أ.ش.أ: يتمتع منتخب هولندا بميزة ينفرد بها عن منتخب اسبانيا عندما يلتقيان اليوم في نهائي مونديال جنوب إفريقيا2010 لكرة القدم, وهي أنه سيلعب في استاد جوهانسبرج وكأنه يلعب في ستاد العاصمة الهولندية أمستردام, بفضل التشجيع الجنوني المتوقع من قبل سكان جنوب إفريقيا البيض الذين ترجع معظم أصولهم إلي هولندا. وإذا كانت هولندا قد خسرت النهائي مرتين في مونديال1974 بألمانيا, ومونديال1978 بالأرجنتين لأنها كانت تلاعب حينذاك الدولتين المضيفتين علي أرضيهما ووسط جماهيرهما المتحمسة, فإنها ستلعب نهائي جنوب إفريقيا2010 هذه المرة وكأنها تلعب علي أرضها ووسط جماهيرها أمام منتخب اسبانيا بفضل الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا التي تعود أصولها إلي هولندا, وقد اشتهرت الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا بلقب البوير, أي الفلاحين بلغة الأفريكانز, وهي اللغة المشتقة من اللغة الهولندية التي يتحدث بها معظم أبناء الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا. وبرغم أن كل التوقعات تصب في مصلحة اسبانيا للفوز بمونديال2010 بسبب التفوق النسبي لمنتخب اسبانيا علي منتخب هولندا علي المستوي الفني, إلا أن البوير يرفضون هذا الحكم المسبق, مؤكدين أنهم سيكونون عنصرا حاسما في حسم البطولة لمصلحة هولندا. ومن المتوقع أن يمتلئ استاد جوهانسبرج بما يقرب من88 ألف متفرج معظمهم سيكونون من سكان جنوب إفريقيا من ذوي البشرة البيضاء والأصول الهولندية لتشجيع المنتخب الهولندي بجنون تخليدا لذكري آبائهم وأجدادهم الذين تركوا هولندا منذ نحو350 عاما, وبالتحديد في عام1652 لزراعة أراضي جنوب إفريقيا, وكانت شركة الهند الشرقية, وهي مؤسسة تجارية تشكلت لاستعمار جنوب إفريقيا, قد أرسلت البوير, ومعظمهم من الهولنديين, ونسبة أقل من الألمان والفرنسيين, إلي أراضي جنوب إفريقيا لتعميرها وزراعتها بعد أن اكتشفها الرحالة البرتغالي الشهير فاسكو دا جاما في عام1497. ويشار إلي أن كلمة بوير مشتقة من كلمة بور, أي فلاح باللغة الهولندية, وإذا كان البوير الأوائل امتهنوا الزراعة وفلاحة الأرض منذ قدومهم إلي أراضي جنوب إفريقيا, فإن البوير الحاليين هجروا الزراعة للعمل بالصناعة والتجارة والاقتصاد, وهي مجالات ساعدت العديد منهم علي تكوين ثروات طائلة جعلتهم علي رأس السلم الاجتماعي في جنوب إفريقيا حتي بعد مرور نحو20 عاما علي إلغاء نظام الفصل العنصري. ويعترف الناقد الرياضي الجنوب إفريقي هاينز دي فاستيل, وهو من أصول هولندية, بأن المنتخب الهولندي يتمتع بميزة عن المنتخب الاسباني في المباراة النهائية لمونديال جنوب إفريقيا2010, وهي أنه سيواجه خصمه كما لو كان يلعب علي أرضه ووسط جماهيره. وأضاف, في تصريح لصحيفة كيب تايمز, أن المنتخب الهولندي يحيا عشية لقائه الحاسم أمام اسبانيا بجوهانسبرج في نفس الأجواء التي يعيشها في أمستردام, فاللغة تقريبا واحدة, والوجوه متقاربة, والحماس متشابه حيث يحرص البوير علي إظهار تأييدهم لهولندا التي لايزال العديد منهم يحتفظ بعلاقات وطيدة مع بعض أفراد عائلاتهم الأصلية بالوطن الأم. ويؤكد جريجوري فان كيرفكوف, ويعمل في إحدي الشركات المتخصصة في تجارة الألماس, أنه استعد جيدا لتشجيع المنتخب الهولندي في ستاد جوهانسبرج, مؤكدا أنه سيصطحب معه زوجته وأبناءه الثلاثة لمساندة المنتخب الهولندي علي أرض الواقع, وأضاف أنه علي الرغم من أن معظم البوير يشجعون لعبة الرجبي, فإن وصول المنتخب الهولندي للمباراة النهائية جعلهم يستبدلون حب الرجبي, ولو مؤقتا, بلعبة كرة القدم, اللعبة الشعبية الأولي في هولندا بلد الآباء والأجداد. وسيبقي السؤال المهم وهو: هل يكون الفلاحون البيض المشهورون بالبوير بمثابة كلمة السر في فوز هولندا بالمونديال للمرة الأولي في تاريخها لتكون ثامن دولة في العالم تحظي بشرف الفوز بالمونديال أم سيكون لأسبانيا رأي آخر؟!.