عاجل - ترامب يهاجم إدارة بايدن: منحت إيران أموالا لتدعم الإرهاب    عاجل - ترامب عن روسيا: تجمعني علاقة جيدة ب "بوتين" ولا يحترم إدارة بايدن    مواعيد مباريات الجولة الثالثة من الدوري الألماني والقنوات الناقلة    عيار 21 بعد الارتفاع الجديد.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة (بداية التعاملات)    أبرز نشاط رئيس مصلحة الضرائب المصرية خلال 24 ساعة    العلوم الاجتماعية والإنسانية عند الأمريكان    بسبب إيقافه عن العمل لفتواه بجواز سرقة الكهرباء.. أستاذ عقيدة يطالب بمناظرة شيخ الأزهر    الانتخابات الأمريكية.. هاريس: إدارة بايدن اضطرت إلى تنظيف فوضى ترامب    قبل المناظرة الرئاسية.. خطة نتنياهو للإطاحة ب كامالا هاريس    هاريس: مواطنو الولايات المتحدة الأمريكية يؤمنون بحق الإجهاض    "هنتحبس كلنا".. نهاد أبوالقمصان تنتقد مسودة قانون الإجراءات الجنائية الجديد    قصة مطاوع أبو الخير بطل قهر المستحيل حاز 4 ميداليات بارالمبية    عاجل - ارتفاع درجات الحرارة.. آخر تحديثات الطقس اليوم الأربعاء    ضبط مسجل خطر بحوزته كمية من مخدر الهيروين وسلاح ناري بالمرج    يتنازل ويجتهد لنجاح العلاقة.. تعرف على برج السرطان كزوج    محمود حميدة ومحي إسماعيل وخالد يوسف في العرض العراقي «تاء التأنيث ليست ساكنة»    بملابس فاضحة وخلخال.. أستاذ علم نفس: بعض المطربين يقدمون قدوة مهترئة تضرب الهوية    حبس سائق توك توك طعن سائق أتوبيس نقل عام بحدائق القبة    ملف يلا كورة.. فوز كاسح لمنتخب مصر.. 100 مباراة لصلاح.. وصفقة جديدة للزمالك    انهيار سد في نيجيريا يخلف كارثة وتحذيرات من فيضانات مدمرة    بالأسماء.. كلب ضال يعقر 10 أشخاص في ميت الفرماوي بالدقهلية    مصرع وإصابة 19 في حادث تصادم بملوي جنوب المنيا    محمد عبد الله: صفقات الزمالك قوية.. وهذا ما يجب تدعيمه قبل بداية الموسم    وزير التعليم العالي يصدر قرارًا ببدء الدراسة بكليات جديدة بجامعة اللوتس (التفاصيل)    الأزهر مستنكرًا مجزرة المواصى: جريمة نكراء فى ظل غيبوبة أصابت ضمير العالم    برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 11 سبتمبر 2024: لا يفضل البدء في علاقة    4 أخطاء شائعة تؤدي لانفجار الفرن الكهربائي.. امنعي وقوع كارثة في مطبخك    صحة البحيرة: الكشف على 1396 مواطن خلال قافلة طبية بأبو حمص    أهداف مباراة ليبيا وبنين في تصفيات كأس أمم إفريقيا    لمواجهة ارتفاع الأسعار، شعبة السيارات تعلن انفراجة في عملية الاستيراد    نقيب الفلاحين يكشف أسباب انتشار ظاهرة البندقة في القطن    «لاشين»: مستمرون في الحملات المفاجئة وضبط 55 سيارات مخالفة لخطوط السير    هل يحضر بايدن مناظرة ترامب وهاريس؟ البيت الأبيض يجيب ويلمح لذكرى حزينة    وزير الثقافة الأسبق: أمريكا سعت لفرض المثلية الجنسية على مصر    مصرع طفلة إثر حادث مروري فى دمياط    المعمل الجنائي يعاين حريق شقة في برج سكني بفيصل    لمدة أسبوعين.. حقيقة تأجيل الدراسة للمدارس والجامعات وتغيير الخريطة الزمنية للعام الجديد    محمود محي الدين: مصر واحة أمن في ظل توترات سياسية إقليمية.. والسياسة لا تنفصل عن الاقتصاد    محافظ جنوب سيناء يتابع أعمال تطوير ميناء شرم الشيخ البحري    الاكتتاب في السندات الثلاثية الأمريكية فوق المتوسط    الرأس الأخضر تؤكد صدارة مصر للمجموعة الثالثة في تصفيات أمم أفريقيا    عزاء الفنان حلمي التوني: حضور واسع من الأدباء والمثقفين والفنانين في وداع التشكيلي الراحل    عصام عجاج : النقابة لا يشرفها أن يكون محامي المساكنة عضوًا فيها    ماجد المصري: محمد سامي من أخطر المخرجين    إذا كان الاحتفال بذكرى المولد النبوي عبادة فهل فعلها الرسول وأصحابه الكرام؟.. الإفتاء ترد    حلال أم حرام؟ حكم شراء سيارة أو شقة عن طريق البنك    حسام حسن يعلق على فوز منتخب مصر على بوتسوانا    تعادل مثير بين هولندا وألمانيا في دوري الأمم الأوروبية    طريقة عمل البندقية، من حلوى المولد اللذيذة والفاخرة    بينهم «زاهر» و«الشعشاعي».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم الأربعاء    البابا تواضروس يصلي عشية عيد النيروز ويلتقي زوجات كهنة الإسكندرية    يؤدي إلى الجلطات.. استشاري قلب يكشف عن أكبر مسبب لآلام الصدر    اعتماد 19 مؤسسة تعليمية بدمياط من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى ميت غمر المركزي (صور)    خالد الجندي: الشيخ رمضان عبد الرازق راجل متحضر ولا يرغم ابنته على شيئ    بيت الزكاة يستعد لأول حملات توزيع ملابس ومستلزمات على الطلبة الأيتام    وُلِدَ الهُدَى فَالكَائِنَاتُ ضِيَاءُ .. موضوع خطبة الجمعة القادمة    من هو «السفير تميم خلاف» المتحدث الرسمي الجديد لوزارة الخارجية والهجرة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرة أخري‏..‏ مصر شمس لاتغيب
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 07 - 2010

ليست دوافعي صادرة عن شوفينية أحادية أو تعصب وطني أحمق‏,‏ إنما تصدر عن استقراء موضوعي للتاريخ وفهم عميق للواقع وتطلع شديد نحو المستقبل‏ إنها مصر التي انطلقت منها شمس التوحيد وذكرتها الكتب المقدسة للديانات الإبراهيمية الثلاث‏,‏ إنها مصر التي تكسرت علي نصالها أطماع الغزاة وأوهام البغاة وأحلام الطغاة‏,‏ إنني أقول ذلك وأنا أري حولي محاولات يائسة لخنق الروح المصرية وطمس هوية الكنانة مع الحديث المتكرر عن تراجع دورها‏,‏ والإيحاء الدائم بتردي مكانتها‏,‏ بينما قراءة تاريخ الأمم وتطور الشعوب يوحي دائما بموجات صعود وهبوط ولكن الأدوار لاتختفي والشمس لا تغيب‏,‏ لقد كانت أدوات الدور المصري هي التعليم والثقافة والتنوير مدعومة بالتاريخ الناصع لبطولات الجيش المصري‏,‏ والآن قد تتغير أدوات الدور أو بعضها ولكن تبقي مصر أبدا شامخة تقدم النموذج لغيرها في المنطقة وتدفع بأدوات حديثة لدورها الحيوي المتجدد‏,‏ وأنا أؤكد هنا في ظل المناخ العام المشبع بالإحباط والبيئة التي تنضح بالقلق والاحتقان والتوتر أنني لن أمل من الحديث عن قضية الدور المصري الإقليمي بمعناه الحقيقي وليس بمرجعية تاريخية تشير إلي حقبة بذاتها‏,‏ وسوف أطرح عددا من المحاور لاستكمال هذا التصور‏:‏
أولا‏:‏ إن الدور الإقليمي لمصر لايعني الدخول في مغامرات أو إقحام الدولة عسكريا وسياسيا في مشكلات لاتخصها‏,‏ حتي ولو كان ذلك بدواعي التطرف القومي أو الاستغراق في مسئوليات إقليمية علي حساب المصلحة الوطنية‏,‏ أقول ذلك لأن البعض يتصور أن قضية الدور المصري تعني تلقائيا فتوحات محمد علي أو حروب عبد الناصر‏,‏ فالمرجعية التاريخية في الذهن المصري تشير دائما عند الحديث عن مسألة الدور الإقليمي إلي الخروج الحتمي إلي ما وراء الحدود والتورط في مشكلات تستنزف الاقتصاد المصري وقد تنال من الأمن الوطني ذاته‏,‏ ويدافع المتحفظون علي قضية الدور دائما بأن الأمر قد يجرنا إلي مواقف وسياسات لاتخدم بالضرورة البناء الداخلي أو تدعيم قوة الدولة اقتصاديا وعسكريا‏,‏ ونحن نتفق معهم إذا كان الدور المصري يؤدي إلي ذلك‏,‏ أما إذا كنا نقصد به الوجود جد السياسي القوي والدبلوماسي الفاعل علي الساحة الدولية فإن الأمر يختلف لأن مصر ليست بلدا صغيرا أو هامشيا إنها دولة مركزية محورية مطالبة دائما باتخاذ قرارات مصيرية‏.‏
ثانيا‏:‏ إنني أتذكر أنه غداة غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت في‏2‏ أغسطس عام‏1990‏ أن أتصل بي سفير الهند في القاهرة يطلب وبإلحاح شديد معرفة الموقف المصري بوضوح لأن دولته قد قررت وهي أكبر دول جنوب وغرب آسيا أن تحدد موقفها علي ضوء الموقف المصري فقط احتراما منها لدور مصر الإقليمي وتقديرا لمكانتها الدولية‏,‏ وهذا يعني ببساطة أنه حتي إذا حاولنا أحيانا التملص من مسئوليات الدور فإنها تظل تلاحقنا مهما تكن الملابسات والأسباب‏,‏ ولعلي أذكر الجميع أن اختيار أوباما لمنبر جامعة القاهرة ليخاطب منه العالمين العربي والإسلامي هو في حد ذاته تأكيد تلقائي لأهمية الدور المصري بل إن مصر إذا غابت عن محفل عربي أو إقليمي فإنها تبدو دائما هي ذلك الحاضر الغائب‏,‏ إنني أؤكد مرة أخري أن مصر دولة غير قابلة للعزلة بحكم الجغرافيا‏,‏ وغير قابلة للتجاهل بمنطق التاريخ وغير مستعدة للتنازل بتأثير المبادئ‏.‏
ثالثا‏:‏ إننا عندما ننظر للخريطة السياسية للشرق الأوسط حاليا ندرك أن مصر رغم كل الحديث المكرر عن تراجع دورها مازالت ملء السمع والبصر‏,‏ فهي قادرة علي الإمساك بدورها في أي لحظة‏,‏ لأنني لا أتصور بديلا لها فلا تركيا ولا إيران ولاغيرهما يمكن أن يكون تعويضا لغياب الدور المصري مهما تكن المواقف والمصاعب والتحديات‏,‏ والذين عملوا في خارج مصر ومثلوها في البعثات الدبلوماسية أو المحافل الدولية يدركون قيمة كلمة مصر ورنينها اللافت في كل مكان‏,‏ فأينما وليت وجهك تجد للدور المصري مكانا ومكانة‏,‏ فهي الدولة العربية المركزية المحورية وهي الدولة الإسلامية الرائدة والقائدة وهي الدولة البحر متوسطية التي ارتبطت ثقافيا ببحيرة الحضارات الأوروبية الآسيوية الإفريقية وهي بالنسبة لقاراتها الأم هي تلك الدولة التي حملت معاول التعمير ومشاعل التنوير وظلت لسنوات طويلة تحنو علي دول القارة التي تواجه أصعب الظروف وأعتي المشكلات‏,‏ وفوق هذا وقبله فمصر دولة ذات مسئوليات دولية والتزامات عالمية أثبتت للجميع درجة عالية من المصداقية والانضواء تحت مظلة المجتمع الدولي الذي يسعي إلي السلام ويتجه نحو الرفاهية‏.‏
رابعا‏:‏ إن أدوات الدور المصري تختلف كما قلنا من عصر إلي آخر ولكنها تقوم في كل الأحوال علي الفهم الوطني لطبيعة ذلك الدور واستغلال الميزة النسبية في الشخصية المصرية من أجل تحقيق الأهداف القومية والغايات الإقليمية‏,‏ ولقد استمعت منذ شهور إلي وزير الدفاع الأمريكي وهو يتحدث من إحدي الفضائيات غير المتعاطفة مع مصر فإذا به يقول نصا‏(‏ ويبقي الجيش المصري هو أقدم جيوش المنطقة وأكبرها وأكثرها مهنية‏),‏ وأستطيع أن أقول هنا أنني قد استمتعت في تلك الليلة بنوم عميق بعد سماع هذه العبارة في إحدي أمسيات صيف عام‏2008‏
خامسا‏:‏ إن مناخ الإحباط الذي يراد له أن يحطم الكبرياء المصرية وأن ينال من ثقة المصريين في أنفسهم يجب ألا يتجاوز حدوده‏,‏ فلو أن لك ابنا تعتز به ولكنك من قبيل حفزه علي النجاح أصبحت تكرر أمامه قولك إنك فاشل إنك فاسد إنك بلا مستقبل‏,‏ أستطيع إن أؤكد لك هنا أن ذلك الابن سوف يصبح فاشلا وفاسدا وبلا مستقبل‏!!‏ فرحمة بمصر‏,‏ فالكنانة حافلة بالايجابيات وبالطاقات البشرية الهائلة والعقليات المتميزة‏,‏ أقول ذلك برغم شيوع الفساد في بعض مناحي حياتنا وسيطرة التطرف علي جوانب في مجتمعنا‏,‏ فأنا لا أدعي أن الأوضاع وردية ولكنني لا أقبل أن أصف كل شيء علي أرض الوطن بأوصاف سلبية فذلك افتراء علي الحقيقة وعدوان علي الحاضر ومصادرة علي المستقبل‏.‏
هذه رؤية للدور المصري الذي نريده خادما للأهداف الوطنية متماشيا مع الشخصية المصرية مؤمنا بأن لكل جهد دولي أو إقليمي عائده‏,‏ وأن الدور في النهاية ليس مجموعة شعارات أو مغامرات أو حتي مفاجآت‏,‏ انه عمل مدروس يقوم علي حسابات صحيحة وتوقعات مؤكدة‏,‏ فليست النوايا الحسنة وحدها هي طريق النجاح كما أن طريق الفشل أحيانا مفروش هو الآخر بمثل تلك النوايا الحسنة‏.‏
إن مصر دولة وسطية من أم إفريقية وأب عربي بعقلية بحر متوسطية ووجدان إسلامي‏,‏ هكذا أرادها الله وسوف تبقي دائما حاضنة لتراثها الخالد‏,‏ حامية لنيلها الذي لايتوقف‏,‏ متمسكة بوحدتها الوطنية التي لاتنفصم‏,‏ تنشر الضياء حولها لأنها شمس لاتغيب‏!‏
المزيد من مقالات د. مصطفى الفقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.