كتب: عادل إبراهيم: مع زيادة احتياجاتنا من الغاز الطبيعي لتلبية استهلاكنا المحلي والتصدير, فان شركات أجنبية حققت اكتشافات كبيرة من الغاز بمناطق المياه العميقة شمال الإسكندرية وغرب البحر المتوسط ذات الضغوط الشديدة ودرجات الحرارة المرتفعة والتي تتطلب استثمارات ضخمة تقدر بنحو8 مليارات دولار بالإضافة إلي مليار دولار أنفقتها شركتي( بي. بي) البريطانية وآر دبليو ديا الألمانية حيث اكتشفتا احتياطيات تقدر بنحو5 تريليون قدم مكعب غاز و55مليون برميل متكثفات. ولكن بشروط الاتفاقيتين الحالتين مع الشركتين فان الجانبين المصري والأجنبي يواجهان أعباء ومخاطر مالية صعبة للإنتاج والتنمية بالحقول المكتشفة, فالمطلوب من هيئة البترول سداد3 مليار دولار سنويا منها2 مليار دولار لسداد استثمارات التنمية ومليار دولار قيمة شراء حصة الشريك الأجنبي بسعر65 ر2 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بعد تعديل بند تسعير الغاز, أما بالنسبة لتكاليف التي يتحملها الشركاء الأجانب والتي تصل إلي9 مليار دولار فالعائد علي الاستثمار بشروط الاتفاقيتين الحالتين لا يتجاوز5% بينما هذا العائد بدول أخري ومنها العراق يصل إلي25%, وبموجب الاتفاقيتين الحالتين فان الشركاء الأجانب يمكنهم الاحتفاظ بمنطقتي الامتياز وبدون الإنتاج منهما رغم وجود احتياطيات الغاز الضخمة نظرا لوجود عقد تنمية للمنطقتين مدته20 عاما, ولا تستطيع هيئة البترول طرح مزايدة عالمية جديدة لاستغلال المنطقتين الصادر لهما الاتفاقيتين بقوانين عام1992 وعام1999, وليس سرا أن شركة شل سوف تعلن قريبا التخلي عن منطقة امتيازها بالمياه العميقة شمال شرق البحر المتوسط بعد أن أنفقت مليار دولار, وفي حالة احتفاظ الشركاء الأجانب بالمنطقتين وبدون إنتاج الغاز حتي تنتهي مدة عقد التنمية وهي20 عاما فان ذلك يؤدي إلي صعوبة تلبية احتياجات السوق المحلي من الغاز مستقبلا حيث أن التكلفة التي تتحملها الدولة تصل إلي6 ر2 مليار دولار سنويا قيمة استيراد كميات الوقود السائل معادلة للغاز المستهدف إنتاجه بالمنطقتين, ولذلك تم التوصل إلي تعديل مقترح للاتفاقيتين بعد مفاوضات مكثفة استمرت أكثر من عام بين هيئة البترول والشركتين البريطانية والألمانية لتنمية الاحتياطيات بالحقول المكتشفة وبدء إنتاج الغاز للسوق المحلي اعتبارا من أكتوبر2014 بمتوسط900 مليون قدم مكعب غاز و10آلاف برميل متكثفات يوميا لمدة8 سنوات. وهذا التعديل هو الأول من نوعه والذي لا يتحمل فيه قطاع البترول اي تكاليف لحفر آبار إنتاجية الذي تصل فيه تكلفة البئر في المياه العميقة ما يتراوح بين150-180 مليون دولار. وخلال لقاء موسع للصحفيين بحضور وزير البترول المهندس سامح فهمي طرحت تساؤلات حول كيفية استفادة مصر من تعديل الاتفاقيات بالمياه العميقة وهل سيتم التطبيق في اتفاقيات أخري؟ فأوضح عددا من قيادات قطاع البترول عدة مزايا منها قيام الشركات الأجنبية بتحمل المخاطرة و قيمة الاستثمارات المطلوبة وبدون استرداد للتكاليف, وتسليم الغاز المنتج إلي هيئة البترول بمعادلة سعرية بسعر بحد أدني3 دولار وبحد أقصي1 ر4دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية, بعد4 سنوات من بدء الإنتاج يتم مراجعة أسعار الغاز بناء علي التكلفة والاحتياطي والإنتاج ثم كل5 سنوات بحد أقصي وأدني لا يتجاوز15% عن السعر وفي حالة اكتشاف بترول خام يتم اقتسام الإنتاج بنسبة50% والبوتاجاز والمتكثفات المستخلصة ملك للهيئة بنسبة100%. يلتزم الشركاء الأجانب ببدء الإنتاج في1 يوليو2014 وهذه هي المرة الأولي في الاتفاقيات التي يتم فيها تحديد ميعاد لبدء الإنتاج ويدفع الشركاء الأجانب غرامات تأخير بدء الإنتاج عن الميعاد المحدد ويدفع الشركاء الأجانب منح إنتاج وفي حالة زيادة الإنتاج بالحقول المكتشفة عن5 تريليون قدم مكعب غاز و55 مليون برميل متكثفات يتم تقسيم الزيادة في المتكثفات بنسبة50% للهيئة وبالنسبة للغاز تحصل الهيئة علي39% من الاحتياطي الجديد وبدون تحمل أي نفقات. وتنتقل ملكية أصول المشروع إلي هيئة البترول بالكامل عند بدء الإنتاج. وقد قامت وزارة المالية بالتعاقد مع خبير أجنبي عالمي لدراسة وتقييم النموذج الاقتصادي لهذا التعديل حيث أكد في تقريره أن التعديل المقترح يحقق عائد اقتصادي مناسب علي الاستثمارات لشريك الأجنبي يبلغ6 ر8% بدلا من5%. وحول التساؤل حول إمكانية تطبيق التعديل الجديد في الاتفاقيات البترولية الأخري؟ جاءت الإجابة واضحة بأن ذلك ممكن ولكن بتوافر6 شروط تشمل ضخ استثمارات كبيرة لتنمية حقول الغاز المكتشفة والاحتياطيات لاتقل عن2 إلي3 تريليون قدم مكعب, ومنطقة الامتياز تكون في المياه العميقة بالبحر المتوسط أو البحر الأحمر و الخزانات الجوفية للغاز والبترول متفرقة وذات ضغوط وحرارة عالية. و بمناطق ذات مخاطرة عالية و أن يحقق التعديل أهداف الدولة من حيث تأمين إمدادات الغاز و البترول مع تحقيق عائدات مناسبة للشريك الأجنبي.