بينما كان يتوقع المراقبون أن تمتد أزمة اليونان الاقتصادية الحالية إلي غيرها من دول أوروبا المرشحة لذلك, وعلي رأسها البرتغال وإيطاليا. ويدللون علي ذلك بتخصيص دول عملة اليورو لنحو1000 مليار دولار. وهو ما يزيد بشكل كبير علي احتياجات الأزمة اليونانية, التي هي بحاجة إلي120 مليار دولار فقط, وهو ما يؤكد توقع حدوث أزمات ببلدان أوروبية أخري, فيما كان يتوقع ذلك جاءت الأحداث ولكي تؤكد التفاؤل الحذر في انحسار أزمة الاقتصاديات الأوروبية التي ارتكزت علي اتفاق الحكومات الأوروبية علي الحد من عجز الموازنة, ووضع انعاش السوق كأولوية ثانية, وهو ما يعني الحد من الاقتراض والبتالي الحد من زيادة عجز الموازنة. التفاؤل الحذر بانحسار أزمة الاقتصاديات الأوروبية طرح تساؤلا: هل تنتهي التأثيرات السلبية للأزمة علي الصادرات المصرية؟ لقد توقع المراقبون مع بداية الأزمة تأثر الاقتصاد المصري في قطاع التجارة الخارجية بالتراجع الحادث في النمو الاقتصادي في دول أوروبا, خاصة بعد انخفاض سعر صرف اليورو, الذي قد يؤدي لجعل مصر أقل إفادة من التصدير, ومرشحة أكثر للاستيراد بحكم انخفاض سعر العملة الأوروبية, ومع ذلك انخفضت الصادرات والواردات المصرية في2009 بنسبة20%. ويؤكد جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب أن المؤشرات الأخري حول تجارة الخدمات في مصر تؤكد أن تأثرها سيكون أقل مما حدث بالنسبة للتجارة السلعية, فعائدات قناة السويس برغم انخفاض معدلات النمو لم تتأثر في إجمالها, كما أن السياحة التي كانت قد حققت13% نموا في2008 مقارنة ب2007 مازالت تحتفظ بمعدلات زيادة, لكن بأقل من السنوات السابقة. ويقول جمال بيومي: يجب ألا نتشائم بخصوص الأزمة المالية لبلدان أوروربا, حيث حدثت إشارات إيجابية بدءا من اجتماع وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي, الذي أعطي إشارات واضحة عن عزم دول منطقة اليورو علي مكافحة الأزمة, خصوصا فيما يتعلق بعجز الموازنات الحكومية وتأييد اتخاذ إجراءات التقشف علي الصعيد الأوروبي, ويأمل وزراء المال أن يعطوا إشارات إيجابية للأسواق بأن حكومات الدول الأوروبية عازمة علي اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية العملة الموحدة التي كانت قد تراجعت إلي نحو1.2355 دولار بعد أن كانت وصلت إلي1.3 دولار عقب إعلان قادة أوروبا عن تعبئة1000 مليار يورو لإنقاذ العملة الموحدة, والإشارة التي حرص وزراء المالية علي إعطائها هي أن تقوم البلدان الأوروبية بالدفاع الجاد عن الاستقرار المالي وسعر صرف اليورو. إلا أن ذلك التفاؤل يجب ألا يكون مفرطا حيث إنه مما يثير الملاحظة أن اليونان كانت بحاجة إلي120 مليار دولار يقتسم تقديمها كل من صندوق النقد الدولي, ودول عملة اليورو, ومع هذا فإن هذه الدول عبأت1000 مليار دولار بما يدل علي أن توقعاتها بحدوث أزمات في بلدان أوروبية أخري دفعتها لتعبئة هذا المبلغ الكبير بكثير من احتياجات الأزمة اليونانية. ويشير رئيس اتحاد المستثمرين العرب إلي أن السبب الرئيسي في المشكلة أن هناك عددا من الدول الأوروبية أو أكثر, بخلاف اليونان, لديها عجز في موازناتها يتنخطي حدود الأمان المتفق عليه عند إنشاء منطقة اليورو, حيث من المفترض علي أعضاء المنطقة ألا تتجاوز العجز في الموازنة3% من الناتج القومي, وألا يتجاوز التضخم نسبة1.5%, وألا تتجاوز المديونية نسبة60% من الناتج القومي, في حين أن عدة دول تخطت عجز11% واليونان9.3%, كما أن مديونية إيطاليا بلغت118% من ناتجها القومي والخشية, كما يراها صندوق النقد الدولي, هي أن الدول العشر الأكثر غنا في العالم أصبحت مدينة بدلا من البنوك المتعثرة فصارت مدينة بنحو78% من ناتجها القومي, ومن المتوقع أن يرتفع هذا الدين إلي114% بحلول2011, مما يجعل كل مواطن في هذه الدول مدين ب50 ألف دولار, أي ضعف ناتجه القومي في عام. وبرغم أن محافظ البنك المركزي الأوروبي كريشيه قال: إن منطقة اليورو غير مهددة برغم التراجع الحاد في العملة فإن الواقع أنها مهددة في ضوء المديونية الكبيرة التي كانت غير معلنة وأصبحت مكشوفة, حتي إن هناك دولا في الاتحاد الأوروبي مدينة بأكبر من ناتجها القومي. ومما يخفف من هذه التقديرات اتفاق القمة الأوروبية علي تخفيف حدة الأزمة بضخ مزيد من الأموال مع الحد من عجز الموازنات بصورة كبيرة, غير أن اجتماع أوتاوا لم يحسم أمر أولئك الذين يرغبون في خفض العجز في الموازنة أوروبا أساسا, وأولئك الذين يريدون إنعاش السوق تحت ضغوط أصحاب المصالح وضخ المزيد من الأموال أمريكا وكندا, وبهذا ترك لكل دولة أن تختار السياسة المالية التي تناسبها.