شهدت الفترة الماضية صخبا واسعا حول تمسك مصر بدخول قافلة شريان الحياة3 عبر أراضيها إلي قطاع غزة مع التشديد علي ضرورة أن يتم ذلك من خلال الإجراءات التي أقرتها الأجهزة المعنية المصرية. حول هذه الضجة وأسبابها وملابسات وتفاصيل ما تم علي مدي الشهور الماضية ومنذ اتخاذ مصر لتلك الإجراءات وحتي وصول القافلة إلي ميناء العقبة ثم عودتها مرة أخري للدخول عبر ميناء العريش ثم افتعال مجموعات بالقافلة لأزمة علي الحدود. وإثارة المشاكل واقتحام وتحطيم بوابة الميناء. كان هذا الحديث مع السفير حسام زكي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الذي أكد في البداية علي أن أية قوافل مساعدات تطلب الدخول إلي قطاع غزة عبر الأراضي المصرية هي محل ترحيب من مصر شريطة الالتزام بما وضعته مصر من آليات. * هل يمكن أن تكون المجموعات الموجودة بقافلة شريان الحياة3 ممن تسببت في حدوث أزمة أمس الأول جاءت لتقديم المساعدة للشعب الفلسطيني.. أم هي جماعات متطرفة من حماس وحزب الله, ولديها سيناريو لافتعال أزمات وإحراج مصر وإظهارها وكأنها ضد الشعب الفلسطيني؟ { لا أريد أن أخوض في التصنيفات السياسية للمشاركين في هذه القافلة, الكل يعلم تضامنهم مع القضية الفلسطينية ولكن كم من الخطايا يمكن أن ترتكب تحت دعوي مساندة هذه القضية النبيلة, أما مسألة علاقتهم مع حركة حماس فهي مسألة يجب ألا تعنينا بقدر كبير إذا كانوا يحترمون الإجراءات والسيادة المصرية كما في أي دولة أخري. * ماهو ردكم علي ادعاءات حماس بأن القاهرة شريك في عملية حصار غزة؟ { هذا كلام كاذب وباطل, وإذا كان هناك من لايعلم ماتمثله القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر قيادة وشعبا, فهو بالتأكيد أعمي تماما, لكن اعتدنا علي مثل هذه المقولات من البعض علي الجانب الفلسطيني, ولحسن الحظ هناك عقلاء يعلمون الحقائق. * نلاحظ أن هناك ملامح لحملة إعلامية علي مصر في هذا التوقيت تذكرنا بالحملة الإعلامية التي حدثت في أثناء الحرب الإسرائيلية علي غزة.. هل لديكم هذا الانطباع وإذا كان صحيحا فما العمل؟ { بالفعل هناك ملامح كثيرة نرصدها لحملة منظمة يشارك فيها بشكل أساسي كل من ينتمي للتيارات المساندة للحكم الحالي في غزة والذين يريدون إنجاح تجربة الحكم الحالي ولهذا نلاحظ أن الكثير من الكتابات والتغطية الإعلامية منحازة لمصلحة هذا الفكر وهو ما كان يحدث أيام الحرب علي غزة, لكن الأمل هو في أن يدرك المستنيرون من أبناء هذا البلد أن هناك اعتبارات عليا تخص أمن وسيادة الدولة المصرية لا مجال للعبث بها ولا يمكن السماح لأي من كان بالاجتراء عليها, وأعتقد أنه عندما يتحرك الإعلاميون وفق هذه الذهنية وهذا النهج سوف يمكن التصدي بنجاح لمثل هذه الحملة. * نلاحظ أن الحديث عن معبر رفح عاد ليتكرر في الوقت الحالي مرة أخري بنفس الوتيرة وكأن مصر تحكم إغلاق المعبر؟ { هذا كلام غير صحيح ومن يقول هذا ليس فقط لا يعرف شيئا عن الحقيقة وإنما لا يتابع حتي وسائل الإعلام, أريد أن أقول لك إن هناك ما يزيد علي75 ألف فلسطيني عبروا معبر رفح خلال عام2009 فقط إلي داخل مصر, عبروا في أكثر من15 مرة فتح فيها المعبر في اتجاه مصر علي مدي ال12 شهرا الماضية سواء للعلاج أو للدراسة أو لأي أغراض عائلية أو تجارية أخري, ولا أعتقد أن إدخال مثل هذا العدد إلي مصر يمكن أن يشكل إغلاقا محكما للمعبر كما يحلو للبعض أن يردد, وأريد أن أقول لك أيضا معلومة لا يعرفها الكثيرون وهي أن معبر رفح مفتوح بشكل شبه دائم في اتجاه المرور إلي داخل غزة, إذن القول بإغلاق المعبر من جانبنا فيه إجحاف كبير لما تقوم به مصر. * ردد البعض أنه كانت هناك وساطة تركية للسماح للقافلة شريان الحياة3 بدخول غزة وسبق أن نفيتم هذا الموضوع.. ما الحقيقة وراء ما تردد في هذا الشأن؟ { المنظمات التركية شاركت بنصيب الأسد في هذه القافلة ولكن الأتراك لم يضطلعوا من جانب المنظمين الرئيسيين علي الموقف المصري بشكل كامل, وربما ظنوا أن الأمر يمكن أن يسوي في العقبة وأن الدخول من نويبع سيكون الخيار الوحيد المتاح أمام مصر, لكنهم تبينوا بعد يومين أن الموقف المصري غير مستعد للتراجع وأن الأفضل لهم إذا كانوا يريدون تسليم معوناتهم أن يتجاوبوا مع ما تطلبه مصر, وبالتالي اتصلوا بنا بشكل مباشر بعيدا عن المنظمين البريطانيين وطلبوا السماح بالدخول من العريش, فكانت الإجابة المصرية هي تأكيد موقفنا بالترحيب بالقافلة ودخولها من العريش وعندما وصلتهم هذه الإجابة تحركوا وبالتالي قادوا معهم بقية القافلة. * وما آلية استقبال قوافل الإغاثة في مصر؟ { الأجهزة المصرية المعنية وهي وزارة الخارجية ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة أقرت في شهر يوليو2009 الماضي الآلية المصرية لإستقبال قوافل الإغاثة الموجهة إلي قطاع غزة ومن خلالها تم اختيار مرفأ العريش ليكون هو نقطة الدخول الوحيدة لمواد الإغاثة وذلك بعد أن تسبب ورود آلاف الأطنان من المساعدات علي الموانيء المختلفة في إرباك إداري شديد لأجهزة الدولة المختلفة أخذا في الاعتبار مسألة التخليص الجمركي وما تم إعادته من شحنات إغاثية عقب فتحها لعدم صلاحيتها للإستخدام سواء لانتهاء مدة صلاحيتها أو لأنها مواد مستعملة, بالإضافة إلي أن ميناء العريش يعد النقطة الأقرب لقطاع غزة وأيضا لقربه من مناطق التخزين في مدينة العريش إذا ما إستدعت الحاجة لتخزين بعض المواد. * متي وكيف بدأت أزمة قافلة شريان الحياة3 ؟ { الأجهزة المعنية المصرية تابعت التحضير للقافلة علي الموقع الإلكتروني الخاص بجمعيةVivaPalestina التي يشرف عليها النائب البريطاني جورج جالاوي, وقامت السفارة المصرية في لندن يوم10 نوفمبر2009 بإرسال خطاب إلي النائب البريطاني تبلغه فيه بالآلية المصرية التي أشرت إليها لاستقبال القوافل الإغاثية بقطاع غزة والتي تشير إلي ضرورة دخول القوافل عبر ميناء العريش, إلا أن القافلة إنطلقت يوم6 ديسمبر من أمام البرلمان البريطاني بدون تقديم أي طلب لمصر من المنظمين فضلا عن عدم الرد علي الرسالة التي وجهتها سفارتنا. * إذن ما الإجراء الذي اتخذته السفارة المصرية بعد ذلك؟ { السفارة وجهت مجددا في10 ديسمبر وعقب مغادرة القافلة لندن خطابا إلي النائب جورج جالاوي تؤكد فيه الآلية المصرية وأهمية دخول مواد الإغاثة عبر ميناء العريش, لكنها لم تتلق رداعلي هذه الرسالة أيضا, ونتيجة تجاهل جالاوي الرد علي رسالتي السفارة قامت بالمبادرة بالاتصال بمكتب النائب البريطاني وتم تأكيد ضرورة إلتزام القافلة التزاما حرفيا بالآلية المصرية المتبعة لإستقبال القوافل, كما طلبت موافاتها ببيانات وأسماء المشاركين في القافلة وكذلك كشف بالمواد التي تحملها حيث لم يقم جالاوي بموافاتنا بتلك البيانات حتي هذا التاريخ, أي بعد أحد عشر يوما من انطلاق القافلة من لندن, وتلقت السفارة في ذات اليوم قوائم بالمشاركين وقوائم بالمساعدات التي تحملها ثم تلقت تعديلا علي تلك البيانات يوم20 ديسمبر. وبناء علي تعليمات القاهرة قامت السفارة المصرية في لندن في اتصالاتها وللمرة الرابعة بالتأكيد للنائب جالاوي علي قرار السلطات المصرية السماح للقافلة بالتوجه إلي قطاع غزة في اليوم الذي اقترحه النائب البريطاني27 ديسمبر وذلك شريطة الالتزام الحرفي بجميع القواعد والإجراءات المصرية المنظمة لدخول قوافل الإغاثة, لكن علي الرغم من كل ما تقدم وبرغم كل التأكيدات المصرية المتتالية فوجئت مصر بإصرار جالاوي علي تجاهل التعليمات المصرية حيث توجهت القافلة إلي الأراضي الأردنية ثم جنوبا إلي مدينة العقبة الأردنية تمهيدا لمحاولة الدخول إلي الأراضي المصرية عبر ميناء نويبع البحري خلافا للآلية المصرية المشار إليها. وفي ضوء استشعار مصر محاولة منظمي القافلة فرض سياسة الأمر الواقع وتجاهل التعليمات المصرية أعلنت مصر انها لن تسمح بدخول القافلة إلا من ميناء العريش وهو ما قامت القنصلية المصرية في العقبة بإبلاغه إلي جورج جالاوي خلال استقبالها له.