اتجهت المرأة في السنوات الأخيرة الي دخول مجال العمل الحر وادارة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في بعض الاحوال، ولم يقتصر ذلك علي نوع معين من الانشطة الاقتصادية بل تنوعت مجالات النشاط الاقتصادي التي تعمل فيها النساء بين الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات المالية والانتاجية وغيرها. وذلك في ظل الظروف الجديدة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العالم والدول النامية ومصر ابتداء من بداية حقبة التسعينيات من القرن الماضي حيث بدأت معظم هذه الدول في تطبيق آليات السوق الحر وتشجيع الاستثمار وتطوير التشريعات لكي تصبح محفزة ومشجعة للاستثمارات الخاصة وتكفل لها الضمانات ضد التأميم أوالمصادرة أوالحجز التحفظي بغير الطريق القضائي، وعدم التدخل الحكومي في ادارة المشروعات أو سياسات عمله المعتاد فيما يتعلق بتحديد الاسعار والاجور وحوافز العاملين وسياسات الانتاج والاستثمار وضبط الجودة وسياسات الشراء والعطاءات والمناقصات وغيرها. ونظرا لأن المرأة تمثل نصف عدد السكان في مصر، وزيادة نسبة التحاقهن بالمدارس والجامعات في مختلف التخصصات العلمية والادارية والاجتماعية وغيرها فقد شجعت هذه الظروف السيدات في مصر وفي الوطن العربي علي انشاء مشروعات استثمارية والقيام بادارتها بشكل مباشر سواء فيما يتعلق بالاشراف علي الانتاج أوالتسويق أوادارة العاملين ووضع ضوابط اداء العمل والرقابة علي جودة الاداء واستخدام الأساليب العلمية والحاسبات الآلية في دعم اتخاذ القرارات. وقد تمكنت بعض النسوة من الحصول علي التمويل من البنوك المحلية ومن صناديق التمويل ومن المدخرات التي قامت بعض النساء في تجميعها من العمل في بعض دول الخليج العربي بعد انتصار اكتوبر المجيد عام 1973 وما اعقبه من زيادة عائدات النفط لهذه الدول الامر الذي شجعها علي استخدام جانب من هذه الفوائض والعائدات في التنمية المحلية وزيادة طلبها علي الايدي العاملة بصفة عامة وعلي بعض المهن التي تقوم بها النساء بصفة خاصة مثل التعليم والتمريض والطب والمحاسبة والحاسبات الآلية وذلك خلال فترة اعارة الزوج أوعمله في هذه الدول وتصحبه الزوجة في كثير من الحالات، أو بالتعاقد المباشر للنساء مع جهات العمل في هذه الدول ثم استقدام الزوج بعد ذلك. وبعد انتهاء فترة العمل في الخارج تقوم المرأة بانشاء مشروع صغير أومتوسط الحجم في حدود رأس المال الذي تسمح به المدخرات العائلية للزوج والزوجة معا أوقيام بعض النساء بانشاء مشروعات في مصر بشكل منفرد وتولي أعمال الادارة والاشراف يوميا واكتساب مهارات العمل والسوق والادارة بالممارسة العملية. وفي بعض الحالات قامت بعض النساء بانشاء مشروعات بالمشاركة مع نساء اخريات في أنشطة اقتصادية وتقوم ببيع المنتجات في الداخل أوبالتسويق في الخارج وعرض المنتجات والاعلان عنها علي شبكة الانترنت لاستخدام آليات التجارة الالكترونية في التصدير. وبالفعل نجح كثير من السيدات في ادارة مشروعات في مجال السياحة والفنادق، وفي مجال التصدير والاستيراد، وفي مجال سوق المال والبورصات فضلا عن الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والتريكو، وبقية الانشطة الاخري التي تحتاج القيام باستخدام مدخلات من الخامات والسلع الوسيطة لتمويلها الي منتجات تامة الصنع مثل مشروعات الصناعات الجلدية والصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل والصيدليات ودخلت بعض النساء في مجالات طبع ونشر وتوزيع الكتب داخل البلاد وخارجها. وقد حققت الكثير من السيدات نجاحات هائلة في تلك المجالات بشكل منافس للمشروعات المماثلة التي يقوم الرجال بادارتها. ونظرا لوجود بعض المعوقات أوالمشكلات التي تواجه المرأة في ميدان الاعمال وادارة المشروعات فقد اتجه العديد من السيدات الي تكوين جمعيات لسيدات الاعمال ثتولي مناقشة المشاكل مع المسئولين ومحاولة وضع الحلول لها والتنسيق فيما بينهن في ادارة المشروعات وتبادل الخبرات وتكوين تحالفات لها وزن اقتصادي واجتماعي وسياسي يساعد في لفت انظار كبار المسئولين في الدولة الي هذه الجمعيات والاستماع الي شكاواها ومقترحاتها واصدار القرارات والتشريعات واللوائح التي تنظم الاعمال بشكل افضل وتعمل علي تقليل الوقت اللازم لاجراءات الحصول علي التراخيص والموافقات علي الانشاء وبدء النشاط وتقليل الرسوم والاعباء المالية المرتبطة بجميع هذه الاجراءات، والعمل علي تبسيط وتطوير اجراءات الرقابة والتفتيش علي الانشطة الاقتصادية بما لا يعوق النشاط أويعرقل عملية التطوير والتحديث. وذلك بالاضافة لسعي تلك الجمعيات الخاصة بسيدات الاعمال للاستفادة من المنح والعدم الذي تقدمه بعض المؤسسات والحكومات الاجنبية لتحديث المشروعات الاقتصادية فضلا عن الدعم الفني والتطوير التكنولوجي واللوجيستي الذي تقدمه بعض الجهات المحلية الحكومية ذات الاختصاص في مجالات التدريب الفني والادارة ورقابة الجودة والبيئة والسلامة والصحة المهنية وغيرها. وقد نجحت جمعيات سيدات الاعمال في أن تحسب ثقة القيادة السياسية والتعاون مع مؤسسات دعم المرأة والمجلس القومي للمرأة والحصول منها علي تعهدات بتذليل العقبات وازالة المعوقات التي تواجه سيدات الاعمال أوتقف عقبة في سبيل التوسع في الاستثمار وما يرتبط بذلك من تشغيل للايدي العاملة والمساهمة في علاج مشكلة البطالة بصفة عامة وبطالة المرأة المعيلة بصفة خاصة. وقد امتد نطاق التعاون بين جمعيات سيدات الاعمال الي خارج البلاد للتعاون والتنسيق مع الجمعيات المناظرة لها في الدول العربية الشقيقة وفي بعض الدول الاجنبية مثل الولاياتالمتحدةالامريكية وبريطانيا وجنوب افريقيا والصين واللاتي شاركن بالفعل في المؤتمر الذي عقدته جمعية سيدات الاعمال في مصر خلال الفترة "19 - 21 نوفمبر 2005"، وهوالملتقي الاقتصادي الثاني لسيدات الاعمال تحت عنوان "الاستثمار في ظل الإسلام"، وذلك ضمن أنشطة "مجلس سيدات الأعمال العرب" الذي أنشئ منذ عدة سنوات كمنظمة اقتصادية تضم نخبة من الكفاءات والخبرات النسائية وتسعي لتمكين المرأة من الإسهام الفعال في العمل الاقتصادي العربي مواجهة الفقر والأمية للمرأة وضآلة فرص العمل للنساء في الوطن العربي بالإضافة إلي محاربة جميع صور العنف ضد النساء، وتكثيف وتنسيق الجهود لتنمية العلاقات الاقتصادية لجميع القطاعات في ظل بيئة اقتصادية واجتماعية آمنة وتحفيز الاستثمار واستيعاب الدور الاقتصادي الواعد للمرة، وتوجيه الاستثمارات لدعم المشروعات الوطنية لتحقيق التكامل الاقتصادي وتأكيد ثقافة الحوار تجاه الآخر والسعي نحوايجاد بيئة آمنة تنعكس إيجابا علي النموالاقتصادي المنشود ولا يفضل دور المؤسسات التعليمية ودورها المطلوب. وقد طالبت سيدات الأعمال في الملتقي المشار إليه الحكومات العربية بتوفير المناخ الآمن والمستقر الذي تستطيع النساء من خلاله ممارسة أعمالهن الاقتصادية والسياسية المقررة في الدساتير العربية دون تفرقة. فضلا عن المطالبة بدعم وتشجيع برامج التدريب الهادفة إلي توفير وتطوير القدرات البشرية والمهارات الاقتصادية والإدارية لسيدات الأعمال العرب وتقديم الدعم الفني لهن في مجال إقامة المشروعات الاقتصادية في مختلف الأقطار العربية، وإنشاء بنك للمعلومات عن سيدات الأعمال العرب وآفاق وفرص الاستثمار المتاحة في المنطقة العربية، ودعوة وسائل الإعلام العربية لتبني ونشر ثقافة العمل الحر وإبراز النماذج الناجحة من سيدات الأعمال العرب وعرض التحديات التي تواجه الأنشطة الاقتصادية للمرأة العربية وكيفية مواجهتها. وفتح آفاق التعاون المشترك بين مجلس سيدات الأعمال العرب وجميع المشروعات النسائية البيئية في مختلف الدول العربية، وإيجاد بيئية ملائمة للحوار البناء بين سيدات الأعمال العرب ونظيراتهن في جميع أنحاء العالم في اتجاه بناء علاقات ثقافية واقتصادية وتبادل الخبرات في المعارف والمهارات في مجال النظم الحديثة في إدارة المشروعات بواسطة النساء ومواجهة منافسة المشروعات التي يديرها الرجال في مختلف الأنشطة الاقتصادية.
