عجبا لهذه البلاد..ان النساء فيها يخرجن الي الأسواق .. تلك المقولة عن نساء مصر قبل الميلاد لابد أن تدفعنا للتساؤل عن أحوال هؤلاء النساء هذه الايام . خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية بعد أن تم توصيف هذه الفئة منهن بسيدات الأعمال. وهو الوصف الذي رسمت له في الأذهان عدة صور تغيرت من حقبة الي أخري ومن مرحلة الي غيرها, وفقا للثقافة السائدة في كل مرحلة وظروفها الاقتصادية والاجتماعية. والتساؤل جاءت الاجابة عنه بأن ماتواجهه المرأة المصرية من تحديات وتخطيها للكثير من الأزمات أكسبها نضجا ومقدرة علي تخطي الصعاب فأصبحت أكثر وعيا بأهمية اكتساب مزيد من الخبرات وضرورة المشاركة في تنمية المجتمع وأن يكون للمجتمع دور في تحقيق ذلك والا فلن يكون هناك مجال لتسويق منتجات أو خدمات في مجتمع يلهث أفراده لتدبير أبسط احتياجاتهم المعيشية. هذا ماكشف عنه حوار سيدات الاعمال وسردت فيه صاحبات المشروعات الكبيرة والمتوسطة وحتي الصغيرة تجاربهن وكيفية مواجهتهن للأزمة الاقتصادية العالمية ودور مؤسسات سيدات الاعمال في دعمهن ومساندتهن وأبدين استعدادهن للمشاركة في مشروعات المؤسسات لتنمية المجتمع والتي تخطت أدوارها تبادل الخبرات والمساعدة في التغلب علي مصاعب العمل ومعوقاته الي تقديم خدمات مباشرة لتنمية المجتمع والمحافظة علي صحة أفراده فعلي سبيل المثال تتبني مؤسسة أوتاد عدة مشروعات من بينها مشروع أنامل مصرية الذي يهدف الي الكشف عن المواهب والعمل علي أن تصبح الموهبة مصدر رزق لصاحبتها وكذلك مشروع كن ورديا الذي يهدف الي تحفيز أفراد المجتمع علي الاهتمام بالمشاركة في مكافحة سرطان الثدي أي أن يكون هناك سلوك ايجابي تجاه هذا المرض بمشاركة العاملين في الشركات الخاصة. ولكن هل قامت مؤسسات المجتمع المدني بالمطلوب منها للنهوض بالمرأة الي مستوي اشراكها في تطوير فعال للمجتمع وأفراده؟ هذا السؤال طرحته شيرين علام رئيس مؤسسة أوتاد, وحاولت الاجابة عنه بقولها إن مابذل علي مدار السنين الماضية من جهود لسيدات ورجال وشباب يؤمنون بأن الطريق للنهوض بالمجتمع يبدأ بالمرأة فقد.. مهد الطريق للمجتمع المدني المعاصر, الا أن الطريق كما تقول مازال طويلا ويتطلب المزيد من الجد والاصرار لزيادة مقدرة المؤسسات والجمعيات الخاصة بالمرأة في المشاركة في الحوارات والقرارات التي تحدد مصيرها ومصير أولادها. وأكدت شيرين علام أهمية زيادة قدرة المجتمع المدني علي تبني القضايا الخاصة بالمرأة واختراقها وعرضها بطريقة مؤثرة علي الرأي العام وايجاد طرق حديثة لتمكين المرأة من ايجاد سبل لنموها الاقتصادي والاجتماعي يمكنها من المشاركة في صياغة مستقبل أكثر أمنا واستقرارا. ومن جهة أخري أكدت الدكتورة رجاء أحمد عبده رئيسة جمعية سيدات الاعمال بالاسكندرية أهمية دور الاعلام في ابراز نجاحات المرأة وتسليط الضوء علي الرائدات في مجال الاعمال الخاصة ليصبحن قدوة لغيرهن من الفتيات والسيدات الراغبات في دخول مجال العمل الحر, وأكدت أيضا أهمية قيام الجمعيات والمؤسسات المهتمة بالمرأة بالتركيز علي اكتساب الخبرات والتدريب والتأهيل, واضافت د. رجاء بأن هناك مؤسسات وجمعيات تقوم بهذا الدور الا أن هناك جمعيات أخري نشاطها مقصور علي عقد الندوات والمؤتمرات التي تعد مضيعة للوقت اذا لم يصاحبها برامج عمل مخططة لتحقيق أهداف في فترات زمنية محددة لرفع كفاءة النساء والقيام بدور فعال في مساندتهن علي الدخول الي مجتمع الاعمال وتقديم مساندة عملية وخبرات ميدانية تساعدهن علي تحقيق ذلك. وفي السياق نفسه ولكن برؤية مختلفة تري سحر عبد الخالق زهران مدير الشركة المصرية للتجارة والتصدير ان عدم قيام بعض جمعيات سيدات الاعمال بالدور المنوط بها يرجع غالبا الي عدم وجود مساندة حقيقية من المجتمع ومن المسئولين واكدت أن هذه الجمعيات تلعب دورا مؤثرا وملموسا في النهوض بالمجتمع وتنميته اقتصاديا, ولكن من الظلم الحكم علي أدائها في غياب تقديم المساندة اللازمة لها, حيث ان الحكم يجب ان يأتي في سياق مجتمعي وفي اطار الظروف المحيطة وحدود المطلوب منها والمسموح لها القيام به. ولاتغفل سحر زهران التنبيه الي تأثير الازمة الاقتصادية علي جمعيات سيدات الاعمال والتي قالت ان مصر عالجتها بحكمه حيث جنبت أصحاب المشروعات التعرض لمخاطر وخسائر كبيرة خاصة ان حجم الاستثمارات في مصر يعد ضئيلا مقارنة بالاستثمارات الدولية, فالمرأة بطبيعتها في مصر مسئولة عن اقتصاديات الاسرة وتحسن التدبير وقد اكسبتها خبرتها في سوق العمل خبرات استثمرتها لفتح اسواق جديدة في دول مختلفة وتدبير امورها لمواجهة هذه الأزمات حتي لاتؤثر علي رواج الاقتصاد المصري بل تعمل علي انعاش الاستثمارات المصرية الداخلية والخارجية وعلي تحسين العلاقات بالدول العربية. وتروي لبني لاشين صاحبة نادي صحي اجتماعي للسيدات عن تجربتها وضغط الانفاق للتغلب علي الازمة فقالت: قمنا بتخفيض ساعات العمل وتقليل الاضاءة وتشغيل الوحدات والاجهزة الضرورية فقط لخفض النفقات وقد ساعدنا علي ذلك ثقة عميلاتنا وتقديرهن للظروف الاقتصادية, يلقي الاحترام والتقدير لتقديم هذه الخدمة للسيدات. ولأن الظروف الاقتصادية العالمية القت بظلالها ايضا علي ميزانية الاسرة المصرية فلن تعد الكثير من هذه الاسر قادرة علي تخصيص جزء منها لشراء المجلات والمطبوعات فقد قامت رانيا مصطفي باصدار مجلة متخصصة للأم والطفل توزع بالمجان, حيث رأت وجود عجز في مثل هذه النوعية من المجلات بالرغم من احتياج الاسرة لها وتقول موضحة ان اصدار المطبوعات المتخصصة يصلح لأن يصبح مشروعا تجاريا ناجحا حتي وان تم توزيعه بالمجان فمثلا مجلة الطفل والأم يمكن توزيعها لدي عيادات الاطباء والمستشفيات, والمراكز العلاجية..وهكذا المهم ان تلبي المطبوعة أو الاصدار احتياجا ضروريا لدي شريحة كبيرة من المجتمع ويمكن تغطية نفقات الطباعة والتوزيع عن طريق الاعلانات وتوزيعها عن طريق الاشتراكات لدي الجهات المهتمة. الدكتورة عواطف سراج الدين رئيس مجلس إدارة جمعية المرأة والتنمية الانسانية( حياتي) أكدت أن العمل العام شريك أساسي في التنمية, وأن اي مجتمع لا يمكن ان يحقق نموا حضاريا بدون دور رائد للمرأة في هذا المجال, واشادت بنماذج لسيدات ناجحات في هذه المسيرة, اما عن عملها في الجمعية فقد تبنت انشاء مركز طبي شامل علي احدث مستوي لخدمة ورعاية المهمشين وذلك لرفع المعاناة عن كاهلهم.. يضم المركز عيادة تنظيم الأسرة ومعمل تحاليل علي اعلي مستوي وأطباء في جميع التخصصات. وفي النهاية نقول إننا في الازمة الاقتصادية التي القت بظلالها علي العالم كله نحتاج الي تضافر كل الجهود وحشد كل الامكانات حتي نتجاوز تلك الازمة الطاحنة بسلام.