل الامتاع الحقيقي لوجدان الجماهير وليس ذلك الفن الذي لن اصفه بالهابط, ولكن بالفن المنزوع منه أي قيمة جمالية حقيقية. من خلال هذا الفنان الشاب تتعرف الفتيات علي الطريق الصحيح الذي ابتعدتا عنه لتصبح القيمة الحقيقية والصداقة والتفاؤل من اجل مجتمع يحصل علي حقه من اهتمام المواطنين هو الهدف للفتيات بعيدا عما ورثاه من الآباء. فكرة الرهان علي قلب فنان بين الفتيات ليست جديدة بالطبع وشاهدناها في احد أفلام عبد الحليم حافظ, لكن هنا المعالجة كما ذكرت مختلفة وهي الأهم بالطبع حيث تصدت لرجال المال النصابين وايضا للفن الهابط الذي أثر بالسلب علي ذوق المتلقي. فماذا عن الإخراج الذي قام به واحد من نجوم صف الوسط المشهود لهم بالابتكار والقدرة علي تقديم الاعمال الناجحة وهو عصام السيد الذي ربما يتذكر الجمهور مسرحيته للقومي التي عرضت لمواسم عديدة وهي أهلا يا بكوات قدم عصام السيد هنا عرضا اشهد في البداية بأن الانتاج قد خدمه كثيرا من خلال إنفاق كبير لكل ما يتطلبه العمل خاصة لدينا العديد والعديد من المناظرات, أشاهد ولأول مرة منذ سنوات ذلك القرص الدائري الذي استمتعنا به لسنة واحدة فقط بالمسرح القومي ثم فشلت محاولة تشغيله بعد ذلك هذا القرص يساعد المخرج في عملية الإبداع وايضا يوفر الوقت في تغيير المناظر. قدم عصام السيد حركة جيدة للممثلين والممثلات بعضها مبتكر وايقاعه سريع الي حد ما فقط كان عليه اختصار البدايات الأولي للمسرحية والتي لم أجد فيها ما يفيد او يمتع وكان عليه ايضا بعض الاختصار الذي سيفيد العمل أكثر. لكن بصفة عامة قدم عملا متميزا للمسرح الكوميدي مستعينا بديكورات رائعة لحازم شبل وملابس مناسبة لنعيمة عجمي وبالطبع ألحانا ذات طابع شديد الدفء لإيمان البحر درويش عن توزيع محمد العشي وكلمات مصطفي درويش. فماذا عن الابطال؟ بعد غياب طويل وغير مبرر للمطرب الفنان إيمان البحر درويش يعود مرة اخري ممثلا ومطربا ملحنا وبالنسبة للغناء والالحان امر عادي بالنسبة لي كمستمعة ان اقول انها جيدة ولكن الجديد كان في أدائه التمثيلي خاصة في عمل كوميدي فقد كان بالفعل مفاجأة لي. أمامه غول الكوميديا هالة فاخر الوحيدة الباقية لدينا من الموهوبات في الأداء الكوميدي ولو أن السينما استخرجت منها مؤخرا اداء تراجيديا مؤثرا في عدد من الافلام ربما اشهرها فيلم حين ميسرة للمخرج خالد يوسف. قدمت هالة دورها ببساطتها المعهودة مع خفة الظل التي تملأ المكان مرحا وبهجة, الركن لثالث لدينا من الفنانين اي الابطال هي رانيا محمود يس التي ايضا ابتعدت دون مبرر عن الفن علما بأن لديها قدرات جيدة استغلها المخرج هنا في البنت الدلوعة امام هالة فاخر التي تشاركها هذا الدلع لتقدم رانيا دورا ربما يعيدها الي خشبة المسرح التي تفتقد العناصر النسائية المماثلة لها. ممثل المسرح القومي يوسف فوزي قدم شخصية رجل المال النصاب بكفاءة وضحكة خاصة زلزلت ليس فقط خشبة المسرح ولكن صالة المتفرجين ايضا. وكان من فناني القومي ايضا مصطفي بكري ليقدم اداء تستشعر انه ذلك الاداء المنسوب فعلا للقومي عن حق. شخصيات عديدة لدينا أجاد البعض ومنهم علاء زينهم وحاول البعض الآخر. بصفة عامة انتاج كبير للمسرح الكوميدي يضيف للبيت الفني للمسرح برئاسة توفيق عبد الحميد ولمدير المسرح الكوميدي مهدي يوسف.